اهتممت بكلمة المستشار عدلى منصور عندما طلب الحزم فى مواجهة الإرهاب، ثم طلب الاهتمام من السيد المستشار رئيس استئناف القاهرة بزيادة عدد دوائر الإرهاب.. ولكن فى حقيقة الأمر، فإن زيادة عدد الدوائر ليست حلاً للحصول على أحكام ناجزة. لأن أى محاكمات تتبع الإجراءات الجنائية الحالية تتم على عدة مراحل، الأولى هى محكمة الجنايات التى تحاكم المتهمين الآن.. وعند صدور حكمها يطعن المتهمين أمام محكمة النقض (المرحلة الثانية) التى تراقب على تطبيق القانون فقط، ولا تتعرض لموضوع الدعوى، فإذا قبلت الطعن، تعيده مرة أخرى لمحكمة جنايات أخرى.. .. (المرحلة الثالثة) محكمة الجنايات هذه وتسمى محكمة الإحالة تنظر القضية من البداية مرة أخرى، وتسمع الشهود مرة أخرى، ثم تصدر حكمها.. الذى قد يطعن عليه أمام محكمة النقض مرة أخرى (المرحلة الرابعة)، وهنا محكمة النقض تنظر القضية كاملة موضوعاً وشكلاً وقانوناً، ويكون حكمها الأخير والبات. كل مرحلة من هذه المراحل قد تأخذ ستة أشهر، وقد تأخذ سنة.. وبالتالى نجد أن أى قضية من ارتكاب الجريمة حتى تنفيذ الحكم قد تمر بالمراحل الأربع، التى قد تصل إلى أربع سنوات كحد أدنى.. وأنا أرى أنها مدة طويلة جداً لتنفيذ العقوبات، وأن ذلك يؤثر سلباً على حالة الشارع، ويحول دون تطبيق الفكر العقابى، وهو ردع كل من تسول له نفسه فى ارتكاب مثل تلك الوقائع. الأمر الذى يتطلب إجراءات جنائية استثنائية لمثل تلك المحاكمات.. وحيث إن الدولة تعد الآن قانوناً لمكافحة الإرهاب تشرع فيه نوعيات الجرائم الإرهابية وعقوبتها وكيفية الشروع فيها، لذا وجب على المشرع أن يصنع لها إجراءات خاصة وأقترح الآتى: أولاً: أن تكون جميع هذه المحاكمات على درجتين (مرحلتين).. الأولى هى محكمة الجنايات التى تتصدى للدعوى من بدايتها، والمرحلة والدرجة الثانية تكون محكمة النقض التى تكون بمثابة محكمة استئناف ونقض فى آن واحد، تنظر موضوع القضية وصحة تطبيق القانون عليها، وتكون أحكامها نهائية باتة. ثانياً: يجب أن تقيد المحاكم بمدد زمنية فى المحاكمات، أمام محاكم الجنايات أو محكمة النقض لسرعة إنجاز القضايا. ثالثاً: يعطى الحق للمحكمة فى تقدير طلب سماع الشهود وطلبات الدفاع، حتى لا يكون ذريعة لتأخير القضايا. حيث إن القاعدة يجب على المشرع أن يضع قوانين تساعد المحكمة فى سرعة إنجاز الأحكام سواء بالإدانة أو البراءة. وهذا الفكر ليس مستحدثاً على العمل القضائى؛ بل بالأمس القريب كانت محاكم أمن الدولة العليا التى كان قضاؤها على درجة واحدة، ولا يجوز فيها التظلم إلا أمام ذات المحكمة، وهكذا نص الدستور الحالى بالمادة (159) منه بأن محاكمات رئيس الجمهورية تكون على درجة واحدة، وأحكام المحكمة فيها لا تقبل الطعن. أيضاً نصت المادة (240) من الدستور الحالى باستئناف الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات، وهذا من الممكن أن يتحقق عندما تنظر محكمة النقض موضوع الدعوى وتصدر حكماً نهائياً وباتاً فى القضية توفيراً لمدد النزاع أمام المحاكم. كما نص الدستور أيضاً فى المادة (237) بأن تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب بكل صوره، وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب. فكل هذه النصوص تدعم قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذى يضع إجراءات استثنائية فى محاكمة قضايا الإرهاب، وأن تكون على درجتين فقط، وأن يحدد لها مدة نظر الدعوى أمام كل درجة كما ذكرنا سلفاً.