لا يمكن لدستور دولة حديثة إلا أن ينص على المساواة الكاملة بين النساء والرجال. وبالقطع سيضمن الدستور المصرى الجديد نص المساواة الكاملة هذا وكذلك نصوصا تحظر التمييز على أساس النوع. إلا أن حماية حقوق وحريات المرأة المصرية فى الدستور، وبالنظر لأوضاعنا المجتمعية، تستدعى نصوصا إضافية وتقتضى الابتعاد عن نصوص خطيرة لها أن تفرغها من المضمون. ظلمت المرأة المصرية طويلا فى ما خص حقوقها الاقتصادية والاجتماعية. فالمرأة العاملة، والمرأة معيلة الأسرة، والمرأة محدودة الدخل والفقيرة، والمرأة المطلقة جميعهن تعرضن وما زلن لانتقاص منظم لحقوقهن ومن كرامتهن. ووسيلة أولى لمواجهة هذا الظلم المتراكم هى إلزام الدولة بنصوص صريحة فى الدستور بمبدأ المساواة الكاملة وبإجراءات التمييز الإيجابى لصالح المرأة إلى أن تتحول المساواة إلى واقع معاش. والهدف، على سبيل المثال، هو أن نمكن المرأة العاملة من الحصول على فرصة العمل دون تمييز ضدها ومن أن تعمل وفقا لذات منظومة الحقوق والامتيازات التى يتمتع بها الرجل العامل مع مراعاة الواجبات الإنجابية والأسرية للمرأة. الهدف أن نمكن المرأة المعيلة والمرأة محدودة الدخل من ذات الضمانات والتأمينات الاجتماعية التى هى حق قانونى للرجال وحق مكتسب فقط للقادرين والقادرات. ظلمت المرأة أيضا بالانتقاص من حقوقها السياسية، إن بمحدودية كارثية لتمثيلها فى المجالس التشريعية والمناصب التنفيذية أو فى ما خص اعتماد بعض القوى السياسية لبرامج وسياسات تحول دون مساواة المرأة بالرجل فى حقوق الترشح وتقلد المناصب. هنا ينبغى النص فى الدستور، وبجانب نص المساواة الكاملة، على التزام الدولة باعتماد قوانين وإجراءات ترفع من تمثيل المرأة تشريعيا وتنفيذيا وتمكنها من ثم سياسيا. وقناعتى أن اعتماد كوتا المرأة فى البرلمان وفى الحكومة والمناصب التنفيذية الأخرى، كالمحافظين وغيرهم، هو الحل الأمثل فى هذا الصدد، على أن يتم وضع حد زمنى لتطبيق الكوتا (عشر سنوات مثلا) تختبر من بعده نتائجها الفعلية. ليس النص على قوانين وسياسات وإجراءات التمييز الإيجابى لصالح المرأة فى الدستور ببدعة منى، فنصوص كهذه تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يرد ذكرها فى الكثير من دساتير الدول الديمقراطية. ولن يتحول الدستور المصرى الجديد بالنص عليها لوثيقة تفصل فى ما لا يستحق التفصيل كما يدعى البعض، بل إلى وثيقة حديثة تفعل مبدأ المساواة الكاملة وتترجمه. أما النصوص الخطيرة التى قد تضمن فى الدستور الجديد ولها أن تعصف بحقوق وحريات المرأة فأناقشها بالغد.