- يسقط كل من خان: عسكر فلول إخوان! كثيراً ما نسمع الكلمات السابقة من بعض- ما سمي- بالنشطاء السياسيين والحركات الثورية, وعندما نستمع إلى مبرراتهم لقول هذا الشعار نراها منطقية إلى حد ما.. فهم يتحدثون عن اعتقالات عشوائية, استعمال مسرف للقوة من جانب الأجهزة الأمنية يؤدي إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين, حملات إعلامية ممنهجة ضدهم وضد كل ما يمت لثورة يناير بصلة بهدف إقناع الرأي العام أن ما حدث في يناير 2011 ما هو إلا مؤامرة أمريكية- إخوانية ضد زعيمهم المخلص مبارك! . . الحقيقة أن هذه المبررات تكفي لمعاداة النظام الحالي, وإذا تأملناها سنجد أن معظمها تهاجم وزارة الداخلية وليس الجيش! . . اذاً فما الذي يدفع هؤلاء للزعم أن السلطة الحالية هي في يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟!.. إن كلامهم عن قمع الأجهزة الأمنية لكل من يعارض النظام الحالي- حتى لو كان من أكثر الناس التي هاجمت الإخوان وقت حكمهم- صحيح فعلاً ولا أعتقد أن باستطاعة أحد أن ينكره أو يبرره (ما علاقة حبس أحمد دومة بالحرب على الإخوان والإرهاب؟!) . . وهذا إن دل على شيء, فهو يدل على استبداد النظام الحالي ولا يدل- بالضرورة- على أن الجيش هو الذي يحكم. . لماذا؟! . . لأن هذه الأساليب تم استعمالها سابقًا من قبل نظام الإخوان ومحمد مرسي بالرغم من أنه لا يحمل خلفية عسكرية! . . كانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قد وثقت 154 شهيداً سقطوا في عهد محمد مرسي, بعضهم رمياً بالرصاص والبعض الآخر من جراء التعذيب داخل معسكرات الأمن المركزي (كان أبرزهم الشهيد محمد الجندي!) . . في 27 يناير 2013 عندما كان أهالي بورسعيد يحملون أكفان شهدائهم, أطلقت الشرطة عليهم النيران فسقط شهداء جدد وأصيبت بعض الجثث بالرصاص! . . وخرج محمد مرسي يومها ليشكر رجال الشرطة (القتلة!) . . وكانت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان قد وثقت 3462 معتقلاً في عهد مرسي! .. وكان مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب قد وثق شهادات لبعض المعتقلين أكدوا فيها ممارسة ضدهم تعذيب بشع, يصل في بعض الحالات إلى الاغتصاب الجنسي! . . كل ذلك كان قد حدث في عهد الرئيس المدني الإسلامي, ولم يكن للجيش وقتها أي سلطة أو حكم.. الخلاصة أن الحكم المستبد لا يعني- بالضرورة- الحكم العسكري, فليس هناك أي مانع من حكم مدني ديموقراطي على يد رئيس عسكري سابق أو حكم مستبد فاشي (المعني الحقيقي للحكم العسكري) على يد رئيس مدني لا خلفية عسكرية له! . . والآن! .. ما هو التفسير الصحيح للمشهد السياسي الحالي؟! .. هل كل من 25 يناير و30 يونيو ثورة مستقلة بذاتها؟! .. الحقيقة أنه لا يوجد في التاريخ ثورة تبدأ وتنتهي في 18 يوماً ولا ثورة تبدأ وتنتهي في 4 أيام! . . والثورات لا تعني- بالضرورة- إسقاط رؤساء مستبدين, فالرئيس المستبد يمكن أن يتوفاه الله أو يحدث ضده انقلاب عسكري فيسقط! .. واذا أسمينا أي إسقاط لرئيس ديكتاتور بثورة, فسيمكننا- بهذا المنطق- أن نقسم الثورة الفرنسية لعشرات الثورات (كل ما رئيس يمشي ثورة!) . . أيضاً فإن التجمعات الشعبية (مهما كانت كبيرة) لا يمكن أن تكون ثورة مستقلة بذاتها وإلا, بهذا المنطق, فإن مليونية 26 يوليو 2013 كانت ثورة جديدة! . . ألم ينزل وقتها ملايين المصريين بكثافة أكبر من 30 يونيو؟! . . في رأيي, إن 25 يناير كانت الموجة الأولى من الثورة المصرية وليست ثورة مستقلة بذاتها تبدأ وتنتهي في 18 يوماً! . . و30 يونيو هي الموجة الثانية وليست ثورة مستقلة بذاتها منفصلة عن ما سبقها مثلما يدعي بعض رموز نظام مبارك, وليست انقلاباً عسكرياً مثلما يدعي الإخوان. . في أي دولة في العالم من حق البرلمان أن يسحب الثقة من رئيس الجمهورية ويجبره على خوض انتخابات رئاسية مبكرة, مصر لم يكن لديها برلمان, والبرلمان هو وكيل الشعب. . فإن غاب الوكيل (البرلمان) ترجع السلطة إلى الموكل (الشعب). . وبالتالي فإن جمع التوقيعات لسحب الثقة من محمد مرسي كان إجراء ديمقراطيًا تماماً, وعندما تعدى عدد الموقعين عدد الذين انتخبوا مرسي بصوت واحد سقطت شرعيته, وأصبح مجبراً على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. ونزل أكثر من 33 مليون مصري في 30 يونيو يطالبون بإسقاط الدستور الباطل وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة, ولكنه تجبر وتكبر ورفض تلبية مطالب ملايين المصريين.. فانحاز الجيش للشعب وأعلن عن خارطة الطريق للتحول الديمقراطي.. ولكن- للأسف- فقد سقط الرئيس واستمر الاستبداد! لقد كانت تجاوزات الشرطة هي السبب الرئيسي في قيام 25 يناير, وسقط مبارك واستمر قمع الشرطة للمعارضين في فترات حكم المجلس العسكري السابق وحكم الإخوان وإلى الآن! إن إصلاح جهاز الشرطة يعني, ببساطة, تطبيق القانون على الجميع.. فليس من العدل أبداً أن تدافع الشرطة عن نفسها من يطلقون الحجارة بالرصاص الحي في الرأس والصدر! .. هنا لا أقصد- بالطبع- مظاهرات الإخوان, فأغلبية مظاهراتهم مسلحة وتطلق الرصاص على الشرطة والأهالي فيسقط منهم شهداء! .. وسقط في الشهور الأخيرة ما لا يقل عن 300 شهيد من الجيش والشرطة, وهم ضحايا الإرهاب الذي يضرب مصر بقوة في سيناء والمنصورة وكرداسة وباقي المحافظات! . . وفي المقابل فهناك العديد من الأبرياء قتلتهم الشرطة نعرف وتعرف أنهم (لا إرهابيين ولا نيلة!) . . الخلاصة أن إنتصار الثورة المصرية لن يتحقق إلا بإعادة هيكلة وزارة الداخلية. . وإلا, فسيسقط رؤساء ويتم تبديلهم. . وسيستمر القمع!