«اليوم عيد.. الكل عائد بفرحة تطل مشرقة.. من الشفاه والعيون.. ودارنا ستنتظر.. صغيرتى ستنتظر.. تعزف الأشواق تعصر الأسى».. تلك بقايا من كلمات لأنشودة ل«أبى مازن» أبرز المنشدين الذين تربت عليهم أجيال مختلفة من الإخوان. وهى تشرح إحساس أسرة «المعتقل» بلحظات العيد، وكيف يشوبها المرار، وتلوّنها الأحزان، ويسودها الحرمان، بسبب غياب الأب أو الأخ أو العائل -أياً كان- فى غياهب السجون. وأتصور أن الكثير من أبناء جماعة «الإخوان» يعرفون هذه الأنشودة جيداً، وربما كان الرئيس «محمد مرسى» وكثير من المحيطين به من أعضاء الجماعة يحفظونها عن ظهر قلب. اليوم يأتى عيد الفطر ولا يوجد فى سجون مصر معتقل إخوانى واحد، فقد خرج الجميع خلال الثورة، وبعدها، وكل منهم يعيش الآن لحظات الدفء بين أفراد أسرته وأحبته خلال أيام العيد، ويغرق فى إحساس النشوة بالنصر والتمكين للجماعة بين إخوانه، بعد أن استطاعوا أن يظفروا بحكم مصر، ودان له بر المحروسة. اليوم لا يوجد أسرة «إخوانى» واحد تحيا ذلك الإحساس، وتعيش تلك المشاعر التى عبر عنها «أبو مازن» فى أنشودته، لكن هناك آلاف الأسر من معتقلى الثورة يغرقون فى مشاعر الحزن والأسى، بسبب تغييب أحبتهم وراء قضبان السجون. نعم لقد أصدر الرئيس مرسى قراراً بالإفراج عن بعضهم، لكن هناك أعداداً أكثر من تلك التى أفرج عنها ما زالت تقبع فى السجون، ممن تم القبض عليهم فى أحداث محمد محمود وقصر العينى والتحرير وماسبيرو والعباسية. آباء وأمهات وزوجات وإخوة وأبناء هؤلاء المعتقلين يعانون الآن ذلك الإحساس المرير الذى كان الإخوان يرددونه فى أناشيدهم ذات يوم، لكنهم يبتلعون المرار فى حلقهم ويعتقلون أحاسيسهم دون أن يترجموها إلى كلمات ينشدها ويتغنى بها منشدون. وبغض النظر عما يزعمه البعض من أن بعض المعتقلين الذين أفرج عنهم الرئيس «محمد مرسى» من المتهمين فى قضايا جنائية وكان سيتم الإفراج عنهم تلقائياً دون حاجة لقرار رئاسى، إلا أننى سأفترض أن الصدق يقطر من لسان الرئيس واللجنة التى شكلها لبحث ملفات المعتقلين فى سجون العسكر، لكننى -من جهة أخرى- لا أرى مبرراً لاستمرار آلاف الشباب رهن الاعتقال حتى الآن، لا لشىء إلا لأنهم هتفوا بسقوط حكم العسكر قبل أن يهتف الإخوان، وقبل أن يتخذ «مرسى» قراره بإقالة المشير والفريق.. وقد انتفع الإخوان بذلك -أيما انتفاع- خلال انتخابات مجلس الشعب، واستفاد «مرسى» من تضحيات هذا الشباب أعظم استفادة خلال انتخابات الرئاسة. وليعلم الرئيس أن وجود مظلوم واحد بين هؤلاء الآلاف من المعتقلين سوف يحمّله وزراً عظيماً، لأن تبرئة ألف مذنب خير من إدانة برىء واحد!.