دعونا نعترف فى البداية كعادتنا أن الحمل ثقيل للغاية على السيد وزير التجارة والصناعة.. خاصة أنه يحمل هموم التجارة وهموم الصناعة فى مصر التى تدهورت فيها التجارة وتتعثر وتتدهور فيها الصناعة فيما بعد مؤامرة ثورة 25 يناير 2011.. ودعونا نعترف أن كل تجارة فيها أزمة، وكل صناعة فيها أزمات خلال الثلاثة أعوام الماضية غير المستقرة فيها مصر سياسياً وأمنياً واقتصادياً.. ودعونا نعترف أيضاً أن السيد وزير التجارة والصناعة والسادة مستشاروه يبذل ويبذلون قصارى جهدهم لحل أزمات التجارة وعثرات الصناعة. كل هذه الاعترافات من أجل أن ننفى عن أنفسنا تهمة العمى التى قد يرمينا بها السيد وزير التجارة والصناعة ومستشاروه الأفاضل من منطلق المثل الشعبى الذى يقول «اللى مايشوفش من الغربال يبقى اعمى».. وإذا كانت اعترافاتنا أعلاه قد نفت عنا تهمة العمى، فلتسمح لى يا سيدى وزير الصناعة أن أوجه هذا المثل لك ولجميع مستشاريك الأفاضل.. هل أنتم يا سيدى فعلاً بتشوفو من الغربال بس هناك أغراض خفية لا نعلمها وأنتم فعلاً تعلمونها، وهناك أهداف خفية تسعون لتحقيقها ونحن نجهلها؟!! ولاّ ما بتشوفوش أصلاً من الغربال والنظر ولمؤاخذة بعافية؟!. إذا كنتم ما بتشوفوش من الغربال والنظر بعافية فدعونا نطرح عليك يا سيدى الوزير ويا أيها الأفاضل معشر مستشارى الوزير عدة أسئلة، وإن كنا نريد إجابات واضحة ووافية وشافية لهذه الأسئلة فإننا نريد بطرحها عليكم تبصرتكم بالنسبة لمعضلة رسم الوارد أو ما يسمى فرض رسم إغراق على حديد التسليح المستورد. السؤال الأول «والإجابة إجبارية»: هل تعلم يا سيدى وزير الصناعة أن من أهم واجباتك ومهامك حماية ودعم الصناعات المحلية؟ السؤال الثانى «والإجابة إجبارية أيضاً»: عندما أصدرت يا سيدى وزير الصناعة قرارك بإلغاء قرار رسم الوارد على حديد التسليح، ألم تكن تعلم أن قرارك هذا سيضر صناعة الحديد فى مصر أضراراً بالغة؟ السؤال الثالث: هل تعلم يا سيدى الوزير أن حوالى 170 ألف طن حديد تركى دخلت الأسواق المصرية خلال أقل من شهر، وأن 120 مليون دولار أو أكثر خرجت من خزانتنا الدولارية وذهبت لخزانة تركيا الدولارية ثمناً لهذه الشحنات التى ما زالت تتدفق على الموانئ المصرية. س 4: ذكرتَ يا سيدى الوزير فى اجتماعك بأعضاء الغرفة التجارية بالإسكندرية أنك لن تفرض رسم إغراق على حديد التسليح، بل وشجعت المستوردين على استيراد الحديد، وذكرت فى مجمل حديثك أنه آن الأوان لأن تتنافس صناعة الحديد المصرية مع صناعة الحديد فى البلدان الأخرى.. كيف يا سيدى وصناعة الحديد فى مصر تكاد تكون وليدة، ومصانع الحديد تستورد جميع مدخلات الصناعة من الأسواق العالمية، بينما الدولة فى تركيا توفر لمصانع الحديد التركية معظم مدخلات الصناعة «إنتاج محلى»؟ وكيف يا سيدى الوزير تتنافس صناعة استراتيجية فى مثل هذه الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية المضطربة فى مصر منذ ثلاثة أعوام؟ وكيف يا سيدى وفى تركيا يدعمون صناعة الحديد دعماً حكومياً هائلاً وفى مصر تكاد الدولة أن تبتز مستثمرى صناعة الحديد بالرسوم المخترعة وأسعار الخدمات المبالغ فيها؟ كيف تأتى المنافسة بين صقر مطلق الأجنحة وصاحبه يغذيه غذاءً دسماً، وعصفور مكبّل اليدين وصاحبه دائماً ناتف ريشه وبدل ما بيأكله بيمص دمه؟! س 5 «والإجابة إجبارية»: هل تعلم أن قرارك بإلغاء رسم الإغراق على الحديد أدى إلى تكالب المستوردين على شراء الدولارات لاستيراد الحديد التركى، وأنه بسبب قرارك ارتفع سعر الدولار فى السوق المصرفية من 7٫12 إلى 7٫55 جنيه للدولار، وأن ارتفاع سعر صرف الدولار انعكس على أسعار مئات السلع المستوردة والمحلية. س6: هل تعلم أن ارتفاع سعر الدولار إلى 7٫55 جنيه بسبب قرارك سيؤدى حتماً لزيادة سعر الحديد المصرى لأن جميع مدخلاته مستوردة وكذلك جميع قطع غيار المصانع؟ س7: هل احتياطى مصر الحالى من النقد الأجنبى يتحمل أن تستورد مصر من تركيا حديد تسليح فى العام الواحد «وفقاً لمعدلات استيراد الشهر الماضى» بمليار ونصف المليار من الدولارات بينما إنتاجها المحلى يفيض عن احتياجات سوقها المحلية ؟ س8: هل تعلم أن الحديد المصرى أو أى حديد ذى جنسية أخرى لا يستطيع منافسة الحديد التركى فى تركيا بسبب فرض الحكومة التركية رسم إغراق أو رسم وارد على الحديد المستورد وقدره 18٪ وذلك حماية لصناعة الحديد التركى؟ س9 «والإجابة لا بد أن تكون مختصرة»: هل تريد بقرارك هذا دعم صناعة الحديد فى تركيا وخنق صناعة الحديد فى مصر؟ س10: هل تعلم أن استثمارات صناعة الحديد فى مصر معظمها قروض بنوك وأن المصانع فى ظل إلغاء رسم الإغراق حتماً فى غضون شهور قليلة ستغلق أبوابها وتسرّح عمالها الذين يقدّرون بعشرات الآلاف؟ وأخيراً، وليس آخراً، العلاج لإنقاذ صناعة استراتيجية «صناعة الحديد» عندك يا وزير الصناعة إذا كنت فعلاً أنت ومستشاروك بتشوفوا من الغربال.. ولّا عايزينها تخرب؟!! والله من وراء القصد.