نعم يا أيها القائد، اخرج إلى الجماهير بعزم وحسم اليوم وليس غداً، فأنت تعلم أكثر منى أن رهان الحياة لهذه الأمة بات على الساعات والدقائق، وليس على الشهور والأيام. اخرج وقل لهم تفاصيل ما حدث بعبارات واضحة وجمل ناصعة واذكر أحداثاً بينة غير ملتبسة، واشرح ما الذى تعرفه عن تفاصيل الأمس، وما الذى ينبغى أن نصنعه اليوم وما الذى يمكن أن يحدث فى الغد، إن لم نسرع بإجراءاتنا؟ اشرح بوضوح كل الخيارات التى أمامنا، وما الذى يمكن أن يحدث لو أننا تهاونا مع الفوضى تحت مزاعم الخونة باسم الحريات، قل لنا لو أنكم خيرتم بين فاشية الدولة واللا دولة، فماذا تختارون؟ فما بالكم ونحن نخيركم بين دستور ونظام يكفل التمازج بين النظام والحرية. قل لنا ينبغى أن تنزلوا إلى كل الشوارع والميادين بزخم يفوق ما حدث يوم الثلاثين، وينبغى أن تحاصروا بملايينكم كل الخائنين المتمردين. أرسل قواتك إلى الجامعات تحرس طلاب العلم وتردع المتآمرين وأخرس الموتى الحاليين من المسئولين. بدد أكاذيبهم اليومية بحقائق دامغة قوية ولو تطلب الأمر أن يخرج متحدثك كل ساعة يفضح كل إشاعة. اختر رجالك ممن عرف عنهم الصدق والأمانة ولا تترك الأمر لتبرع أصحاب المصالح ممن تلطخت سمعتهم بسمت التلون الممقوت والذمم المباعة. فلا ينبغى أن يتصدر الحديث عنك وعن آمالنا وهمومنا سفيه نشك فى كلمته وفى صوته وفى وجهه وفى كل عباراته المذاعة. اخرج للناس، واشرح ماذا سوف يحدث لو أنهم تكاسلوا عن النزول فى استفتاء الدستور، قل لهم ما الذى فى عقل أعدائنا يدور. حدثهم ماذا لو لم يحتشدوا له بنعم خالصة دون شروط وقل لهم الحقائق، وضع تحت كل منها بدل الخط خطوطاً. قل وبح بكل ما ترى من تفاصيل الصورة حتى لو كنت تخشى وتخاف على وطنك من صدام القوى العالمية المسعورة التى تكره وتمقت أن يظهر فى عالمنا سياسى محنك فى قلب الصورة. حدّث المصريين المؤمنين عن قناعاتك الدينية الراسخة القوية والتى تعيش بها أكثر مما تتحدث، وتناور فى إطار منهجها ونظمها، فلا تسمح لنفسك بالتجاوز والتحايل ولىّ عنق النصوص والافتراء على الحق الإله والحق الحقيقة، قل لهم حتى يدركوا من هو الأمين على دينهم ودنياهم ومن هو الذى يبيع دنياهم وأخراهم. يا أيها القائد، لقد قال أحدهم يوماً ناصحاً: «لا تكن حاداً، فتكسر»، فأردف حكيم من بين الجالسين قائلاً: «إلا فى الحرب»، فالتفت الجميع إليه، فأكمل عبارته قائلاً: «نعم، إلا فى الحرب إن لم تكن حاداً تكسر». كم أتوق فى لحظتى الحاضرة لفلسفة ومنطق ذلك الحكيم، وكم أتمنى لو انتبه إليه القائد فى بلادى وأدرك أن قليلاً من الصبر كافياً للقضاء على هذه الأمة العظيمة، نعم حتى القليل من الصبر والانتظار قد يودى بنا جميعاً إلى الهلاك. اليوم مفترق الطرق، نحتاج فيه اجتهاداً فقهياً سياسياً ًأخلاقياً اجتماعياً إنسانياً من وحى أزمتنا نحن ومن عبق ثقافتنا نحن ومن وجع آلامنا نحن. من يفهم تفاصيل اللحظة المريرة، يدرك أنها خاصة جداً وأنها جديدة على تجارب المتحذلقين من عشاق الاستنساخ الحضارى والفكرى دون وعى بملابساته وقواعده وأنها غريبة على المدعين بأنها مشهد تكرر عبر دراساتهم التاريخية الملفقة والمفبركة. فقط نحتاج إلى صدق كبير قد نفد من ضمائرهم وخوت منه حفائظ قلوبهم سنين وسنين ولا تعر اهتماماً للمتشدقين الذين يطلون علينا ليل نهار عبر الشاشات فهم أشباه مصريين، فاللهجة مصرية نعم ولكن تداخلها نبرة مهجنة لا ترتاح الأذن إلى رنينها والوجه قمحى نعم لكنه ممتلئ بالكلفة المنفرة، حفظوا ما يقولون، لذا تنكشف وطنيتهم المزيفة، حينما يستدعون ما يحفظون فى وقت لا يحتمل التنظير ولا يتطلب ترف الحديث عن عن حقوق إنسان بينه وبين ضياع حياته كاملة وليس بعض حقوقه خيط رفيع. قل لهم إنها الحرب، لذا فإننى الآن حاد وسوف أكون حاداً جداً فى الغد القريب جداً، وإننى لذلك لا ولن أكسر فقط، قل كل شىء وسوف ترى كيف سوف يكون المصريون خلفك بالملايين، قل كل شىء أرجوك.