آه والله.. مات!. قيل إنه مات!. أحمد فؤاد نجم -بالصدفة- مات: تخيل!. هل تعرف متى ومن أين بدأ نجم يكتب الشعر، وأيهما يكتب الآخر: هو أم الشعر؟. هل تصدق أنه مات بالفعل عن أربعة وثمانين عاماً كما يقول الخبر؟. كم جيلاً -فى السياسة كما فى الثقافة- ركب قطار أحمد فؤاد نجم: قطار ضواحى.. يقف طويلاً أمام كل قرية فى بر مصر، يأخذ من روحها ويشعل فى مدن الشعر حرائق لا تنطفئ. قطار ضواحى يبحث فى زحام الأرصفة عن الوجوه المتعبة، المحبطة.. الوجوه التى تقف منذ مئات السنين على باب القصيدة. إذا قلت لغريب أو عابر: صف لى مصر؟.. سيقول: هى تلك الفتاة التى سماها نجم: «بهية». إذا قلت لسجين: صورة من تلك التى حُفرت على حائط الزنزانة؟.. سيقول: صورة العاشق. إذا قلت لمغنٍ أو راوٍ: صوتك من رأس من؟.. سيقول: من شجن البسطاء وأنينهم!. أتى على نجم وعلينا حين من الدهر لم نكن نتخيل فيه أن يموت، ولا أن تكون الحياة «أولاً» و«آخراً» إلا إذا قال كلمته. مصر لا تبتسم ولا تحزن إلا إذا كان نجم واقفاً فى أول الصف: نكتة فى «قعدة حلوة».. ودمعتان فى سرادق شهيد. الحب لا يكون حباً إلا إذا كان التحاماً «على مذهبه». السجن لا يكون سجناً إلا إذا انفلتت القصيدة.. وكذلك الموت: بنفسجة على قبر!. كانت عاطفة أحمد فؤاد نجم أسرع من حضور القصيدة، وكانت فطرته الخام أشرس من حيل الغلابة وصبرهم على مكائد السلطة. ما من ازدحام على حدث إلا وكان شعر أحمد فؤاد نجم هتافاً على لافتة، وما من طفلة فى حارة فقيرة تتعثر إلا وقلب أحمد فؤاد نجم يئن، وما من حاكم فاسد أو ظالم لم تصبه قصيدة. كتب نجم شعراً فى «مصر» ونقيضها، وكان شاهداً على سمو فقرائها وموعوديها. كان هجاماً، شتاماً، ضارياً، لا يخشى فى الغناء لومة لائم، وكانت الفوضى رقماً صعباً فى حياته. هو الذى ابتكر للفوضى جماليات: الصوت الأجش كأنه حشرجة، الشارب الكثيف، الوجه الممصوص، العينان اللتان تلمعان بالحب حيناً وبالغضب حيناً آخر.. و«الجلابية»: أم نقول «هوية» المصريين ووحدة موضوعهم؟!. مات أحمد فؤاد نجم: كلما كان الموت يباغته.. يعود من حيث أتى. يضايفه. يدخنان ويضحكان طويلاً. يسمع الموت مقطعاً من آخر قصائده.. ثم يتركه ناسياً أو متناسياً: هكذا عاش أحمد فؤاد نجم. مات... آه والله مات. الوقت ليس مناسباً؟!.. ربما، لكنه مات، لأن ثمة من يموت ليُبعث من جديد الأخبار المتعلقة: رايح مشوار وراجع! «بهية» تودع «الفاجومى» «نجم» لن يسقط أبداً هتوحشنا يا عم نجم ليت «نوارة» تعرف أن أباها لم يمت نجم الوطن خَفَت.. بالفيديو| جنازة الفاجومى: انهيار وبكاء فى وداع «شاعر الفقراء» بالصور| رحل جسد «نجم» وترك «كلمة وصورة» صباح الخير يا عم أحمد «عيسى»: «نجم» كان متفائلاً.. و«30 يونيو» إحدى نبوءاته من «الغورية» إلى «مساكن الزلزال».. حياة «نجم» على «السطوح» آخر كلمات الفاجومى: «ماتخافوش على مصر» كلمتين لمصر