لست أدرى من هو الذى لا يتعلم من دروس الماضى.. هل هم ثوار يناير الذين أزاحوا مبارك فى 25 يناير، ثم «مرسى» فى 30 يونيو، أم تلك الوجوه التى تريد إحياء نظام مبارك وهو «رميم»؟ يقول «الرميم» المباركى إنهم يخشون أن تتورط القوى الثورية من جديد فى إعادة الإخوان إلى سدة الحكم، وهو القول الذى يحمل رؤية مبطنة لا يأنف هؤلاء من ترديدها فى العلن حين يزعمون أن ثوار يناير هم السبب فى الوصول بالإخوان إلى الحكم، ويرى هذا «الرميم» أن ما حدث يوم 26 نوفمبر -أمس الأول- من نزول الحركات الثورية للتظاهر ضد المحاكمات العسكرية وقانون التظاهر وما حدث على هامش هذه المظاهرات من اعتداء على متظاهرين وتحرش بمتظاهرات وعمليات قبض على ناشطين وناشطات يصب فى خدمة الإخوان ومخططاتهم التى يسعون من خلالها إما إلى تفجير الأوضاع كاملة أو العودة إلى الحكم. والثوار من جانبهم يرون أن الطريقة التى يُعدُّ بها الدستور وما يحتوى عليه من مواد تدور فى فلك المفهوم القمعى للدولة، وصدور قانون التظاهر قبل أيام يصب فى إطار محاولة إحياء نظام مبارك «الرميم». ربما كانت ثورة يناير سبباً من أسباب صعود الإخوان إلى الحكم، بعد أن حررت كل القوى السياسية العاجزة -ومن بينها الجماعة- ومنحتها فرصة كاملة للوجود فى المشهد، لكن الثورة بحال لم تكن السبب الوحيد فى وصول الجماعة إلى قصر الرئاسة، فهل نسى هؤلاء تواطؤ المجلس العسكرى برئاسة المشير «طنطاوى» مع الجماعة من أجل تمكينها من السلطة، وهل ينسى هؤلاء أن محمد مرسى ترأس الجمهورية بناء على انتخابات أشرف عليها المجلس العسكرى؟ ألا يفهم هؤلاء أيضاً أن المصريين الذين اختاروا مرسى كان من البديهى أن يختاروا الخصم الطبيعى للنظام الذى ثاروا ضده، رغم أنهم كانوا على وعى كامل بأن الخصومة بين الطرفين كانت -ولا زالت- مصطنعة. فلول وبقايا نظام مبارك لعبت الدور الأخطر فى وصول الإخوان إلى الحكم، فى حين لعب ثوار يناير الدور الأهم فى الإطاحة بهم من مواقع السلطة. وكلام شماشرجية السلطة الجديدة حول الفرصة التى يمكن أن يمنحها الثوار للجماعة الموتورة بنزولهم إلى الشوارع هو «حق يراد به باطل»، فوجود حالة من القلق داخل المشهد السياسى الحالى قد تفيد الإخوان بعض الشىء دعائياً، أما وجه الباطل فيرتبط بأن تظاهر الثوار فى الشوارع لن يمنح الجماعة فرصة للعودة للحكم بحال، لأن الثوار هم من أزاحوهم، والأخطر أن سكوت ثوار يناير عن المحاولات الحثيثة والفاضحة لإحياء «رميم» دولة مبارك القمعية يمثل تنكراً واضحاً لقيم وأهداف ومطالب ثورة يناير، وخيانة لدماء الشهداء التى أُريقت من أجل التغيير. خلاصة القول إن ثوار يناير هم الذين تعلموا الدرس، وفهموا أنهم كانوا واحدة من المطايا التى اعتلتها جماعة الإخوان حتى تصل إلى الحكم، ولن يكرروا الخطأ مرتين، ليصبحوا مطية لإحياء عظام دولة القمع بعد أن صارت «رميماً».. فليصرخ شماشرجية السلطة وصبيان الأمن فى وسائل الإعلام كما يحبون، فسوف تضعون فى النهاية خيبتكم على خيبتهم.. جعجعوا على راحتكم!