سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سياسة مصر الخارجية فى عهد الإخوان.. خبراء: "الإخوان" مطية لتحقيق خطط أمريكا الإقليمية.. "الجماعة" تساهم فى حماية أمن إسرئيل.. وتحرك خلاياها النائمة لمعاونة واشنطن فى الضغط على دول الخليج
تعتبر مصر عبارة عن "دور" لا "دولة"، فليس لمصر وجود حقيقى إلا خارج حدودها، ويوم أن تقوم بدورها فإن قامتها تطول لتصل إلى عنان السماء، ويوم أن تتراجع عن هذا الدور فإنها تصغر وتتقزم إلى الحد الذي يدفع دولا أخري لا تنافسها تاريخا ولا حجما أن تطمع فى لعب هذا الدور. اليوم وبعد وصول الإخوان إلى سدة الحكم، يبقى السؤال هل تستطيع الجماعة تحويل القاهرة إلى فندق كما كانت فى سابق عهدها؟ خاصة مع حرص الرئيس محمد مرسي مرشح الجماعة على التحرك خارجيا ومحاولة إظهار نفسه كوسيط إقليمى، أم أن هذا الحراك بداية خطوات لتنفيذ حلم مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا ب"أستاذية العالم؟ بعيدا عن الدخول فى فك طلاسم هذا الحراك وهل هو يصب فى صالح الدولة أم الجماعة، فمن أن المعروف الدور الخارجي لمصر يتحدد فى أربع دوائر، الدائرة الأفريقية باعتبار مصر دولة من أهم دول القارة السمراء، والدائرة العربية والإسلامية باعتبار مصر أم العرب والأزهر يجعل منها كعبة للعالم الإسلامي. والدائرة المتوسطية كون العلاقة بين مصر ودول حوض المتوسط علاقة قديمة بقدر ما هى ممتدة، وأخيرا علاقة مصر بأمريكا باعتبارها قطب العالم الأوحد الآن، وهذا التحقيق مقدمة لسلسلة من التحقيقات حول علاقات مصر الخارجية العربية والدولية والأفريقية فى عهد حكم الإخوان، ونبدأ الحلقة الأولى منه بسر الغرام بين الجماعة وأمريكا. فمع وصول جماعة الإخوان إلى سدة الحكم فى مصر من خلال مرشحها للرئاسة الدكتور محمد مرسى، لابد من إلقاء الضوء فى البداية على علاقة الجماعة ورئيس مصر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، خاصة أن واشنطن تمتلك مفاتيح اللعبة فى منطقة الشرق الأوسط، وبات واضحا للعيان أن تأشيرة الحكم فى بلاد الشرق الأوسط تخرج من البيت الأبيض. علاقة الإخوان بالإدارة الأمريكية لم تكن حديثة العهد ولا وليدة الصدفة مثلما تفاجأ الشعب المصري، خاصة بعد الخطابات الحنجورية ل"ترويكا" الجماعة تجاه واشنطن خلال العقود الماضية، فقد فضح وصولهم إلى الحكم ميراث هائل من التواصل والاتصالات السرية بين الطرفين منذ عقود. ولابدّ من تذكير الباحثين والقرّاء بالعودة إلى تقرير لمعهد "راند" الذي صدر في شهر فبراير عام 2004 ويعتبر بمثابة استراتيجية أمريكية للتعامل مع المسلمين، وهو على درجة عالية من الأهمية وفيه الكثير من الإجابات عن خفايا التوجهات الأمريكية تجاه المسلمين والتقرير بعنوان: "الإسلام المدني الديمقراطي: الشركاء والموارد والاستراتيجيات". وتبع ذلك التقرير تصريح هام صدر على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية حينها "كوندليزا رايس"، عندما كشفت عن اقتناع الولاياتالمتحدة بأهمية التحاور مع الإسلاميين في المنطقة العربية، وأنها لا تخشى من وصول تيارات إسلامية إلى السلطة. رايس لم تكن وحدها التي صرحت بهذا، فقد قال ريتشارد هاس مدير إدارة التخطيط السياسي بالوزارة نفسها إن الولاياتالمتحدة لا تخشى وصول تيارات إسلامية إلى السلطة لتحل محل الأنظمة القمعية العربية التي "تتسبب بتكميمها الأفواه في اندلاع أعمال الإرهاب، شريطة أن تصل عن طريق ديمقراطي وأن تتبنى الديمقراطية كوسيلة للحكم". - تفكك التيار الليبرالي: حول هذه الرؤية يقول الناشط الحقوقى هشام قاسم إن مشكلة التيار الليبرالى فى مصر تفككه، وظهور ما أحب أن أسميهم "الليبرليون الجدد"، وهم الفئة المسئولة عن هدم هذا التيار، فكل شخص من بين هؤلاء فضل العمل منفردا، وابتعد عن روح الديمقراطية، وهو ما جعل نظرة واشنطن لهذا التيار رهان على الخسارة". أضاف: "عقب سقوط نظام مبارك وجد البيت الأبيض نفسه أمام حيرة حقيقية، فمصر دولة هامة ولابد من استقراء خريطتها السياسية، ومثل الإخوان الخيار الوحيد أمام إدارة أوباما للتعامل معهم، خاصة أنهم حسموا النتائج بالصندوق الانتخابي". وأوضح أن وقوف أمريكا ضد إرادة الناخب والصندوق، كان كفيلا بهدم فكرة الديمقراطية والحريات التى أشعلت أمريكا بها المنطقة، من الجهة الأخري وحسب قناعة واشنطن لماذا لا تساعد فى صعود نجم جماعة إسلامية وتترك الشعب يختبرها ويسقطها أيضا حال فشلت فى تحقيق ما وعدت به، وساعتها إيضا لن تجد الإدارة الأمريكية غضاضة فى الانقلاب على الإخوان، متسلحة بسلاح الرفض الشعبي للجماعة كسلطة حاكمة. - مطية لأهداف إقليمية: قال الدكتور عمار على حسن، الناشط والباحث السياسي: "أمريكا ليس لها حلفاء ولا أصدقاء، هذه الدولة تتعامل بمنطق الانتهازية المطلقة، وعندما وجدت صعودا لتيار الإسلام السياسي بالمنطقة فى ظل غضب الشعوب العربية ضدها، لم يكن لها طريق آخر تختاره، ففضلت أن تذهب بنفسها لعقد صداقات وصفقات مع تيارات الإسلام السياسي، لكنها صداقات وصفقات وقتية وليست كما يتخيل البعض". وأضاف: "الإدارة الأمريكية ما يهمها فى منطقة الشرق الأوسط هو فرض وبسط هيمنتها وحماية طفلها المدلل إسرائيل، وهذا ما وجدنا الجماعة تفعله بتحجيم حركة حماس وسعيها لعقد هدنة طويلة الأمد بين الحركة وتل أبيب، علاوة على توافق الإخوان مع البيت الأبيض حول ضرورة رحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد وهو الأمر الذي يساعد أيضا فى تحجيم النفوذ الإيراني لما يمثله النظام السوري لطهران من أهمية استراتيجية، بالإضافة إلى ذلك غلق ممرات السلاح أمام "حزب الله" فى لبنان وهو ما يعد أكبر حماية لأمن إسرائيل". وأوضح أن أمريكا جعلت الجماعة ورقة ضغط جديدة أمام أنظمة الحكم فى الخليج لجنى أرباح أكبر من الممالك النفطية مقابل حمايتها من وصول الثورات العربية وتحريك الخلايا الإخوانية النائمة لديها وهو ما نلحظه من حالة الفزع التى تنتاب أنظمة الحكم فى الإمارات والسعودية والكويت تحديدا، وقد اتخذت واشنطن الإخوان مطية لتحقيق هذا المكاسب الإقليمية. - أمن إسرائيل: من جهته شدد الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية على أن نظرة أمريكا لمصر بعد الثورة وضعت مكتب الإرشاد وقيادات حزب الحرية والعدالة فى ذات المكان الذى شغلته نخبة حكم الرئيس السابق حسنى مبارك قبل أن تتوتر علاقة تلك النخبة بالإدارات الأمريكية فى السنوات الأخيرة قبل يناير 2011. وتوقع حمزاوي من الإخوان الإسهام الإيجابي فى حماية مصالح أمريكا المتمثلة فى أمن إسرائيل وإمدادات النفط وتأمين قناة السويس ومواجهة الإرهاب والعلاقات الاقتصادية والتجارية الجيدة. أضاف أن الرهان الاستراتيجي على الإخوان يمتد خارج الحدود المصرية ويتحول إلى رهان أمريكى على وصول أحزاب وتيارات اليمين الدينى إلى سدة الحكم فى الدول العربية باستثناء الخليج وقدرتهم على قيادة العرب باتجاه مشابه لتجربة حزب العدالة والتنمية التركي ودون تهديد للمصالح الأمريكية. تابع أستاذ العلوم السياسية: "واشنطن تصنع سياساتها في إطار حماية مصالحها بنظرة براجماتية بحتة، وتتمثّل في حماية إسرائيل والتحالفات، والحصول على النفط، والملف السوري، والتحركات في منطقة الشرق الأوسط".