تتردد هذه العبارة، فى النزع الأخير، على لسان كل من يرون فى تصرفات جماعة الإخوان وأنصارها، منذ الإطاحة بها وخلع ممثلها فى القصر الرئاسى، دليلا واضحا على أنها فعلا.. «فى النزع الأخير!».. فكل ما تأتى به الجماعة، تنفيذا لأوامر التنظيم الدولى للإخوان، يزيد من نفور المواطنين من جرائمها، ويرسخ قناعتهم بأن هذا التيار، بكل تفريعاته ولافتاته، إنما يعادى مصر، شعبا ودولة.. وانتمى للفصيل الذى يستعصى عليه فهم عقلية هذا التيار، حيث يتوخى استعادة سلطة ضائعة، أساء استخدامها أيما إساءة، ودلل على انعدام كفاءة أسطورى، كان لا بد أن يقود إلى فشل ذريع، فسقوط مدوٍ، فاعتبر أن خير وسيلة لاستعادة الملك الزائل، هى ترويع المصريين وتخريب مؤسساتهم وانتهاك مقدساتهم، وخير دليل ما تعرض له مؤخرا الأزهر، الذى لا نشير إليه إلا بالصفة اللاصقة به، أى الأزهر الشريف، وهو ما يقطع بأن هذا التيار لا يحترم ما يحترمه المواطنون، بما اقترفه من عدوان تخريبى على أزهرنا الشريف، إلى حرق الكنائس، إلى ترويع الآمنين، والجهر بأعلى صوت أن الهدف من كل هذا هو، وبدون مواربة، عودتهم إلى السلطة، فلا إسلام ولا شريعة أو أى شىء آخر مما سبق وتاجروا به، بل فقط الكرسى لمرسى!! والذى لا شك فيه أن الإخوان وتابعيهم يعلمون علم اليقين أن ثورة عارمة قامت ضد المخطط الذى تم تكليفهم بتنفيذه فى مصر، غير أن جراب الحاوى «الدولى» لا يخلو من السموم والثعابين، وكعادته نقل مهمة «التخريب والتقويض» من المستوى الرسمى، أى القصر والبرلمان ومؤسسات أخرى فقدوا معظمها، إلى قواعدهم وخلاياهم النائمة، الكامنة، فى انتظار التعليمات.. وفى كل صباح نشاهد وقائع اعتداء إرهابى، هنا أو هناك، والتركيز منصب، وبضراوة، هذه الأيام على «التعليم الجامعى» فإذا كان «العلم نور»، فإنه من طبيعة الإخوان إغلاق كل مصادر النور، المؤدى إلى التنوير، ومن هنا كانت الهجمة الشرسة التى تطال الجامعات المصرية، وبالضرورة، تنامى النفور الشعبى من هذه الجماعة وجرائمها الواضحة للعيان.. ولذا اتفق الرأى العام فى أغلبيته الساحقة، على أنها، أى جماعة الإخوان، «فى النزع الأخير»، لكن التساؤلات تدق وتُلح بصدد مواقف الحكومة، فبينما يتواصل، مثلا، مشهد اقتحام جامعة الأزهر الشريف وغيرها من الجامعات، ويعيث فيها الإخوان حرقا وتدميرا ماديا، بتخريب محتويات المراكز البحثية وأجهزة الكمبيوتر وحتى أثاث المكاتب وقاعات الدراسة، وكذلك تدميرا معنويا، باحتجاز الأساتذة ومصادرتهم داخل مكاتبهم، فى مثال بليغ على احترام الطالب للأستاذ الذى يلقنه العلم، والذى كاد أن يكون رسولا!!، نسمع أصواتا حكومية «تشدو» بضرورة المصالحة مع هؤلاء الموزعين على أهداف بعينها، لإرهاق الدولة وتقويضها، وكأن هذه الدولة، التى جاءت بعد ثورة أطاحت بحكم الإخوان، تخجل من فعل ثورة يونيو! وتسعى إلى الاعتذار عنها، وهو ما نفخ روحا جديدة فى قيادات التنظيم الدولى، على اعتبار «إن اللى يلقى دلع وما يتدلعش، يبقى عبيط!» وكما يخصم ذلك من رصيد الحكومة وهى تبدى كل هذا التساهل مع تابعى تنظيم، ليس فقط لا يؤمن بفكرة الوطن، بل إن كل ما يفعله الآن هو محاولة مستميتة لتمزيقه. ومما يزيد الطين بلة أن أنصار التنظيم، وفى تحدٍ سافر ولا نظير له فى الدول المحترمة، يعلنون عن تحركاتهم المرتقبة، مثلا، بأنهم سيقتحمون هذه المؤسسة أو تلك، أو سيقطعون هذا الطريق أو ذاك، فلا تحرك الدولة ساكنا، وكأن من فى السلطة هم الإخوان، يصولون ويجولون بحرية ما يحلو لهم، بينما الحكومة هى «الجماعة المحظورة!!» التى مفروض أن تتوارى عن الأنظار!! وقد تحمل الشعب حالة الطوارئ التى اقتصرت على حظر التجول، أملا فى أن تستعيد الدولة هيبتها الغائبة أو المغيبة، بما يتيحه لها قانون الطوارئ من حركة، لكن دون جدوى.. كل تفاصيل هذا المشهد، الذى يتسم بارتباك حكومى، بافتراض أقصى درجات حسن النية، يلقى بظلال من الشك فى قدرة استيعاب الحكومة للحدث الجلل، الذى وقع فى هذه البلاد ومتطلباته، وبالتالى فى التصدى بحسم وحزم لإفشال هدف يسعى تنظيم الإخوان الدولى إلى إثباته، ألا وهو أن الدولة المصرية هى أيضاً مثلها مثل الإخوان، فى النزع الأخير!! تكذيب الإخوان يستوجب، وبإلحاح، حضور الدولة.. وشعور المواطنين بهذا الحضور.