حاصر الرئيس محمد مرسي، نفسه، بمزيد من علامات الاستفهام والتعجب، بعد إعلانه تكريم رئيس الحكومة السابق الدكتور كمال الجنزوري، بل وتعيينه مستشارا له، إذ وضع الرجل نفسه مجددا في دائرة التناقض مع ما كان عليه موقفه من قبل، هو و"جماعته"، من هجوم حاد على الجنزوري وحكومته، قبيل وصول مرسي لكرسي الرئاسة، وحملوه مسؤولية سوء الأوضاع بالبلاد فى مختلف المجالات، لكن ذلك لم يمنع مرسي من أن يضع على كتف الجنزوري نفسه، وسام الجمهورية، ويعينه مستشارا له. (1) الرئيس والجنزوري: هاجم الدكتور محمد مرسي، الجنزوي وحكومته، في لقاء على فضائية "الحياة"، بوصفه رئيسا لحزب الحرية والعدالة، حيث قال: "يجب أن ترحل حكومة الجنزوري في أسرع وقتٍ ممكن"، ودعا إلى تشكيل حكومة جديده تقودها الأغلبية المنتخبة بمجلس الشعب. وأضاف: البرلمان منح حكومة الجنزوري فرصا عديدة، لكن البلاد تتأخر وتزداد الكوارث يومًا تلو الآخر، وهو ما استوجب سحب الثقة منها بإجماع نواب الشعب، مؤكداً أن يد حكومة الجنزوري مرتعشة، ولا تقوم بأداء المطلوب منها على الوجه الأكمل، وتقود البلاد إلى الوراء، واصفا فكرة التغيير الوزاري في حكومة الجنزوري، ب"العبث"، لأن التعديل لن يفيد أبدا، والأصلح أن يتم تغيير الوزارة بالكامل؛ ورغم ذلك احتفظ مرسي (الرئيس) بثمانية من أعضاء حكومة الجنزوري، في حكومة قنديل الجديدة. واتهم مرسي الجنزوري، بأن حكومته هي المتهم الأول في هروب المتهمين الأجانب خارج مصر؛ لأن القضاء والداخلية ووزارة الطيران المدني تخضع لسيطرة الحكومة، ومن ثم فهي المسؤلة، عن مهزلة التمويل الأجنبي، مشيرًا إلى أنه إذا كان المجلس العسكري قد أعطى الحكومة اوامر بالإراج عن الأمريكيين، فذلك يزيد الأمر سوءا، وكان يجب على الحكومة الاستقالة حفظًا لكرامتها. (2) المرشد والجنزوري: وصلة الهجوم على الجنزوري، التى لم ينقطع عنها مرسي، كان ل"مرشده العام" نصيب منها، إذ وصف بديع أداء حكومة الجنزوري بالسيء، وظهر ذلك في مختلف المجالات الاقتصادية منها والأمنية، فضلاً على توقف الرياضة بدولة لم تعهد ذلك من قبل، وتعجب من حرص الجنزورى ووزرائه على التمسك بأحبال حكومتهم البالية وطالبهم بإعلان فشلهم. كما أشار بديع إلى أن الحكومة لن تستطيع تغيير الوضع الحالي، لأنها مجرد حكومة مؤقتة وتفتقد التأييد البرلماني، وليس غريبا أن يقوم حزب الأغلبية بتشكيل الحكومة، مستشهدا بدولة المغرب التي تضع مقاليد أمورها بيد الملك إلا أنه يترك تشكيل حكومته لحزب الأغلبية احتراما لرغبة شعبه. (3) الشاطر وحكومة الجنزوري: نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والرجل الثاني في "جماعة مرسي"، قال في تصريحات لقناة الجزيرة: إن "هناك سوء إدارة وارتباكاً في مؤسسات الدولة، ويمثل علامة استفهام وضعف، أنا وكل الإخوان قوة داعمة لأي حكومة مقبلة، ورئيس الحكومة سيكون من حزب الحرية والعدالة". (4) الكتاتني والجنزوري: طالب الدكتور محمد سعد الكتاتني، حين كان رئيسا لمجلس الشعب المنحلن برحيل حكومة الجنزوري حتى لا تحدث أزمة سياسية، مضيفاً "نحن في أزمة سياسية حقيقية إن لم يقوم المجلس العسكري بحل حكومة الجنزوري لأننا كمجلس شعب لن نتعامل مع هذه الحكومة، مرجعاً سبب عجز البرلمان في سحب الثقة، إلى أن الإعلان الدستوري الحالي لا يعطى للبرلمان حق سحب الثقة من الحكومة. وقال الكتاتني إنه لا يجوز حل البرلمان لأن الإعلان الدستوري الحالي لا يعطى الحق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لحل المجلس. كما أضاف الكتاتنى خلال لقاء له مع قناة الجزيرة مباشر مصر، "على حكومة الجنزورى أن تتقدم باستقالتها قبل يوم الأحد أو أن يقوم العسكري بحلها حتى لا تحدث أزمة في البلاد، موضحاً أن مجلس الشعب به 185 استجوابا ضد حكومة الجنزورى بالأدلة والوثائق، وأن الحكومة تصنع الأزمات حتى تشوه صورة أعضاء البرلمان، لافتاً الي أن المجلس العسكري هو الذي جعل جماعة الإخوان تدفع بمرشح للرئاسة. (5) رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة وحكومة الجنزوري: وقال حسين إبراهيم، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة، لا توجد هدنة حالية بين المجلس والجنزورى، لأن المجلس في الحقيقة لم يمنح الثقة أصلا لحكومة الجنزورى. كما أكد إبراهيم إن رفض المجلس لبيان الحكومة هو بداية الطريق و"سوف نلتزم بنص اللائحة الداخلية لمجلس الشعب والتي تجيز سحب الثقة من الحكومة بعد استجوابها". وقال حسين في تصريحات صحفية للمحررين البرلمانيين إن إجراءات إسقاط حكومة الجنزوري بدأت بالفعل ولم تتوقف بعد التزام الوزراء بحضور جلسات المجلس، وسوف يناقش البرلمان عدة استجوابات تطلب إسقاط الحكومة ثم تتخذ الإجراءات التي قد تطول ولكن في النهاية سوف يتم إسقاط حكومة الجنزوري ليس فقط لمسئوليتها عن فضيحة تهريب المتهمين الأمريكان في قضية التمويل الأجنبي ولكن أيضا بسبب الإهانة التي لحقت بشعب مصر كله نتيجة هذا الموقف المتخاذل حيث قال الجنزوري أمام البرلمان إن مصر لن تركع ولكنها ركعت فعلا ولم يأت الجنزوري إلى البرلمان ليقول "لماذا ركعت مصر؟" (6) أشرف بدر الدين عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة وحكومة الجنزوري: عن الجنزوري وحكومته، قال أشرف بدر الدين: إن كل القرارات والخطط الاقتصادية التي أعلن عنها الجنزوري، وبدأها بطرح أذون خزانة بمليارات بفوائد مرتفعة، وأيضًا القروض التي سيحصل عليها من صندوق النقد الدولي وغيرها من الدول العربية والأجنبية هي "قرارات خاطئة تقيد أي حكومة مقبلة". موضحًا أن مصر تعاني من زيادة حجم الدين الداخلي والخارجي الذي تعدى التريليون و50 مليار جنيه، وما يتخذه من قرارات ستُضاف إلى هذه المديونيات الضخمة، وستؤدي إلى عجز جديد في الموازنة؛ حيث من المفترض سداد 110 مليارات جنيه في عام واحد فقط، وهو ما يوازي 70% من الإيرادات العامة للدولة، متوقعًا في القوت ذاته أن "استمرارها سيهدد مصر بأزمة عسيرة كالتي تسيطر على أوروبا حاليًّا ويصعب الخروج منها". وقد بدر الدين، إن "قائمة بدائل الاقتراض من الداخل والخارج التي لم يفكر بها الجنزوري كثيرة جدًّا ولن تكلف مصر ما يفوق طاقتها، بل ستوفر لها موارد ضخمة لتنعش الاقتصاد من جديد"، موضحًا أنها تبدأ بجدية الحكومة في توفير الأمن للشارع المصري، وضبط وتطهير المنظومة الأمنية كاملة، لإبعاد كل ما يهدد الاستثمارات الأجنبية والعربية لتهيئة جوٍّ مناسب لجذب هذه الاستثمارات. (7) بيان جماعة "الإخوان" وحزبها "الحرية والعدالة" بشأن الجنزوري وحكومته: هاجمت الجماعة في بيان لها حكومة الجنزوري، وطالبت مجددا بتشكيل حكومة وفاق وطني تحل محل الحكومة الحالية المعينة من قبل المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ إسقاط الرئيس حسني مبارك، محذرة من عواقب استمرارها. وفي أقوى انتقاد للحكومة التي يرأسها كمال الجنزوري، قال حزب الحرية والعدالة في بيان سابق له: "يرى أن استمرار الحكومة الحالية دون النظر إلى أدائها المتردي سوف يزيد الأمور تعقيدا، ويشير إلى أن هناك رغبة باتت واضحة لتصدير المزيد من الأزمات لأي حكومة قادمة". وأوضح الحزب أن مصر "ما زالت تعاني من أزمات اقتصادية وأمنية متفاقمة تؤكد فشل الحكومة الحالية في معالجتها وهو ما يزيد من معاناة الشعب المصري الذي مر عام على ثورته". وأضاف البيان: أن الفترة التي تلت الانتفاضة "شهدت ارتفاعا مطردا في الأسعار بشكل يحتاج إلى مراجعة حقيقية وجادة لأداء الحكومة ولعل هذا التراجع المستمر في الأداء يجعل حزب الحرية والعدالة يؤكد على دعوته السابق الإعلان عنها بضرورة تشكيل حكومة توافق وطني تعبر عن اختيارات الشعب المصري في الانتخابات البرلمانية الماضية". ورغم كل ما تقدم، على لسان الدكتور محمد مرسي، بوصفه رئيسا لحزب الحرية والعدالة، قبل أن يكون رئيسا للجمهورية، وعلى لسان المرشد العام للجماعة التي رشحت مرسي نفسه للرئاسة، ونائبه الأول خيرت الشاطر، وأعضاء الهيئة البرلمانية لحزبه، وضمن نصوص البيانات الرسمية لحزبه وجماعته، "بكل بساطة" أقدم مرسي "الرئيس" على تكريم الجنزوري بوسام الجمهورية، وعينه مستشارا له.