لم يقدم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين صاحب الأغلبية في البرلمان، تبريرا واضحا لتراجع مجلس الكتاتني عن قرار سحب الثقة من حكومة الجنزوري ،وكأن الأمر لم يطرح أصلا. محللون سياسيون أكدوا أن المجلس العسكري وراء هذا التراجع الغريب في موقف البرلمان. وكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، عبد الغفار شكر، قال إن سحب الثقة من الحكومة أمر لم يوافق عليه المجلس العسكري. مضيفا «أن مجلس الشعب في مأزق. والشعب المصري أصبح يعيش في دولة العسكر». الخبير السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور يسري العزباوي، قال إنه رغم فشل البرلمان في سحب الثقة من الجنزوري، فإنه قادر على شل حركة الحكومة بالاستجوابات، وطلبات الإحاطة المتلاحقة. مضيفا أن الإخوان قاموا بالاستغلال السياسي لمنصبهم لإسقاط الحكومة، وحاولوا الضغط على المجلس العسكري، ليشكلوا حكومة جديدة برئاستهم، والمجلس لم يستجب للضغوط، ولم يعبأ بما يقال داخل المجلس. بينما قال المحامي الحقوقي، جمال عيد، إن رفض المجلس العسكري قرار البرلمان بإقالة حكومة الجنزوري، بعد أن أثبتت فشلها يؤكد أنه لا يحترم السلطة التشريعية المنتخبة، رغم أنه من المفترض أن تكون سلطات البرلمان أعلى من سلطة المجلس العسكري، لكن الإعلان الدستوري لا يسمح له بذلك. «ليس برلمان إذا لم يستطع إقالة الحكومة»، هكذا قال المحامي خالد أبو كريشة، وكيل نقابة المحامين، مشيرا إلى أن البرلمان يصبح «مكلمة فارغة»، إن لم يستطع أخذ قراراته بنفسه. لكن حسين إبراهيم، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة بمجلس الشعب، لا يزال متمسكا بمنهج «الكلام لمجرد الكلام»، إذ قال أمس في حوار مع المحررين البرلمانيين إن البرلمان لم يتراجع عن سحب الثقة من الحكومة، وإنه لا توجد هدنة حالية بين المجلس والجنزوري، لأن المجلس فى الحقيقة لم يمنح الثقة أصلا فى حكومة الجنزورى. إبراهيم قال إن «رفض المجلس لبيان الحكومة هو بداية الطريق، وسوف نلتزم بنص اللائحة الداخلية لمجلس الشعب، التى تجيز سحب الثقة من الحكومة بعد استجوابها»، إبراهيم أضاف أن إجراءات إسقاط حكومة الجنزوري بدأت بالفعل ولم تتوقف بعد التزام الوزراء بحضور جلسات المجلس، وسوف يناقش البرلمان عدة استجوابات تطلب إسقاط الحكومة، ثم تتخذ الإجراءات التى قد تطول، لكن في النهاية سوف يتم إسقاط حكومة الجنزوري ليس فقط لمسؤوليتها عن فضيحة سفر المتهمين الأمريكان في قضية التمويل الأجنبي، لكن أيضا بسبب الإهانة التى لحقت بشعب مصر كله، نتيجة هذا الموقف المتخاذل، حيث قال الجنزوري أمام البرلمان إن مصر لن تركع ولكنها ركعت فعلا، ولم يأت الجنزوري إلى البرلمان ليقول لماذا ركعت مصر.