بوجه بشوش وشارب كثّ وجسد ممتلئ يشبه «معلمين السيما»، صاحب «سبع صنايع»، حرفى ألومنتال، يُصلح كافة الأجهزة الكهربائية، يفهم فى صيانة السيارات، قد تجده نقاشاً، أو تاجراً ماهراً فى السوق، غير أن «عمرو عبدالنبى» قرر أن يكون فى ذلك اليوم من السنة بطل المشهد، جزاراً. على سلم رخامى وسط مدخل عمارة بحى المرج -عبر شارع الرئيس الراحل محمد نجيب- اصطف نحو 10 أفراد من عائلات مختلفة يتابعون الأمر عن كثب، ممسكين بتليفوناتهم المحمولة، ليوثقوا اللحظة، يجرّ «عمرو» العجل بعزم، ينتظرون أوان النحر على يد الرجل الثلاثينى، تقاوم الذبيحة بشدة فيما تُسرع يد «عبدالنبى» بنهاية الأجل، تسيل الدماء، فتنتشى الأعين.. قبل سبع سنوات كان الأب لثلاثة أولاد يفتتح مشروعه الجديد «محل جزارة»، لكنها شهور وأغلق مشروعه بسبب «الشكك»؛ فأهل المنطقة كانوا يتعشمون فيه من فرط «جدعنته»، حينها قرر أن يتنقل بين دروب المهن، لذا حين يسأله سائل عن عمله الأصلى يأتى الرد تلقائياً: «أى حاجة تخطر فى بالك». منذ ثلاثة أعوام كانت «مروة سليم» -صاحبة إحدى الذبائح- تشيد بمهارة «عمرو» فى صناعة الألومنتال الخاص بمنزل والدتها قبل أن تفاجأ بالشخص نفسه يشرف على الأضحية الخاصة بها.. «هو سريع جداً وبنثق فيه» تعلق الشابة العشرينية على أداء «جزار العائلة»، لا تفارق الضحكة شفاه «مروة» مشيرة إلى أن العيد بالنسبة لها يتوقف عند لحظة النحر «دى فرحة ماتتوصفش». عادات ثابتة لا يبدلها «عمرو» خلال عملية الذبح، يبدأها بالتسمية فى سره، قبل أن يسن سكّينه للنحر، بينما لا تكمل تشفية الجدى الصغير وتقطيعه أكثر من ثلث الساعة، فيما يعقد النية على إبهاج مشاهديه: «العيد فرحة وهيصة وكفاية سعادة الناس». «أدهم» صاحب الخمس السنوات -الابن الأصغر لعمرو- راح يتعلم من والده سرّ الصنعة، لذلك فهو ذراعه اليمنى خلال عيد الأضحى.. «بيعرف يدبح خرفان لوحده»، غير أن أكثر من مساعد للرجل يشرفون على الأضحية ببراعة. لا يكتفى «عبدالنبى» بخطوة الذبح فقط، لكنه يشترى العجل بنفسه ويشرف على تربيته انتهاءً بتقسيمه، حسب الدكتور محمد عباس الذى يعتبر عمل «عمرو» لا يقل جودة عن رجال المذبح.