فوز مرشحين مسلمين في انتخابات الولايات في أمريكا يمثّل نقطة تحوّل تاريخية للمجتمع المسلم، خاصة في مدينة نيويورك، الذين لطالما شعروا بالتهميش فى الحياة العامة بالمدينة . هذا الفوز يتوقع المراقبون أن يكون له تأثير كبيرة على السياسة الأمريكية المنحازة لدولة الاحتلال الصهيونى على حساب القضية الفلسطينية والحقوق العربية . ولم يكن زهران ممداني، عمدة مدينة نيويورك المنتخب، المرشّح المسلم الوحيد الذي فاز في انتخابات الثلاثاء 4 نوفمبر حيث شملت قائمة الفائزين أيضاً مرشحين مسلمين في ولايات عدة، من بينها فرجينيا وميشيجان. في ولاية فرجينيا، فازت الديمقراطية وعضوة مجلس الشيوخ، غزالة هاشمي، بمنصب نائب حاكم الولاية، وباتت أول مسلمة تفوز بمنصب نائب الحاكم في الولاياتالمتحدة. وفي ولاية ميشيجان، فاز ثلاثة مرشّحين مسلمين في انتخابات رئاسة البلدية في ضواحي ديترويت التي يسكنها أغلبية من الأمريكيين العرب.
زهران ممداني
يُعدّ ممداني أبرز المرشّحين المسلمين الذين حققوا نجاحاً في انتخابات الثلاثاء الماضي، والذي أثارت حملته حماسة العديد من الناخبين، حيث كشف مجلس الانتخابات في مدينة نيويورك بأنه تم الإدلاء بأكثر من مليوني صوت، بما يشمل التصويت المبكر في أنحاء المدينة، وهو أكبر عدد من الأصوات في سباق على منصب رئيس البلدية منذ عام 1969 على الأقل. وخاض ممداني (34 عاماً) انتخابات شهدت منافسة كبيرة بينه وبين كومو، الداعم لدولة الاحتلال بقوة، والذي نال 41.6% من الأصوات، ومرشّح الحزب الجمهوري، كورتيس سليا، الذي حصل على 7.2%.
غزالة هاشمي
وبجانب ممداني، حققت غزالة هاشمي فوزاً آخر في ولاية فرجينيا، وسيتم تنصيبها نائبة للحاكم في 17 يناير المقبل، عندما تصبح نائبة لأول حاكمة لولاية فرجينيا، وهي أبيجيل سبانبرجر، عضوة الكونجرس والضابطة السابقة في وكالة المخابرات المركزية. وفدت هاشمي إلى الولاياتالمتحدة من حيدر أباد في الهند، عندما كانت في الرابعة من عمرها، وفي عام 2019، وبعد عقدين في المجال الأكاديمي، أصبحت أول عضوة مسلمة في مجلس الشيوخ في ولاية فرجينيا. وينتمي كل من سبانبرجر وهاشمي إلى الحزب الديمقراطي، وفي ولاية فرجينيا يتم انتخاب نائب الحاكم بشكل منفصل بدلاً من الترشّح على بطاقة مشتركة لمنصب الحاكم.
محمد بيضون
وفي ديربورن هايتس بولاية ميشيجان، تم انتخاب رئيس المجلس البلدي، محمد بيضون، رسمياً رئيساً للبلدية بعد اختياره في البداية لشغل المقعد الشاغر في أكتوبر، والذي غادره بيل بازي، الذي يشغل الآن منصب السفير الأمريكي في تونس. وحصل بيضون على 68% من الأصوات، بينما حصلت منافسته دينيس مالينوفسكي ماكسويل على 32%. و بيضون ضابط احتياط في مكتب شريف مقاطعة واين، وجعل السلامة جزءاً أساسياً من برنامجه. وقال في إطلاق حملته في يوليو الماضى : هذه ليست حملة خاصة بي فقط .
عبد الله حمود
في مدينة ديربورن المجاورة، أُعيد انتخاب رئيس البلدية، عبد الله حمود، بسهولة لفترة ولاية ثانية بحصوله على أكثر من 71% من الأصوات، مقارنة بخصمه ناجي المذحجي الذي حصل على 28%. وتصدر حمود عناوين الأخبار عندما رفض، على الرغم من تعريفه بأنه ديمقراطي، تأييد الرئيس السابق جو بايدن أو خليفته كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، بسبب دعم بايدن غير المشروط لحروب دولة الاحتلال على غزة ولبنان.
نقطة تحول
حول هذا التحول الكبير قال مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) إن فوز ممداني في مدينة نيويورك يمثّل نقطة تحول تاريخية في المشاركة السياسية للمسلمين الأمريكيين . وأضافت كير في بيان له : إن قدرة رئيس البلدية المنتخب ممداني على الفوز في الوقت الذي يدافع فيه علانية عن حقوق الإنسان الفلسطينية ويواجه وابلاً من الكراهية ضد المسلمين، يمثّل أيضاً توبيخاً تاريخياً لكل من الإسلاموفوبيا والعنصرية ضد الفلسطينيين في السياسة .
الحقوق الفلسطينية
وقال المدير التنفيذي للحملة الأمريكية لحقوق الفلسطينيين، أحمد أبو زنيد، إن فوز ممداني التاريخي في أكبر مدينة في الولاياتالمتحدة يُثبت أن الشعب الأمريكي يدعم الحقوق الفلسطينية. وأضاف أبو زنيد : لقد سئموا من السياسيين الذين يُسلّحون دولة الاحتلال بالمليارات، بينما لا يستطيع الأمريكيون شراء ما يحتاجونه من البقالة .
ركيزة أساسية
وقالت رنا عبد الحميد، مؤسِّسة منظمة كوينز غير الربحية،: المسلمون منتشرون في كل مكان تقريباً في نيويورك. المعلمون وأصحاب المتاجر. تجوّل في الشارع، وستجد طعاماً حلالاً. وأضافت رنا عبدالحميد : لقد كنا ركيزة أساسية في أجزاء كثيرة من المدينة لفترة طويلة، والآن حان دورنا . وقالت أميناتا ديالو، طالبة تبلغ من العمر 28 عاماً، انتقلت إلى برونكس من مالي، ان فوز ممداني المرة الأولى جعلنى أشعر أن زعيماً سياسياً يمثلها ويفهمها. وأضافت : قصة زهران هي بمثابة قصصنا جميعاً. إنه يُظهر أننا ننتمي إلى كل مكان وأن أصواتنا وقيمنا لها مكان في تشكيل مستقبل المدينة .
ترامب مرعوب
وقال كين مارتن، رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية – التي تشرف على عمليات الحزب في جميع أنحاء البلاد – في بيان إن هاشمي أدارت حملة رائعة ركزت على خفض التكاليف، وتنمية اقتصاد فرجينيا، وضمان حصول أطفالنا على رعاية الأطفال والتعليم عالي الجودة. وأضاف مارتن : إن الديمقراطيين مثل الحاكمة المنتخبة أبيجيل سبانبرجر ونائبة الحاكم المنتخبة غزالة هاشمي يقفون في وجه ترامب ويقاتلون من أجل عائلات فرجينيا . وأكد أن هذا الفوز هو جزء من اتجاه أوسع نطاقاً من الانتصارات والأداء المتفوق للديمقراطيين، وهذا من شأنه أن يثير ذعر دونالد ترامب .
كراهية الإسلام
وقال هاريس تارين، نائب رئيس السياسات والبرامج في مجلس الشؤون العامة للمسلمين إن هاشمي، وعلى غرار ممداني، لم تُشنّ حملة انتخابية ضد ترامب مشيرا إلى أنها ركّزت حملتها على قضايا تؤثّر على ولاية فرجينيا . وأضاف أن المشاعر المعادية للمسلمين وكراهية الإسلام استُخدمت كأداة في الانتخابات – كسلاح – منذ عام 2001… وكان بث الخوف ناجحاً بالفعل في العديد من الحالات في جميع أنحاء البلاد . وأكد تارين إن الأمور أصبحت مختلفة الآن، وإن الناس سئموا من ذلك.