إذا رجعنا بالذاكرة إلى الماضى، وكيف تعامل النظام السابق (مبارك) مع الإخوان حتى توغلوا بهذا الشكل المفزع فمما لا شك فيه أن جماعة الإخوان بدأت تخرج من تحت الأرض أيام الرئيس الراحل السادات وانتشرت فى العمل الجامعى واستولت على اتحادات الطلاب وهذا كان الخطر بعينه ممثلاً فى السيطرة على فكر الشباب وترسيخ المفاهيم الإخوانية فى سن تتكون فيها الانتماءات وتحفر فى الوجدان وتصبح جزءاً لا يتجزأ من فكر هؤلاء الشباب وانتشر الفكر الإخوانى وكما تعودنا عندما تقوى شوكة الإخوان، يشعرون بأنهم امتلكوا القوة فانقضوا على الرئيس الراحل أنور السادات واغتالوه واتهموه بأنه خرج على شرع الله. ودخلت مصر فى دوامة الإرهاب حتى مطلع التسعينات وتم مراجعة قيادات الإخوان أو الأصح دخلنا فى نفق المفاوضات بين الأمن وقيادات الإخوان وأصبح هذا الملف يعالج بشكل أمنى بحت بعيد عن العلاج السياسى. وأصبح الأمن يشعر بأنه مسيطر وتركهم يتوغلون مرة أخرى فى الجامعات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدنى. ومن شدة الفساد السياسى، لجأت بعض القوى السياسية للتعامل مع الإخوان على أنه فصيل من المجتمع يشعر بالفساد وأنه جماعة منظمة وأقدر على الحشد ضد نظام فاسد، وعلينا أن نجمع كل قوى المجتمع حتى يتصدوا لنظام فاسد فبدأت تتكون الجمعية الوطنية للتغيير وكانت قيادات الإخوان جزءاً منها، وتناست القوى السياسية أن هؤلاء كانوا يعدون الصفقات مع هذا النظام للحصول على 80 كرسياً فى مجلس الشعب على حساب المصريين جميعاً وتناسينا أيضاً أن المرشد كان لا يمانع مشروع التوريث ورغم أنها كانت جماعة محظورة كانت تدخل الانتخابات بمختلف أنواعها وظل مبارك وأجهزة الأمن على قناعة بالقدرة على السيطرة على جماعة الإخوان طالما أنهم ملتزمون بالخطوط الحمراء التى ترسمها لهم أجهزة الأمن واعتقادهم أن الجماعة تحت السيطرة حتى خارج مصر ومقابلتهم مع الأمريكان وغيرهم من الجماعات الإرهابية الدولية. وبعد ثورة 25 يناير، أسرعت معظم القوى السياسية للتعامل مع الإخوان والتهويل فى قوتهم التنظيمية وقدرتهم على الحشد ولم يكلفوا أنفسهم عناء النزول للشارع وطرح أنفسهم بديلاً لهذا الفصيل، هذا مما ساهم فى الضغط على المجلس العسكرى فى خروج نتيجة الانتخابات الرئاسية دون التحقيق فى الانتهاكات التى حدثت. ومن هنا لا بد من البحث عن حلول سياسية وليست أمنية فقط للقضاء على هذا التيار اليمينى المتشدد. إذن، لا بد على القوى السياسية أن تعى هذا وتتوحد كتيارات حتى تصبح تيارين أو ثلاثة وتتجنب المصالح الخاصة أو الحزبية وتعلى الصالح العام حتى تنهض مصر من تلك الكبوة. أولاً: لا بد من حظر الأحزاب على مرجعية دينية ويتضمن هذا النص شطب أو حل الحزب الذى يمارس خلط الدين بالسياسة. ثانياً: اختيار النظام الانتخابى الذى يضمن القضاء على التيار اليمينى المتطرف وهو النظام الفردى وأنا أعلم أن الأحزاب السياسية قد تظلم وبعض الفئات المهمشة. وقد سمعت عن وجود كوتة، تمثل الثلث قائمة تخص المرأة والأقباط والشباب والثلثين «فردى» وهذا قد يكون حلاً لمدة دورة واحدة مثلاً. ثالثاً: الحد من الإنفاق ووضع آليات للرقابة والتعامل مع من يخترق الشروط بمنتهى القسوة لدرجة الشطب من جدول المرشحين. رابعاً: تكون الانتخابات البرلمانية على يوم واحد حتى لا يتم استخدام موارد الإخوان المالية والبشرية من دائرة إلى أخرى. كل هذه الاقتراحات جزء من الرؤية للقضاء على التيار اليمينى المتطرف ولكن لا بد من وجود رؤية اقتصادية وسياسية وفكرية متكاملة للقضاء على كل التيارات المتطرفة، وهذه مسئولية النخب المصرية والأحزاب السياسية والهيئات البرلمانية ورئيس الدولة المنتخب والحكومة.