سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صدام بين الكبار والصغار: شباب الإخوان يقودون المراجعات الفقهية والفكرية للتنظيم فى مواجهة قيادات الجماعة المراجعات تكشف: الأزمة السياسية سببها تداخل «الحرية والعدالة» مع مؤسسة الرئاسة.. و«الإرشاد» تولى إدارة الدولة رغماً عن «مرسى»
يشهد تنظيم الإخوان حالة من الصدام بين رغبات شبابه فى بدء مراجعات فقهية وفكرية، لكل المسلمات التنظيمية التى كان يرتكز عليها الإخوان فى العمل الدعوى والسياسى، وبين قيادات التنظيم التى ترى أن الوقت غير مناسب لأى مراجعات، فى ظل الأزمة السياسية الحالية، خصوصاً أن التنظيم فى معركة حياة أو موت، تحتاج إلى تركيز الجهود بشأنها. ويرى شباب الإخوان أن الاعتراف بالحق، وإعلان الإخطاء التى ارتكبها القيادات فى حق التنظيم والدولة، أولى الخطوات نحو تصحيح مسار الأزمة الراهنة، والبحث عن حلول واقعية وسريعة لها، وقدّم بعض الإخوان تصوّرات للمراجعات سواء الفقهية أو الفكرية أو التنظيرية والسياسية، إلى قيادات الصف الثانى والثالث فى التنظيم لدراستها، وبحث آليات تنفيذها، بعد طرحها للنقاش على مستوى واسع داخل الإخوان. وقال محمد إبراهيم أحد كوادر الإخوان الشبابية، ل«الوطن»: لا جدال حول أهمية وجدوى المُضى قُدماً فى المراجعات والمناقشات الخاصة بتقييم موقف الإخوان فى الفترة السابقة، والعمل على تصحيح المسار من خلال الخروج إلى الرأى العام بمبادرة لتدشين مرحلة جديدة من المراجعات على غرار مراجعات الجماعة الإسلامية فى التسعينات وأوائل القرن ال«21»، مضيفاً: «لكن فى المقابل يوجد تعنّت واضح من جانب قيادات الإخوان، بدعوى عدم مناسبة الظرف السياسى الحالى للمراجعات، خصوصاً أن المعنيين منهم ببدء المراجعات قابعون فى السجون». وأوضح «إبراهيم» أنه قدّم مقترحاً إلى قيادات الإخوان، فيه تصور واضح لفقه المراجعات، التى يجب الانطلاق منها الفترة المقبلة، وتشمل مراجعة موقف الجماعة القانونى، وتقنينه وفقاً لتشريعات الدولة، إلى جانب مراجعة المناهج التربوية، وموقف الإخوان داخل البلاد من التنظيم الدولى، وأهمية تفكيكه لخطورته على الأمن القومى المصرى، فضلاً عن مراجعات لموقف ورؤية الإخوان للتيارات السياسية الليبرالية واليسارية، ولرؤيتهم للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ك«النور». وأشار إلى أن مسوّدة المراجعات، أعدها مجموعة من شباب الإخوان، الذين عقدوا عشرة اجتماعات على مدار شهرين كاملين، بعد لقاء قيادات من الإخوان ومنشقين عنها، وبعض الرموز الدعوية الوسطية، مثل الدكتور محمد عمارة والدكتور نصر فريد واصل، كاشفاً عن أن شباب الإخوان المشاركين فى المقترح الخاص بالمراجعات رصدوا آراء قواعد الإخوان، فى المحافظات حولها، وكانت النتيجة أن 60% من العينة العشوائية التى جرى النقاش معها وافقت -وبقوة- على إجراء مراجعات فقهية وفكرية جوهرية لتعديل المسار السياسى الحالى للتنظيم، والبدء من جديد فى إطار دعوى خالص، بعيداً عن الممارسات السياسية. وقال مصطفى السيوطى أحد كوادر الإخوان الشبابية، إن المراجعات خصصت باباً كاملاً لموقف التنظيم من حزب الحرية والعدالة، والعلاقة الطردية بينهما وآليات الفصل التام بين الكيانين، مشيراً إلى أن المراجعات قيّمت تجربة المزج بين الحزب والجماعة، وخطر ذلك على الدولة ونتائجه الكارثية خلال العام المنقضى. وأوضح أن الآراء التى تم استطلاعها، ذهب معظمها إلى أن الأزمة السياسية، التى حدثت فى البلاد كان سببها مزج الحزب بالجماعة وعدم الفصل بينهما، وتداخل اختصاصات كل منهما مع اختصاصات الدولة ومؤسسة الرئاسة، مما أدى إلى أن يتولى مكتب الإرشاد إدارة الدولة، رغماً عن محمد مرسى الرئيس المعزول. وقال محمد النادى الباحث فى الحركات الإسلامية، إن مركزية تنظيم الإخوان، لا تسمح لشبابها بإجراء مراجعات فكرية وفقهية، تقيّم أداءها فى الفترة السابقة، فى ظل غياب قيادات الصف الأول عن المشهد الحالى، ووجودهم داخل السجون. وأشار إلى أن أى حديث عن مراجعات فقهية وفكرية داخل الإخوان لا جدوى منه، ولن يجرى بشكل مركزى ومؤسسى خصوصاً أن القيادات ترى أنها لم تخطئ حتى تراجع نفسها، ولم ترتكب أى جرائم فى حق الوطن كما فعلت الجماعة الإسلامية، وبالتالى فإن مطالبتها بالاعتذار، أمر لا محل له من الإعراب عندها، خصوصاً أنها ترى نفسها ضحية لإجراءات الجيش، وليست جانياً. وأضاف «النادى»: على الرغم من أن شباب الإخوان يشكلون عصب التنظيم فإن آليات التربية التى يتلقونها داخل التنظيم لا تدفعهم إلى النجاح فى عمل مراجعات، بعيداً عن قيادات الإخوان، خصوصاً أنه يوجد «حبل سرى» يربطهم بالقيادات، الأمر الذى «ينسف فكرة المراجعات من الأساس»، لافتاً إلى أن أقصى ما يمكن أن تحدثه المراجعات هو إحداث انشقاقات داخل الإخوان، من قبل الشباب الذين يتبنونها، إذا ما فشلوا فى إقرارها، وسيخرجون إلى الرأى العام، معلنين انفصالهم عن الإخوان وتشكيل تيار جديد بمراجعاته وقناعاته السياسية الجديدة. من جانبه، قال محمد السيسى، القيادى بحزب الحرية والعدالة، إن التنظيم لا يرفض أى مراجعات فقهية أو سياسية أو فكرية، وأنه طالما ما تبناها طوال تاريخه، منذ المرشد العام الثانى للإخوان حسن الهضيبى وحتى الآن، لكن الحديث عن مراجعات فى الوقت الحالى أمر مشكوك فى سلامته، خصوصاً أن الإخوان داخل السجون، مضيفاً: «يجب ألا يطلب من الإخوان أن يكتبوا مراجعات فقهية وفكرية، وهم خلف القضبان، ومطاردون ويعملون تحت قصف أمنى ومخابراتى وإعلامى وعسكرى، يجب أن يخرجوا أولاً وينالوا حريتهم، ليأتى بعدها الحديث عن المراجعات».