بدأ شباب الإخوان المسلمين وضع أطر جديدة لتشكيل كيان إخوانى برؤية تختلف عن النهج القطبى، فى هذا السياق رصدت «فيتو» كثيرا من كتابات شباب الجماعة ورؤى بعض المنشقين، للخروج بها من شرنقة العمل الدعوى والأفكار التى لا تتماشى مع الهوية المصرية. ففى صفحة «إحياء فكرة تطوير الجماعة بشكل عملى»، التى اتسمت بالسرية، واقتصرت على شباب الجماعة والمحبين لها، ناقش شباب الإخوان وجهة نظرهم فى تصرف القيادات، وأبدوا العديد من وجهات النظر حول آلية تطوير الجماعة. بدأوا بكتابة هدف للصفحة جاء نصه كالآتى: «بكل صراحة ووضوح نسعى جادين لإحياء ملف تطوير الجماعة بشكل عملى، وذلك من خلال فتحه بكل قوة، وإعادة إحيائه من جديد، وتوكيل «مجلس شورى الجماعة العام» المنتخب به، وليس لشخص أو لجنة مع كامل الاحترام والتقدير للجميع، ويتسلمه كاملًا بشكل رسمى ويقوم بعقد جلسات حوار موسعة وورش عمل وجلسات استماع للإخوان، ويتلقى الأفكار والمقترحات والآراء، ويبنى على ما قد تم خلال العامين الماضيين، ويتم تقسيم الملف إلى ملفات فرعية -داخل مجلس الشورى- ويتم إسناد كل ملف إلى لجنة متخصصة كما حدث فى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، ثم الوصول إلى الصيغة النهائية لملف التطوير، ومن ثم اتخاذ خطوات عملية لتنفيذه على أرض الواقع جملة واحدة أو على مراحل. وأخيرا، قرروا أن يتم الانتهاء من ملف إعادة تطوير الجماعة، فى الأول من شوال، وهو يوم تأسيس الجماعة». وتجرى المناقشات بين شباب الجماعة من خلال هذه النقاط»، ووضع الرؤية والأهداف والمرجعية والمبادئ وصياغة الواقع السياسى، وهيكلة الجماعة، ووضع اللائحة الداخلية، والخطة المالية، ثم الترتيب لإطلاق الجماعة من جديد، وأخيرا عرض الفكرة الجديدة على بعض الرموز الوطنية، ثم انتخاب مرشد جديد». وكتب أنس أبو مالك، على نفس الصفحة: «لقد أثبت الواقع وأثبتت التجربة أن «ملف التطوير» هو الأساس لأى تحرك، ولما تم تأجيل ملف التطوير حدثت انتكاسات عديدة بالنسبة للجماعة أو على المستوى الرسمى فى الدولة، فإذا كنت أنوى السفر بسيارتى القديمة سفرًا طويلًا دون أن أقوم بتجديدها وتحديثها وإصلاحها فإن احتمال تعطلها فى الطريق يصبح كبيرا، وقد حدث بالفعل ما كنا نخشاه، بيد أن القيادات -بكل أسف- ترى أن التطوير خطوة ثانوية تأتى بعد أن نصل إلى الهدف. وكتب محمد عبد الله، أحد شباب الجماعة على الصفحة ذاتها: «منذ ثورة يناير المباركة تعالت أصوات كثيرة داخل جماعة الإخوان وخارجها بضرورة الإصلاح الداخلى وإعادة الهيكلة بما يناسب المرحلة وكانت الفرصة سانحة لذلك، ولم تلق هذه الدعوات من قيادات الجماعة سوى الاستهجان تارة والإهمال تارة أخرى بدعوى أنه لا مجال لذلك الآن، ومضت القيادة فى طريقها، وخاضت بالأفراد معارك تلو أخرى بنظرة أحادية ومركزية شديدة واستبداد تنظيمى ترتب عليه النتائج الآتية: «حدوث انقسام حاد فى المجتمع المصرى مما أدى إلى تصاعد العنف اللفظى والبدنى بين أبناء الوطن الواحد، وتراجع التأييد الشعبى للإخوان ورموزهم بشكل كبير، حتى أصبح الأخ غير آمن على نفسه أو بيته، وساهم الأداء السياسى السيئ لقيادات الإخوان فى التمهيد لما أسماه الانقلاب على ثورة يناير وعودة النظام القديم فى أبشع صوره» –على حد زعمه. واستطرد قائلا: «سقوط مئات الشهداء من خيرة شباب الإخوان فى معارك سياسية كان يمكن تجنبها بقليل من الحكمة والسياسة، وليست أحداث الاتحادية والمقطم وغيرها منا ببعيد، ضعف أداء الرئاسة والحكومة بالرغم من احتواء الجماعة على الكثير من الكفاءات ينم عن سوء الاختيار وتقديم أهل الثقة على أهل الكفاءة مما كان له أثر بالغ على ازدياد السخط الشعبى». وأكد على أن انشغال قيادات الإخوان بالعمل السياسى بالرغم من وجود حزب الحرية والعدالة كان له أثر سلبى على المسار الدعوى والتربوى، فوجدنا ردة أخلاقية كانت واضحة فى أداء وتصريحات العديد من القيادات والشباب وانتشرت الصفحات الإلكترونية المنسوبة للإخوان تسب وتلعن المعارضين كغيرها من الصفحات. وأشار إلى أن غياب الرؤية الاستراتيجية وعدم التقدير الجيد للموقف السياسى وضع التجربة الإسلامية فى مصر فى مهب الريح، وقد تدخل الحركة وأفرادها فى مواجهة لسنين طويلة مع المجتمع من ناحية وأجهزة الحكم من ناحية أخرى إذا نجح الانقلاب، على حد قوله. وأكد أنه وفقا لما سبق، فإنه من المستقر شرعا وعقلا أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة من المسلمين لها اجتهادها البشرى فى استنباط الأحكام وتقدير الموقف، وتخضع مواقفها وتقديراتها لاجتهادات بشرية حتى ولو استندت لنصوص شرعية فالله سبحانه وتعالى يقول: « وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون»، ولما أثبتت التجربة سوء أداء القيادة وتخبطها مما أوصل البلاد والعباد لخطر عظيم فإنه لزاما علينا –أفراد الإخوان المسلمين– أن نقدم رؤيتنا لتصحيح مسار الجماعة بما يحفظ لمشروعنا وسطيته وسماحته وعالميته. لذلك فإننا نقترح أن يتم التصحيح على كافة المستويات الإدارية والفكرية والفنية، وذلك عبر مرحلتين؛ المرحلة الأولى (الفترة الانتقالية). وأكد على أن هذه المرحلة تتطلب أن يقوم المرشد بدعوة مجلس الشورى العام لاجتماع عاجل لاتخاذ إجراءات من بينها: عرض استقالة المرشد العام وأعضاء مكتب الإرشاد على أعضاء مجلس الشورى، وانتخاب لجنة مصغرة لإدارة الأزمة من أعضاء مجلس الشورى على أن تستعين هذه اللجنة بمن تشاء من المتخصصين من داخل أو خارج مجلس الشورى، وتسند لهذه اللجنة عدة مهام، رصدها كالتالى: «إدارة شئون الجماعة خلال الفترة الانتقالية، والتى يجب ألا تزيد على ثلاثة أشهر، واختيار لجنة متخصصة لتعديل اللائحة الداخلية للجماعة بما يحقق الفصل بين السلطات وتفعيل مبدأ الشفافية والمحاسبية داخل الحركة، وبما يمكن كافة شرائح الحركة من حق المشاركة فى كافة المستويات القيادية على أن يكون للشباب والمرأة عدد محدد من المقاعد داخل مجلس الشورى العام ومكتب الإرشاد، وكذلك المكاتب الإدارية وغير ذلك من الإجراءات التصحيحة اللازمة لضمان صياغة لائحة تحفظ حقوق الفرد والجماعة وتوضح بشكل كافٍ العلاقة التنظيمية بين كافة أقسام ولجان ومؤسسات الجماعة وآليات التوثيق والتصعيد والانتخاب، وكذلك العلاقة الإدارية والسياسية بين الحزب والجماعة» و»تنتهى لجنة تعديل اللائحة من عملها خلال 30 يوما لتحيل لجنة إدارة الأزمة اللائحة الجديدة إلى مجلس الشورى العام وعدد من الممثلين عن الشباب والمرأة للتداول وإبداء الرأى والتوصيات؛ لعمل التعديلات اللازمة خلال أسبوع واحد، مع مراعاة ألا تجرى أية تعديلات على مسودة اللائحة يكون من شأنها الخلل بالمبادئ العامة المذكورة أعلاه». «تشكل لجنة بكل محافظة للإشراف على الاستفتاءات والانتخابات الداخلية، وطرح اللائحة للاستفتاء العام من جموع الإخوان بدءا من العضو المنتسب على أن يتم الانتهاء من هذا الاستفتاء خلال أسبوعين على الأكثر، وفى حالة رفض اللائحة الجديدة يتم رفع التوصيات وتعديل اللائحة وعرضها مرة أخرى للاستفتاء خلال أسبوعين على الأكثر، وفور إقرار اللائحة الجديدة يحل مجلس الشورى العام الحالى، وتجرى الانتخابات داخل كل محافظة لاختيار مجالس شورى المحافظات يتبعه انتخاب أعضاء الشورى العام ثم المرشد ومكتب الإرشاد الجديد، وذلك خلال شهر واحد». وعن رؤيته للمرحلة الثانية قال: «فى أول اجتماع لمجلس الشورى الجديد وبحضور أعضاء مكتب الإرشاد يتم مناقشة: تقييم المرحلة السابقة ووضع رؤية استراتيجية للحركة؛ للعمل وفقا للواقع الجديد لترتكز هذه الرؤية وفقا لمراجعة الموقف القانونى والمالى للجماعة والعمل على تكييف وضع الجماعة القانونى، وصياغة أهداف محددة لمسارات عمل الجماعة خلال الخمسة أعوام المقبلة، وعمل مذكرة تفاهم بين الجماعة والحزب توضح العلاقة الإدارية والتنسيقية بين المؤسستين بحيث يكون هناك تفويض من الجماعة للحزب بإدارة الشأن السياسى بشكل كامل، مع أهمية التمايز بين القيادتين، وكذلك التمايز بين الخطابين ومسارات العمل، وأن يكون التنسيق حول القضايا العامة والاستراتيجيات بعيدة المدى». وتابع: «تشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين لصياغة مناهج جديدة للتربية تقوم على إحياء الفكر الوسطى وتعزز القيم الروحية والأخلاقية، تفعيل اللائحة الجديدة، واستكمال انتخابات الجماعة وصولا إلى أصغر وحدة إدارية (الشعبة)، وعمل قناة وموقع جديد للجماعة تقوم سياسته التحريرية على نشر أخبار الجماعة والمراجعات والتطوير الذى حدث، مع عدم التطرق للشأن السياسى وترك ذلك لصفحات وجرائد الحزب، مع إفراد مساحة إعلامية للشرفاء من الكتاب المخلصين من خارج الجماعة وكذلك مساحات للشباب والمرأة لعرض أفكارهم وآرائهم، وإنشاء مركز للتخطيط الاستراتيجى يقوم بعمليات الرصد والتحليل تعمل من خلاله اللجان الفنية بالجماعة، ثم إنشاء وحدة للمتابعة والتقييم تكون تابعة لمجلس الشورى العام مباشرة، وحسم مفهوم الخلافة الإسلامية ورؤية الجماعة تجاهه وفقا لما استقر عليه علماء الأمة ومثقفوها الثقات، وأخيرا حسم وتوضيح العلاقة مع التنظيم الدولى للإخوان بما يتوافق مع القوانين المحلية والأهداف المرحلية للحركة داخل وخارج مصر». «رؤى المنشقين» قال كمال الهلباوى، القيادى المنشق عن الجماعة، إنه يتوجب على الجماعة ترك العمل السياسى لمدة لا تقل عن 10 سنوات، مطالبا شباب الإخوان بالابتعاد عن النهج القطبى، ومؤكدا على أن العودة للعمل الدعوى الذى لا يهدف إلى مكاسب سياسية، ضرورة ملحة فى المرحلة الحالية. وتابع الهلباوى: تغيير الفكر الإخوانى سوف يحتاج إلى سنوات، لإعادة تأهيل الكثير من شباب الجماعة على نهج آخر غير السمع والطاعة، مشيرا إلى أن العقلية الإخوانية تعودت خلال السنوات الماضية على الثقة العمياء فى القيادة، وإصلاح هذه الرؤية يتطلب التروى وإجراء المناظرات الفكرية، حتى تستقر الأمور أمام أعينهم. وقال مختار نوح، القيادى المنشق والمستشار القانونى لحزب مصر القوية: «إن أولى خطوات الإصلاح والمراجعة تبدأ من أصل الفكرة، مشيرا إلى أن انحراف الجماعة عن مقصدها الدعوى بعد 10سنوات من إنشائها، كان اللبنة الأساسية لما وصلت له الآن، مؤكدا على أن أهم خطوة من خطوات المراجعة، تتطلب التخلص من السرية والعودة للعمل العلنى، وإدماج الجماعة والحزب فى كيان واحد، مؤكدا على أن الكيان الذى يعمل بأكثر من رأس يتهاوى وهو ما حدث مع الجماعة خلال العامين الماضيين». وأكد نوح أنه على استعداد لإجراء أى مناظرة مع أى قيادة من قيادات الإخوان حول ضرورة المسار الإصلاحى للجماعة، مشيرا إلى أن الدكتور محمد على بشر، القيادى الإخوانى، يبدى تفهما كبيرا لضرورة الإصلاح. وأشار نوح إلى أن السبيل الوحيد لإنهاء ودحض كل الأفكار الهدامة يتلخص فى خلق مجتمع مفتوح يعى جوهر دينه ومفاهيم السياسة التى اقتصرت على ثنائية الإخوان والدولة فى أمور عدة، مشيرا إلى أن العنف لم يكن من نهج الإخوان، إلا أن الفكر القطبى سيطر على الجماعة، مطالبا شباب الإخوان بالابتعاد عن هذه الأفكار الهدامة. واختتم نوح قائلا: هناك أكثر من شخصية وسطية، نحو 20 شخصية من التيار الإسلامى، أبرزهم ممدوح الشيخ وعاصم بكرى وكمال الهلباوى وأحمد بان، يعكفون على وضع مراجعات للجماعة، كى يعيدوا هؤلاء الشباب إلى العمل العام، كى لا تكون تَكِأَة لخلق جيل أكثر تطرفا، مشيرا إلى أن استئصال الإخوان، سيجعل القيادة الإخوانية تصدر صورة المظلومية لشبابها فتستقطب أعضاء جددا».