مع غروب شمس جماعة الإخوان المسلمين التى أصابتها اللعنة المصرية والغضب الشعبى عقب تظاهرات 30 يونية التى نادت بإبعادهم عن الحكم، ورحيل الرئيس الإخوانى محمد مرسى، ظهرت أصوات عديدة تنادى بإقصاء سياسى لقيادات الجماعة وتزامناً مع ذلك الأمر خرجت بعض الأصوات المحسوبة على التيار الإصلاحى بالإخوان وهم بالأصل منشقون منذ سنوات عنها لعدم التقاء الأفكار أو تحقيق حد أدنى للتفاهم. هؤلاء ممن قضوا أكثر من 40 عامًا داخل أروقة الجماعة، لكن كفرهم بإيمان القيادات «القطبية»، التي سيطرت على الجماعة في الفترة الأخيرة، بالتغيير لم يترك لهم خيارًا آخر غير الانسحاب بعدما فشلت محاولتهم للإصلاح من الداخل، وبعد إلقاء القبض على العديد من القيادات القطبية للجماعة وعلى رأسهم المرشد العام ذاته محمد بديع ونائباه خيرت الشاطر ورشاد البيومي والمرشد السابق للجماعة مهدي عاكف ظهرت بوادر لتحقيق حلم الإصلاحيين لإحداث مراجعات فكرية بخلاف المتشددة التى ظهرت فى صفوف الجماعة مؤخرًا، إضافة إلى التخلص من الخلط بين دور الجماعة الدعوي والحزب السياسي والاعتراف بالفشل في تجربة الحكم، وبدء مرحلة جديدة من تمكين الشباب. وطبقاً لتحليلات سياسية فإن هناك عدة بوادر تشير إلى الفرص المتاحة لنجاح هؤلاء من خلال تمثيلهم بلجنة الدستور عن طريق الدكتور كمال الهلباوى والمجلس القومى لحقوق الإنسان. وعلى أثر ذلك فإن عدداً من القيادات المنشقة بقيادة الدكتور كمال الهلباوي ومشاركة مختار نوح، وعاصم البكري، وغيرهم يسعون إلى إنشاء كيان بديل يتولى ويهدف إلى تحسين صورة الفكر الإسلامى لتصحيح الأفكار السلبية التى نتجت عن الحكم الإخوانى وتنظيمهم بعيدة عن تنظيم الإخوان الذى يعتبره عدد من المنشقين أنه زال بالفعل، وطبقًا لبرنامج محدد وضع إطاراً منهجياً لقيادة الفكر الإصلاحى لعدد من المنشقين عن الجماعة ينص على أنهم بحاجة الي منظمة إسلامية ضابطة ومراقبة ترعي الوسطية والاعتدال، وتكون مراقبة لادعاءات المدعين ومزايدة المزايدين، مشيراً إلى أن اتساع فهم الإسلام وتجدد مسارات التدين الخاص والعام، ربما سمح للبعض بادعاء أفكار ليست من الإسلام المعتدل والوسطي في شيء، إنما هي هوي لدي معتنقيها، أما لكونها تتيح لهم السيطرة أو الاستفادة. وأشار إلي أن المرتكزات التي سيعتمد عليها التيار هى الوسطية واعتراف المجتمع بدوره، وأن يكون الاعتراف قانونياً وفق قوانين الدولة، وستتكون مبادئ التيار من العدل والحرية والسلام والدعوة والحوار وحقوق الإنسان والاستقلال والحياد وحق تقرير المصير وتطور الفكر الإسلامي وتجديده. ويوضح التيار أنهم يحتاجون الي مراقبين وباحثين في الشأن الإسلامي من أفكار وقيم وحركات، وفقهاء وعلماء تجديديين، وأن تمويلهم سيكون رسمياً، مشيراً إلى أن مرحلة الانتشار والاعتراف المجتمعي والفردي بها هي مرحلة تحتاج إلي الدعم الإعلامي الموجود في المجتمعات المختلفة والمساجد والمؤسسات العامة، كما تحتاج إلي سواعد الشباب. وفى هذا الإطار، ظهرت عدة توجهات من خلال المنشقين فهناك من يعارض الجماعة إلى حد الكراهية ويرفض عودتها ويريد محوها من السياسة المصرية إلي الأبد وهؤلاء يندمجون مع حركات شبابية، كما أن هناك فصيلاً آخر يسعى إلي نصح شباب الجماعة بتصحيح مسار الإخوان والتعامل معها بلطف بجانب معارضتها ولا داعى لإقصائها نهائيًا بحسب رؤيته. وقال مختار نوح، إن فكرة التيار موجودة وهى تتركز على مجهودات مجموعة من العلماء والمشايخ الذين يحاولون تصحيح المفاهيم العامة المغلوطة لدى الشارع المصرى عن الإسلام وليست هى تابعة أو نابعة من جماعة الإخوان المسلمين لأن الجماعة انتهت بالفعل والإعلام فقط هو من يجعل لها تواجداً بالشارع. وقال هيثم أبو خليل، المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين: «نحن تجاوزنا مرحلة الإخوان ولن نعود إليها مرة أخرى، ونكتفى فقط بنصح شباب الإخوان لتصحيح المسار وتجاوز القيادات، ونحن خرجنا من التنظيم ولن نعود إليه، وأشار إلى اختلاف أفكاره عن بعض العناصر الأخرى المنشقة والتى كونت خطاً عنيفاً لمهاجمة الجماعة وتكوين فكر وحركة موازية لها. وقال محمود حبيشى، منسق حركة «منشقون»: نحن ضد التنظيم الإخوانى والفكر الخاص بهم، وأشار إلى أن هناك تنسيقاً مع الجماعة المتمردة على الفكر الرافضة للإخوان المسلمين وأفكار حسن البنا ومتواصلون باستمرار مع هذه القيادات. وأوضح حبيشى أنهم حركة شبابية وطنية سياسية وضد خلط الدين بالسياسة ونلجأ إلى الأزهر كمرجعية فى الحركة، ونرفض التصالح مع الإخوان المسلمين ونطالب بحل الجماعة واعتزال قادتها نهائيا ومصادرة أموالها وذهاب أموالها إلى الدولة، وعدم إنشاء حزب على أساس دينى. وأكد قيادى منشق عن الإخوان رفض ذكر اسمه أنه على الإخوان القيام بمراجعات من النواحى الفقهية، لكى يتمكنوا من العودة للعمل السياسي رغم الرفض الشعبى لهم، وأشار إلى أن هناك توجهات شبابية كبيرة تسعى لتحسين صورة الجماعة والخروج من عباءة الفكر القائم على السمع والطاعة، وتحدثوا إلى قياداتهم فى هذا الشأن قبل فض اعتصامى رابعة العدوية ونهضة مصر لكنهم رفضوا الطرح بشكل نهائى، وهو ما أدى إلى تشكيل حزب بديل وهو «شباب من أجل مصر». وأكد المصدر أن قيادات مكتب الإرشاد من التيار القطبي لهم النصيب الأكبر فى مسئولية أخطاء الجماعة خلال الفترة الماضية والابتعاد عن نهج البنا. وأن هناك اتصالات قد جرت مع عدد من الإصلاحيين بالجماعة قبل فض الاعتصام وأبدوا موافقتهم على الفكرة لإنشاء كيان بديل أو تحقيق إصلاح بالجماعة لكنهم تراجعوا.