يدخل الطالب إلى اللجنة في الصباح متدثرا بدعوات والدته له بالتوفيق والنجاح، يستلم ورقة أسئلة امتحان اللغة العربية وفى بدايتها سؤال التعبير، الذى غالبا ما يجيب عنه الطالب فى نهاية الامتحان حتى لا يضيع وقته، يفاجأ بأن السياسة هى المحور الرئيسي له، ما يحيره ما بين أن يكتب رأيه حقيقة إن كان له رأي، أو يكتب ما يضمن له درجة النجاح. تنوه وزارة التربية والتعليم من فترة لأخرى على منع التطرق للقضايا السياسية والدينية المطروحة على الساحة ولم يتم حسمها بعد، إلا إذا كان ذلك يتفق مع التوجه العام الذى تنتهجه الوزارة، فخلال الأشهر الماضية التى مرت على الثورة المصرية لم تخلُ أسئلة التعبير من مواضيع تتحدث عن السياسة نادرا ما تم مجازاة واضع الامتحان عليها كما حدث مع مدرس اللغة العربية محمد محمود نوفل الذى وضع سؤالا للصف الأول الثانوى اتهم فيه الحكومة والأحزاب العلمانية والليبرالية بإفساد الحياة السياسية، وهذه بعض الأسئلة التى جاءت فى امتحانات اللغة العربية خلال الفترة الفائتة. رسالة شكر إلى القوات المسلحة: "اكتب رسالة إلى المجلس العسكرى المصري تشكره فيها على حمايته للثورة المصرية وتصميمه على حماية البلاد من كل عميل وطامع رغم ما تعرض له من إهانات". كان هذا السؤال هو البداية في امتحان الصف الأول الثانوى بمدرسة أبو صير الثانوية بنين لعام 2011، أثار وقتها جدلا واسعا في محيط الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعى "تويتر وفيسبوك "، ولم يعترض عليه أحد بالرغم من التعليمات الواضحة بعد التعرض للأحداث الجارية على الساحة السياسية بناء على تعليمات وزارة التربية والتعليم. "أثبت المصريون جميعا مسلمين وأقباطا أنهم علموا الدنيا كيف تكون الثورات، وأن الانتصار كان على الظلم والفساد.. اكتب ما لا يقل عن 6 أسطر رسالة إلى الشباب تطلب منهم المحافظة على هذه الروح والوحدة الوطنية لبناء مصر الجديدة". وكان هذا اول سؤال عن الثورة المصرية دون مدح فصيل بعينه خلال الثورة في امتحان الدور الأول للغة العربية بالمرحلة الثانية من الثانوية العامة، ما يعطى الطالب المساحة للإجابة دون أن يضطر للنفاق من أجل الحصول على درجات أعلى، وهو المأزق الذى وقع فيه الطلاب الذين دخلوا امتحان الدور الثاني لنفس العام حيث تكرر سؤال توجيه الشكر إلى المجلس العسكري على موقفه البطولي في حماية الثوار خلال الثورة. برقية شكر للحرية والعدالة: قبل أيام من مرور الذكرى الأولى للثورة المصرية بدأت امتحانات منتصف العام، التى تم تسيسها فى كثير من المدارس بمختلف المحافظات. ففى مدرسة القنايات الإعدادية بمحافظة الشرقية تم تحويل المسئولين بإلادارة لامتحانات ومدرسة اللغة العربية للصف الثاني الإعدادى للتحقيق بسبب سؤال التعبير الذى طلبت فيه من تلامذتها توجيه برقية شكر لحزب الحرية والعدالة، وكان نصه " أكتب برقية تهنئة لحزب الحرية والعدالة الحائزعلى المركز الأول فى مجلس الشعب"، وأصدر حزب الحرية والعدالة بيانا يعلن فيه رفضه لما قامت المدرسة بفعله، واعتبره إساءة لاسم الحزب الذى وثق فيه الشعب. اعرب..حركة 6 إبريل "خونة": بمحافظة الجيزة، وتحديدا بأوسيم، فقطعة النحو المطلوب إعرابها للصف الأول الثانوي حملت اتهاما صريحا لحركة كفاية و6 أبريل بالوقيعة بين الجيش والشعب "إن ما يقوما به حزبا كفاية و6 أبريل من محاولات للوقيعة بين الجيش والشعب المصري، والادعاء بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة المشير طنطاوي ورجاله المخلصين من فلول النظام السابق متجاهلين حماية الجيش لثورة الخامس والعشرين من يناير عام ألفين وأحد عشر، وتجنب مصر الفتن والمؤامرات، وتدخل الغرب فى شؤون البلاد، بغية ضرب الاستقرار، وتقسيم مصر إلى دولتين كما هو الحال فى السودان الشقيق، وليبيا وسوريا، الأمر الذي يتطلب الحذر والحيطة وعدم الانسياق وراء هذه الفتنة الضالة ذات الميول العدوانية والأجندات الخارجية، والأغراض الشخصية". فض الاعتصامات بالقوة: لم تخل امتحانات اللغة الإنجليزية أيضا من حضور المجلس العسكري بها، ففى اختبار اللغة بإدارة قوص بقنا الخاص بالصف الأول الثانوي بدأت قطعة الفهم بضرورة شكر المجلس العسكري أيضا "فى تعبير عن الاحترام، يجب أن نرفع جميعاً القبعة للجيش المصرى، فهو واحدة من أهم المؤسسات فى مصر، ودور الجيش الرئيسى هو الدفاع عن الوطن فى مواجهة أى خطر" ثم ختمت القطعة بالطريقة التى تعامل بها الجيش مع الاحتجاجات " وبعد تنحى مبارك شهدت مصر العديد من الإضرابات والاحتجاجات، وكان أمام الجيش المصرى أحد خيارين: إما استخدام القوة لإيقاف هذه الاحتجاجات، أو الاستماع إلى أصوات الاحتجاج. وقد اختار الجيش الخيار الثانى". إفساد الليبراليين في الأرض: آخر أسئلة التعبير التى أثارت جدلا واسعا كان السؤال الذى وضعه المدرس محمد نوفل بمدرسة عبد الرحمن شكرى الثانوية فى شمال بورسعيد بامتحان الصف الأول الثانوي، وأحيل بسببه للتحقيق بعد البلاغ البيان الذى قدم ضده فى مجلس الشعب يوم الثلاثاء الماضى. وقد جاء نص السؤال كالتالي "لقد اصبح الشعب المصري منذ الثورة واعياً لكل ما يدبر له ويحاط به من جميع الوسائل المحاربة له، سواء كانت حكومة أو أحزابا ليبرالية وعلمانية أو إعلاماً فاسدا أو جهات أجنبية منتشرة على "الفيسبوك"، وسيقف لها الشعب بالمرصاد، ويحاربها بسلاح الإيمان والعزيمة"، اكتب عن هذا الموضوع".