«من عذاب إلى عذاب».. هذه العبارة نطقها 233 أسرة من أهالى الدويقة الذين تم إخلاؤهم من مساكنهم فى مناطق «أرض الملعب وشارع الشهيد عبدالرحمن وعطفة الموزة». هؤلاء تركوا هذه المساكن قبل أن تنهار على رؤوسهم ولم تنته معاناتهم بعد، فقد فوجئوا أن محافظة القاهرة أعطت كلاً منهم شقة مساحتها «28 متراً» فى أكتوبر، وعندما احتجوا رد عليهم المسئولون «احمدوا ربنا.. إنتو كنتوا فين.. ربنا كتب لكم عمر جديد قبل ما تندفنوا أحياء». «الوطن» انتقلت إلى منطقة أرض الملعب ورصدت مأساة مئات الأسر الذين يعيشون فى مساكن لا تصلح للحيوانات، لكن ظروفهم الصعبة دفعتهم إلى الإقامة فيها.. بدت المنطقة أشبه بمدينة أشباح، فهى مظلمة بلا أى مرافق وكل غرفة يعيش بها أكثر من 10 أفراد وبداخل كل غرفة حمام صغير. قالت نادية الضبع (45 سنة ربة منزل) إنها تعيش منذ 30 سنة فى غرفة آيلة للسقوط وتم إخلاء مئات الأسر الذين يعيشون فى مساكن أقل ضرراً منها، وأنها لا تزال تقيم فى غرفة لا تزيد مساحتها على 3 أمتار طولاً، وعرضها 4 أمتار، ويقيم معها زوجها وأبناؤها الأربعة. أضافت نادية أن رئيس الحى والمحافظ «ولاد ...» ما سألوش فينا وعندما طلبنا منهم توفير شقق لنا حتى لا تنهار الصخور على رؤوسنا ردوا علينا «لما تقع البيوت يحلها ربنا»، ثم دخلت فى وصلة من البكاء، وقالت «حسبى الله ونعم الوكيل.. جميع المسئولين بيتاجروا بينا» وأعضاء مجلس الشعب ماعملوش لينا حاجة وجالنا عضو مجلس شعب قبل الانتخابات ووعدنا بمساكن جديدة فى منطقة أكتوبر وبعد الانتخابات «ماشفناش وشه» أما أشرف محمد هاشم (40 سنة عامل باليومية)، فقال: انهارت الصخور على رؤوس 3 أشخاص فى غرفة مجاورة لنا والحكومة ماعملتش حاجة، حتى مفيش كهرباء ومياه. واحنا «محسوبين على الأحياء ولكننا موتى».. يعنى الواحد عامل باليومية يشتغل يوم و10 لأ، نجيب فلوس علشان نشترى شقة ولا نأكل الأولاد. فى حين قال نصر فتحى عبدالمولى (45 سنة): أنا عايش هنا من حوالى 25 سنة وابيضت رؤوسنا من هول الصدمات التى شهدناها، فمنذ 4 سنوات انهارت الصخور التى ابتلعت أكثر من 300 شخص وحضر إلينا جميع المسئولين وقالوا لنا إحنا هنجيب شقق لجميع أهالى المنطقة لكنهم أخذوا عدداً قليلاً ولا يزال الباقون يترقبون موتهم أحياء. ويقول طه أحمد محمد (25 سنة): إلحقونا قبل ما نموت تحت الصخور ياجماعة.. مراتى طلبت الطلاق منى بعد أن انهارت علينا الصخور واعترضت على المعيشة وطلبت منى الطلاق وذهبت إلى منزل أسرتها، وعندما ذهبت لكى أتفاهم مع أهلها طلبوا منى التوقيع على إيصال أمانة على بياض لضمان حقوقها، وعندما عادت وشاهدت الحشرات والثعابين تخرج من الصخور أصرت على الطلاق هرباً من الجحيم الذى نعيش فيه. وصف محمد عبدالغنى (50 سنة عامل) مأساته قائلا: «لا يحتمل أى حيوان أن يعيش فى هذه المنطقة لكن الظروف القاسية جعلتنا نرضخ أمام الأمر الواقع. وتابع قائلاً «أما عن جرائم السرقات والبلطجة فحدّث ولا حرج». ومن جانبه برر المهندس أشرف فؤاد، مساعد رئيس الحى، هجوم الأهالى، قائلا: هناك لجان هندسية تقوم بفحص جميع المساكن من أجل تحديد المتضررين الذين يعيشون فى حضن الجبل ولجان من المحافظة لحصر جميع الأسر المتضررة. وأضاف: تم إخلاء 233 أسرة وتسلموا شققاً فى منطقة أكتوبر، أما عن باقى المتضررين فقال: هناك لجان عديدة من المحافظة تواصل أعمال الحصر، وعندما تنتهى من عملها سيتم عرضها على المسئولين لاتخاذ قرارات بشأنها.