لا أفهم لماذا انزعج أنصارُ المعزول من قصيدة المبدع «مدحت العدل» التى غنّاها الفنان «على الحجار»، على موسيقى «أحمد الحجار»! أولاً: لم ترِد فى القصيدة لفظة: «الإخوان»، فهل غضبُهم وفق منطق: «اللى على راسه بطحة»؟ وثانياً: وبافتراض أن «البطحة تُحكم»، (زى ما «القافية تحكم»)، لماذا شعروا بالبطحة الآن فقط؟ فالقصيدة نُشرت أيام حكم مرسى كاملة فى جريدة «المصرى اليوم»، ولم تغضبهم وقتها! وقرأتها الإعلامية لميس الحديدى، فلم يعلّقوا عليها، وقت كانت مصرُ وأعناق المصريين فى قبضتهم! أغضبتهم عبارة «احنا شعب وانتو شعب»، إذ يرونها عنصرية وتدعو للفُرقة والشتات! واندهشوا من إشادتى بها، أنا الداعية للسلام والمحبة والتآخى! ونسوا أن يسألوا أنفسهم: «مَن البادئ؟» أليس البادئُ أظلمَ؟ مَن الذى صرخ على الهواء فى وجه الفنان التشكيلى «صلاح عنان»: نحن أسيادكم، نعم الإخوان أسيادكم»؟ مَن «الفلوطة» الذى قال: «الإخوانىُّ لا يتزوج إلا إخوانيةً»؟ مستشهداً بقوله تعالى: «أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير» باعتبار أن أى مصرية مسلمة أقلُّ رتبةً ومكانةً وفضلاً من أية إخوانية! مَن الذى قال: «أهلى وعشيرتى»، فاتحاً قميصه وقلبه أمام مريديه، وصاكاً سمعَه عمن عداهم؟ مَن الذى قال: «اللهم أمتنى على الإخوان»، جاعلاً من «الإخوانية الدموية» ديناً من دون الأديان التى أنزلها الله؟ مَن الذى قال: «طز فى مصر، وفى شعب مصر»؟ مَن الذى قال: «المصريون يعيشون عيشَ الجاهلية وإسلامُهم منقوص»؟ مَن الذى قال: «ما الوطنُ إلا حفنةٌ من تراب عفن»؟ مَن الذى قال: «نضحى بكام ألف مصرى مش مهم لكى ينجح مشروع النهضة»؟ مَن الذى قال: «أبغضُ النصارى»؟ من التى صرخت أمام الشاشات فى وجه الأقباط: «هانولع فيكو، هانولع فيكو»؟ من الذى أعلن نية المتطرفين فى هدم الأهرامات وتماثيل أجدادنا الفراعنة بمجرد التمكين؟ ومَن الذى صرخ: «حاربوا الحضارةَ الفاجرة»؟ ومَن ومَن ومَن؟ أزعجتهم فقرة شعرية تقول: «وردة برية وبراءة/ إحنا بنشوف الطفولة/ وإنتوا شايفينها سبايا/ تثبتوا بيها الفحولة/ إحنا يسعدنا خيالها/ لما ترسم ف الكتاب/ وإنتوا لو عدى خيالها/ يطلعلكوا فى ثانية ناب». ألستم من أفتى بزواج الطفلة فى السابعة؟ ألستم من قتلوا فينا البراءة بكلامكم ليل نهار عن سيقان المرأة ومفاتنها التى تعشّش فى رؤوسكم، بينما نراها نحن إنساناً كريماً ذا أهلية وإرادة وعقل «يوزن بلد»؟ أغضبتكم: «إحنا نفديها بحياتنا/..../ وإنتوا قلتوا كنتوا سُعدا/ لما داسوا فوق ترابها». ألم تسجدوا لله شكراً على هزيمتنا فى 67 حقداً على عبدالناصر؟ ألستم من خططتم لبيع سيناء لحلفائكم فى غزة لكى ترتاح إسرائيل من صداعهم؟ ألستم من أهديتم حلايب وشلاتين لحلفائكم فى السودان؟ أزعجتكم: «إحنا بنشوف ربنا/ رحمة للعبد اللى تاه/ عفو عن مُخطئ مُسىء/ توبة أو طوق للنجاة/ وإنتو تِعبان القبور/ والمقارع للحريم/ سد باب الرحمة غِيَّة/ واللى يغلط ف الجحيم/ واللى يضحك يبقى كافر/ والعبوس آخره النعيم». ألستم من ألحد على أياديكم السوداء آلافُ المصريين وكنتم السبب فى صراخ سيدة على الهواء: «إن كان الإسلام بتاع الإخوان، فأنا بريئة منه!»؟ الآن بعدما لفظكم الشعبُ تتمسكنون وتتكلمون عن الإقصاء، بعدما تجبَّرتم علينا فى سلطانكم؟! القصيدة، للأسف، صادقة، وأنتم من كتبها بأفعالكم. أما أنتم، فإنما ينطبق عليكم قولُه تعالى: «فلولا إِذْ جاءهم بأسُنا تضرَّعوا، ولكن قَسَتْ قلوبُهم وزَيَّن لهم الشَّيطانُ ما كانوا يعملون. فلمَّا نسوا مَا ذُكِّروا به فتحنا عليهم أبوابَ كُلِّ شىءٍ حتى إذا فَرِحُوا بما أُوتُوا، أخذناهم بغتةً فإذا هم مُبْلِسُونَ. فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَموا، والحمد لله رَبِّ العالمين».