أثارت الثورة المصرية، وما زالت تثير، وسوف تظل تثير عدداً لا حصر له من التحليلات والتكهنات، مع استمرار رصد توابعها وانعكاساتها مصرياً وعربياً ودولياً.. وقد ثار الشعب بأكمله تقريباً دفاعاً عن الدولة التى أيقن أن جماعة الإخوان المسلمين، التابعة لتنظيم دولى لا نعرف كنهه، وأنصارها، فى سبيلهم لتنفيذ بنود صفقة خيانية بالتفريط فى أجزاء غالية من أرض الوطن. وهو ما يتكشف يوماً بعد يوم، ليس بما يتسرب من هنا أو هناك فحسب، بل بوقع المفاجأة على الطرف الأقوى والأكثر استفادة، أى الولاياتالمتحدةالأمريكية، فالسجال على أشده فى بلاد العم سام، حيث يتقاذف كل فريق الاتهامات بالتسبب فى ضياع مصر من جهة ومن جهة ثانية إهدار المليارات على مشروع ثبت فشل الذين توسموا فيهم القدرة الخارقة على تنفيذه، باختصار الارتباك هو سيد الموقف فى واشنطن، التى تصف اعتصامات الإخوان وأنصارهم بالسلمية وتروج الأكاذيب من نوعية «انقسام» المجتمع المصرى، متعامية بصورة فجة عن عشرات الملايين الذين ثاروا دفاعاً عن هويتهم وهؤلاء الذين تركزوا فى ميدانى رابعة والنهضة والدفع ببعض منهم لقطع طريق هنا أو العدوان على مبنى حكومى هناك.. والغريب أن الإخوان الذين جاهر مرشدهم السابق صاحب، طظ فى مصر، بأنه لا يمانع فى أن يحكمه ماليزى، يستكثرون على الشعب أن يرحب بأن يحكمه مصرى بدعوى أنهم، لفرط إيمانهم، بالديمقراطية، ولا يريدون عسكرياً!!، وبالذات الفريق أول عبدالفتاح السيسى، القائد العام لجيشنا والذى أكد فى كلمته الأخيرة أن حماية إرادة الشعب أعز على نفسه من الحكم.. لكن ما يثير حنق من عصفت الثورة بهم وبمخططاتهم الشريرة، أن السيسى، ومفوضاً من الشعب، لا يعمل حساباً إلا لمصر وشعبها، فإذا لوحت إدارة باراك بقطع المعونة، لا يهتز ولا يلين، لأنه يدرك تماماً مدى ما كلفتنا هذه «المساعدة»، وبعملية حسابية واعية يتضح أن مصر هى التى تقدم مساعدة لواشنطن.. ومن أهم نتائج ثورة يونيو ويوليو، إيقاظ التضامن العربى وهو ما يصيب أمريكا وحلفاءها بمن فيهم الإخوان بذعر وتخبط حقيقيين، ،وتجلى هذا اليقين فى موقف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والأردن والبحرين، حيث أعربت هذه الدول عن مساندتها ودعمها الكامل للشعب المصرى ولثورته.. هذا التطور الجوهرى هو يقيناً نتيجة الثورة التى التحم فيها الشعب والجيش وانضمت إليها كل مؤسسات الدولة، التى كانت فى مهب الريح، .. وكأن العرب الذين كانوا يشاهدون عاجزين بحزن وأسى، تفتيت الأوطان لصالح أعدائها تحت دعاوى، دينية تارة وديمقراطية تارة أخرى، قد عاد إليهم الشعور بأن تفرقهم جعل كثيرين يطمعون فيهم، بل والأدهى، أنهم باتوا قاب قوسين أو أدنى من التشرذم المفضى لا محالة إلى التقزم.. الموقف العربى عامة والسعودى على وجه الخصوص، أجبر كل الأطراف على إعادة حساباتها.. ولا تزال الثورة، يقيناً، تعيد رسم الخريطة إقليمياً ودولياً.