ماذا تريدون من الجيش المصرى؟ سؤال يطرح نفسه بعد سلسلة من المحاولات المستميتة لاستفزاز القوات المسلحة وجرها بشكل أو بآخر فى الصراعات الدائرة. اللواء سامح سيف اليزل وكيل المخابرات الأسبق يؤكد أن عملية اختطاف الجنود ما هى إلا حادث عرضى ليس له أى شق سياسى كما يرى البعض، الجنود المختطفون واحد منهم فقط من القوات المسلحة والباقى من جنود الأمن المركزى، وكانوا يرتدون ملابس مدنية بعد عودتهم من إجازة، ومدبرو العملية لم يكن لديهم علم مسبق بأنهم أفراد يتبعون جهات أمنية بعينها، أما ما تقوم به حماس أو حكومة غزة من الوساطة فهو عبارة عن البحث عن دور لتلعبه.
اللواء طلعت مسلم يقول: اختطاف الجنود المصريين ليس ردا على تصريحات السيسى، بل هو تهديد للدولة المصرية وهو تحد لها، وتنامى الجماعات الجهادية فى سيناء يعد تأكيداً لما تردده من إنشاء إمارة إسلامية مقرها مصر، وعلى الدولة وليس الجيش فقط أن تتعامل معها سواء من خلال بدو سيناء والقبائل الموجودة هناك، ويجب أن ندرك أن تصريحات السيسى الأخيرة ليست مناورة، المؤسسة العسكرية لا تلجأ لمثل هذه الطرق، رسالة السيسى واضحة، لأن هناك حالة تربص للجيش المصرى منذ فترة، خاصة أنه المؤسسة الوحيدة التى تحظى بثقة الشعب، كما أنه يمثل القوة السياسية الوحيدة المتماسكة والمنافسة لباقى القوى السياسية، فهو البديل للسلطة الموجودة الحالية، التى تعانى من الهشاشة والضعف، كما أن هناك استهدافاً عربياً ودولياً للجيش من خلال دعوات قطر بإنشاء جيش عربى وكانت تقصد بها الجيش المصرى بالدرجة الأولى لأنه يعد أقوى الجيوش العربية، ولكن هذه المحاولات لم تجد لها آذاناً صاغية من أحد، وإن دلت على سذاجة القيادة القطرية، من ناحية أخرى ضرب إسرائيل بصواريخ من سيناء من تلك الجماعات الإسلامية كان بهدف إحراج الجيش والحكومة المصرية، لتوريطه وجره إلى حرب مع إسرائيل، ولكن الجيش المصرى أوعى من أن ينزلق لتلك المحاولات، أما فيما يتعلق بالزى العسكرى ودعوات الجهاديين بالجهاد فى سوريا ضد إسرائيل، خاصة بعد ظهور الإخوانى وجدى غنيم بالزى العسكرى فيقول مسلم: حسنا فليذهبوا ويحاربوا وحدهم.
يتفق معه اللواء حمدى بخيت مستشار رئيس أكاديمية ناصر العسكرية العليا قائلا: أى مواطن بسيط يعلم أن هناك أيادى وجهات متربصة بالقوات المسلحة وذلك لجره إلى صراعات مع القوى السياسية الداخلية وإثارة الوقيعة بين الجيش والشعب مرة أخرى، فى محاولة للنيل من المؤسسة العسكرية والنيل من هيبتها، وهذا ما دعا تلك الجماعات إلى استفزاز الجيش بأكثر من وسيلة، على الرغم من أن السيسى أوضح موقف القوات المسلحة، من أن الجيش نار، لا تلعبوا به ولا تلعبوا معه، وعلى الناس أن تعى أن الجيش حيكون معاهم لو ثاروا على النظام الفاقد للشرعية مثلما حدث أيام ثورة 25 يناير، فإما أن يثور أو يعود لصناديق الانتخابات، لكن مطالب البعض وهما قاعدين فى بيوتهم لن تجد لها صدى عند الجيش، وأضاف بخيت: الجيش لديه ثوابت فى عقيدته العسكرية، منها حماية الأمن القومى وحماية الشعب، ولكنه يلزم كل الأطراف الموجودة فى السلطة والمعارضة بالصندوق، موجها رسالة واضحة للرئيس بأن يكون رئيسا لكل المصريين وليس لجماعته، فى الوقت الذى يجب على المعارضة أن تقدم حلولا عملية وبديلة على أرض الواقع، ويعلق بخيت قائلا: اختطاف 7 جنود نتيجة للمارسات النظام الحالى من رعاية للهرتلة الجهادية الموجودة حاليا فى مصر، ليجعلها مرتعا لأجهزة المخابرات للدول الصديقة وللدول غير الصديقة، قيادة غير مستقرة جعلت بدورها مصر دولة غير مستقرة، بالإضافة إلى الإعلام وأصحاب الأجندات والمصالح.. كل هؤلاء أضعفوا من قوة مصر واستقرارها فى المنطقة، أما ما يقوم به وجدى غنيم وأبوإسماعيل وغيرهما فيصفهم بخيت: غنيم وهو يرتدى الأفرول فى الفيديو الذى ظهر به يحرض فيه على الجهاد فى سوريا ضد إسرائيل عبارة عن سمك لبن تمر هندى، هذه الجماعات ما زالت تعيش فى البيئة القبلية، لكن لا يصلح أن يعيشوا فى الدول التى لها مؤسسات، لأنهم فاقدون لأطر الدولة ولا يعرفونها فأفكارهم مازالت متحجرة وقديمة، ورد بخيت: هناك هجمات ضد القوات المسلحة من الداخل ومن الخارج. أما عن احتمالية شن حرب ضد إسرائيل بدعوى الجهاد فرد بخيت منفعلا: الرئيس لا يستطيع أخذ قرار دخول الحرب منفردا حتى وإن كان القائد الأعلى للقوات المسلحة، لأن الجيش يرفض الزج بأبنائه فى حروب خارجية، خاصة أن قرار الحرب يتشكل من خلال 3 أجهزة هى جهاز الأمن القومى والقوات المسلحة وجهاز الأمن الوطنى، وفى حال أنه صمم وقرر إعلان الحرب فهو يعلن عن تحمله نتائج تلك الحرب وحده. اللواء حسام سويلم المدير السابق لمركز البحوث والدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة قال: كلام السيسى ليس مناورة كما يراها البعض وإنما جاء ليضع حداً لحالة اللغط، وليؤكد أن الجيش ليس لعبة تتحرك وفقا لأهواء القوى السياسية.. النهارده يسقط حكم العسكر، وبكرة الجيش ينزل تانى، أما اختطاف الجنود المصريين فهو حادث لا علاقة له بما يجرى، وإنما هو حادث منفرد ليس له دلالات سياسية، على الرغم من تربص البعض للقوات المسلحة وأنه أصبح موضع كراهية للإخوان، خاصة بعد فشلهم فى أخونة الجيش وتطويعه لحسابهم، الجيش هو النواة الصلبة والملاذ الوحيد المتبقى للشعب لذلك يحاولون النيل منه تارة بالتطاول أو إلصاق بعض الوقائع إليه أو الزج به فى معارك جانبية، بعدما وصلوا لأغلب مؤسسات الدولة لم يتبق للإخوان سوى المؤسسة العسكرية، الذى لا هم لهم إلا فى بيع البلد، من قالوا «طظ فى مصر واللى جابوا مصر» جعلوا سيناء مرتعا لحماس وللجماعات الجهادية التى تقوم بتدريباتها العسكرية، وتنازلوا عن حلايب وشلاتين للسودان، لأن مصر ليست فى اهتماماتهم، الشعب أدرك الخديعة التى وقع فيها عندما اختار الإخوان وطالب بإسقاط حكم العسكر، أدرك ذلك بعد مرور 10 أشهر على حكم الإخوان، فأصبحوا يدركون خطورة وضعهم المتزعزع، لذلك يحاولون الإيقاع بالمؤسسة العسكرية وزرع فتنة بينه وبين الشعب بأى طريقة، ولهذا نجد صمتا من الرئاسة على كل ما يحدث فى حق الجيش، ولكن فى الوقت ذاته لا أعتقد أن هناك محاولة لتوريط الجيش فى أى عمليات عسكرية فى سوريا على الرغم من الوضع المتأزم، أما بخصوص استخدام عناصر من حماس لزى الجيش المصرى فهو كان فى الأساس من أجل تنظيم الحرس الثورى الذى يريده الإخوان بدلا من الحرس الجمهورى، ولكن فى الوقت ذاته من المحتمل وليس مستبعدا أن يتم عمل عمليات عسكرية وإلصاقها بالجيش المصرى، وإن كان سيتم كشفها لأن تكنيك العمليات يختلف من ميليشيات أو جماعات مسلحة إلى نظام عسكرى منظم، أما عن سقوط النظام السورى فهو سيسقط لأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، ويعلق سويلم عن الضغوط التى تحاول بعض الدول ممارستها للزج بالجيش المصرى فى الحروب الإقليمية مثل دعوة قطر السابقة لوجود جيش عربى، فيقول سويلم: هذه محاولات لإثارة الجيش والذى لن يلتفت بدوره أو يتحرك لمثل هذه الدعوات. محمد حسان المتحدث الإعلامى باسم الجماعة الإسلامية ينفى علاقة الجماعة بتصعيد بعض الأفراد لهجتهم ضد الجيش أو محاولة الزج به فى الحرب ضد إسرائيل بدعوى الجهاد السورى قائلا: أرفض فى الأول أن أعلق على ما صدر من بعض الأشخاص تجاه الجهاد وفتواها، كما نرفض نحن الجماعات الإسلامية المساس بقواتنا المسلحة التى ساندت الثورة المصرية، واختلافنا على ممارسات المجلس العسكرى ليس معناه أن نولى العداء للجيش المصرى، فنحن نحترمه كثيرا ونقدر دوره الوطنى، كما أننا نرفض الزج بقواتنا المسلحة فى أى حرب ما دامت هناك اتفاقات ومعاهدات بيننا وبين إسرائيل لأن احترام المعاهدات من شيم الرسول عليه الصلاة والسلام، حتى وإن كنا نرى أن شروط الاتفاقية مجحفة ولدينا اعتراض عليها إلا أن الطريق الوحيد لتغييرها هو السبل الدبلوماسية وليس توريط جيشنا فى الحرب.