رفعوا شعار «مهنة واحدة لا تكفى»، بسبب ارتفاع الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة، حتى لو أدى ذلك إلى تعرضهم لضغوط بدنية ونفسية، فلا بديل لدى البعض عن زيادة الدخل بأى وسيلة لمواجهة أعباء الحياة ومتطلباتها الكثيرة. يعمل أحمد مصطفى عبدالعزيز فى بوفيه إحدى الشركات، راتبه من عمله الأساسى لا يكفى، يتقاضى 2000 جنيه من المفترض أن يدفع منها 500 جنيه إيجاراً، بالإضافة إلى مصاريف زوجته وابنه: «الأسعار غالية والدنيا بقت صعبة، الولد لو تعب شوية بدفع كتير فى الكشف والعلاج والمتابعة، البامبرز مثلاً واخد جزء كبير من دخلى، أنا والله مابقتش عارف أجيب منين ولا منين، مفيش قدامى غير إنى أغرق فى الشغل ليل نهار». كان يعمل فى سوبر ماركت بعد عمله فى البوفيه، لكن انقطع رزقه بعد تصفية المحل وإغلاقه: «دلوقتى بشتغل أى حاجة على باب الله، أى حاجة ربنا يرزقنى بيها بروح أعملها، يعنى أشيل لواحد بضاعة، واحد عايز يبعت حاجة فى مشوار بروح، أودى طلبات لمكان يطلع لى 100 جنيه ولا 150، ربنا يرزق». يعمل فى البوفيه من السابعة صباحاً وحتى السابعة مساء، وإجازته الجمعة: «يوم الخميس بمشى بدرى، والجمعة بدعى ربنا يكرمنى بأى حاجة إضافية، ومتفق مع حارس عمارة معرفة لو أى حد عايز ينقل أى حاجة أنا موجود، إحنا فى عرض جنيه». يعمل شقيقه فى أحد ملاعب كرة القدم، وفى وقت البطولات، يذهب «أحمد» ليساعدهم من أجل أى رزق إضافى يساعده على المعيشة: «أروح أشيل وآخد اللى فيه النصيب». عادل نصار، يعمل فى ثلاث مهن مختلفة، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، الأولى موظف فى الشركة العامة للمخابز، الثانية فى التصوير الفوتوغرافى، والأخيرة فى بيع وشراء السيارات: «عايشين نتحمل فوق طاقتنا، ورب الكعبة عمرى ما أعرف أعيش بوظيفة واحدة، احسبها لى، عندى عيّلة ثانوية عامة، و2 فى الجامعة، وعيل فى أولى ثانوى و2 فى ابتدائى». يدخل بيته فى الثالثة فجراً بعد يوم شاق، يصلى الفجر وينام حتى الساعة الثامنة، لينزل إلى عمله: «حتى لو مانمتش غير كام ساعة قليلين، اللى شغال شغلانة واحدة يموت، أنا بعمل كده عشان لو عيل من عيالى طلب منى حاجة أعرف اجيبها له». صفاء إسماعيل، مدرسة، أعلنت حالة الطوارئ فى منزلها، خطوات عدة بدأتها باتخاذ قرارات مصيرية ومهمة لتوفير المصاريف، القرار الأول هو أن يعمل كل فرد من أبنائها الطلبة، برضاهم وبناءً على طلب منهم أيضاً: «ولادى كبروا، واحد فى الجامعة والتانى داخل ثانوى عام، يعنى كبروا ويقدروا يعتمدوا على نفسهم». الابن الأكبر «عبدالرحمن»، يعمل إخصائى نفسى، وزملاؤه بالجامعة يعمل معظمهم أيضاً فى فترة الإجازة، لتقليل الحمل عن آبائهم: «المصروف مايكفيش فبيعتمدوا على نفسهم، أصل المادة يا دوب تكفى الأكل والشرب والمصاريف الأساسية، أما الابن الأوسط «عمر» فكان يعمل فى «جيم»، ثم قرر التدريب والعمل مع شقيقه فى فترة إجازته، كما أنه اتخذ قراراً بالعمل فى وقت دراسته، بالإضافة إلى قرار عدم أخذ دروس خصوصية فى كل المواد، والاعتماد على نفسه فى المذاكرة: «كل واحد فيهم نفسه فى حاجة فبيشتغلوا، وبيعتمدوا على نفسهم، الزمن ده عايز كده، ولازم يعرفوا قيمة القرش، وبيعملوا ميزانية للمواصلات، والفطار، واللبس والخروج». عمل أولادها، قلل العبء من عليها ومن على والدهم: «طبعاً الموضوع ده كان له تأثير إيجابى، خاصة مع الغلاء، وتحديداً المواصلات، ده حتى ابنى الصغير اللى فى ابتدائى بفكر أعمل له صفحة على الفيس بوك، وأشتغل معاه من خلالها ونبيع من خلالها حاجات زى طقم كوبايات وأكياس حريمى وغيرها». أما أشرف محمد، فبمجرد انتهاء ساعات عمله فى وظيفته الصباحية فى إدارة التربية والتعليم بالهرم، يهرول إلى منزله، يرى طلبات أولاده الثلاثة، الأكبر «عبدالرحمن» فى «كى جى 1»، و«ندى» 4 سنوات والأخير سنة ونصف، يراهم ويطمئن عليهم، ثم يهرول إلى إحدى الصيدليات بمنطقة «آخر فيصل»، ليبدأ عمله الثانى كمساعد صيدلى، ويستمر حتى الساعة الثالثة فجراً ويعود إلى منزله، ليجد أولاده سهارى فى انتظاره كما اعتادوا كل يوم لرؤيته قبل أن يناموا. لا ينام «أشرف» فى اليوم سوى 4 ساعات من أجل عمله الصباحى، وتدور الأيام: «تعب جداً، بيصعب عليا ابنى وبتصعب عليا نفسى، بس كل ده عشانهم، أتعب مش مشكلة بس آكلها أنا وعيالى بالحلال، عشان عايز ولادى يبقوا أحسن منى». يتساءل «أشرف»: «1600 جنيه من وظيفة يعملوا إيه؟»، ثم يجيب: «مايعملوش حاجة، عشان كده عمل واحد صعب»، يعمل فى الصيدلية بنظام الساعات، كل ساعة بحساب: «وباجى على نفسى وأزود عدد الساعات، باجى على وقتى وصحتى، بس الحياة صعبة والدنيا غلا وبرضه مايقضيش».