طالب حقوقيون بضرورة سن تشريع يُنظم استخدام وسائل التواصل الاجتماعى، محذّرين من أن تتحول من منصة للحريات والتعبير عن الرأى إلى ساحة شائعات وتشويه لسمعة بعض الناس بما يُهدّد ثوابت المجتمع. أكد سعيد عبدالحافظ، رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، أن الحرية مسئولية، منوهاً بأن الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان لا تعترف بالحرية المطلقة، ولا حتى الحقوق المطلقة، فكل حق يقابله واجب. وأضاف «عبدالحافظ»، فى تصريحات خاصة ل«الوطن»، أن «حرية التعبير تقابلها حقوق الغير فى حرمة حياتهم الخاصة، وكذلك عدم نشر ما يحض على الكراهية أو العنف»، مشيراً إلى أنه لا يمكن إغفال أهمية وسائل الاتصال كأحد أهم وسائط التعبير عن الذات، لكن فى حدود احترام حقوق الآخرين، موضحاً أنه «عدا ذلك، فالتعبير عن الرأى يكون مؤثماً طبقاً للإطار القانونى فى قانون العقوبات ويستوجب العقاب». وقال الدكتور ولاء جادالكريم، رئيس مجلس أمناء مؤسسة شركاء من أجل الشفافية، إن الشفافية وتعزيز الحق فى الوصول إلى المعلومات هو المفتاح السحرى لتحقيق المعادلة، فالشائعة كالفيروس تماماً، تنتشر فى الأجواء المظلمة، وتتكاثر فى غياب الضوء عندما يخلو المناخ من الحقائق الموثّقة. «عبدالحافظ»: الاتفاقيات الدولية لا تعترف بالحرية المطلقة و«جادالكريم»: الشائعة كالفيروس تنتشر فى الأجواء المظلمة وأضاف «ولاء»، فى تصريحات ل«الوطن»، أنه «لا مجال لمناهضة فيروس الشائعة إلا بأجسام مضادة اسمها الحقيقة»، مطالباً أجهزة الدولة المختلفة، بوصفها مصدر المعلومات، بتبنى نهج منفتح على المجتمع، يقدّم المعلومات والحقائق للرأى العام فى الوقت المناسب، مشيراً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعى يصعب التضييق عليها، لأن المعطيات التكنولوجية أكثر تعقيداً من أى محاولات لتعطيلها، أو تحجيمها، لافتاً إلى أن علاج ظاهرة الشائعات على هذه المواقع يأتى عن طريق توفير منصات موازية تُقدّم الحقائق وتعرى الشائعات. وقال محمود البدوى، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان: إن «قلة الوعى حول طبيعة وسائل ومنصات التواصل الاجتماعى الحديثة كانت سبباً مباشراً فى تحول تلك المواقع والمنصات الإلكترونية من وسيلة جيّدة ومتطورة للتواصل بين الأشخاص وزملاء الدراسة والعمل والأقارب، إلى وسيلة للخلافات والعداء بين كل هؤلاء. وأضاف «البدوى» ل«الوطن»، أن مستخدمى تلك المواقع خرجوا عن الغرض الحقيقى من إنشائها، فمرة يتم استخدام مواقع التواصل فى أغراض تجارية، ومرة أخرى فى أغراض ذات خلفية إرهابية، حتى أصبحت وسيلة لترويج الشائعات بما يُهدّد الأمن الداخلى للدول، ويزعزع استقرارها، مطالباً بوجود تشريع جديد يفرض نوعاً من الرقابة القانونية الواعية على مستخدمى تلك المواقع عن طريق ربط بياناتهم الشخصية بصفحاتهم وحساباتهم على هذه المواقع، لافتاً إلى أن هذا المقترح لا يتعارض مع مفهوم الحريات التى نص عليها الدستور، بل هو مقترح يعمل على تحقيق التوازن بين الحرية الشخصية فى استخدام تلك المواقع، وبين صون مصالح الوطن والمواطنين. وقال محمد ربيع، المدير الإدارى للمركز المصرى لدراسات السياسات العامة، إن البعض يرى وسائل التواصل الاجتماعى وسيلة للتواصل والتعبير عن الرأى، والبعض يراها الشيطان الذى تسلل إلينا. وأشار «ربيع» إلى أنه يمكن لوسائل التواصل فى الوقت الحالى أن تُشكل فوائد عظيمة، سواء فى التسويق أو التعليم أو خلق رأى عام مساند لموضوع ما، محذراً فى الوقت نفسه من استخدام هذه الوسائل فى إطلاق الشائعات وتشويه سمعة البعض وإحداث بلبلة فى كثير من الأحيان، مطالباً بسن قوانين تحفظ حق المتضرّرين من هذه المواقع، وعقاب مروجى الشائعات، مع مراعاة حرية الحق فى التعبير عن الرأى وتوعية جمهور وسائل التواصل بالتأكد من مصادر الأخبار المنشورة.