جامعة العريش تخصص مقر ولجنة خاصة لامتحانات الطلاب ذوي الهمم    في سنة ممطرة.. التونسيون يواجهون غلاء الأضاحي    التنمية المحلية: تحسن ملحوظ فى مؤشرات تنظيم الأسرة بالمحافظات    التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية يتسارع إلى 16.5% في مايو    رئيس "الإرشاد الزراعي" يستعرض استراتيجية التكيف مع تغير المناخ    محافظ أسيوط يفتتح معرض "اليوم الواحد" لتوفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة بنسبة تصل إلى 30%    مع الإطلاق الرسمي اليوم.. تعرف على مزايا خدمة ال 5G    إعلام عبري: المبعوث الأمريكي لسوريا يزور إسرائيل    تحت شعار توزيع المساعداات..قوات الاحتلال الصهيونى ترتكب مجازر وجرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين    مباحثات تركية أوروبية لتعزيز التعاون التجاري    للمرة الثانية.. البحرين عضو غير دائم بمجلس الأمن الدولي    الوصل الإمارتى يعلن تعيين لويس كاسترو مدربا جديدا    الأهلي يرتدى ثوب «المونديال» الليلة وسط تحديات عديدة    قبل مواجهة الكويت.. ماذا يحتاج فلسطين للتأهل لكأس العالم 2026؟    شوبير يكشف مفاجأة في قائمة الأهلي لكأس العالم للأندية بأمريكا    الجباس: بيراميدز بطل الدوري هذا الموسم.. ومواجهة الزمالك أصعب من صن داونز    أحكام الحج (12).. علي جمعة يوضح أعمال أول أيام التشريق    حالة الطقس فى السعودية.. أمطار رعدية والعظمى بمكة المكرمة 41 درجة    ضبط 52 ألف مخالفة مرورية فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    «الداخلية»: مصرع 3 عناصر شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بأسيوط    وفاة مفاجئة لمراقب داخل لجنة امتحانات الدبلومات الفنية بالبحيرة    عزاء الفنانة القديرة سميحة أيوب مساء غد فى مسجد عمر مكرم    فيلم المشروع x لكريم عبد العزيز يحصد 48 مليون جنيه خلال أسبوعين من طرحه    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    خالد سليم يشارك جمهوره صورًا تجمعه بعمرو دياب وعدد من النجوم    يوم التروية.. أولى محطات الحجاج في رحلتهم إلى عرفات    الصحة: 58 مركزا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال إجازة عيد الأضحى    الرعاية الصحية: نتطلع من خلال التعاون مع شركة انطلاق إلى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للتميز الطبي والسياحة العلاجية    تعاون عسكرى مشترك.. وتحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط    رئيس جامعة القاهرة يتفقد الامتحانات بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والإعلام    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    نفتح الشباك ولاّ نقفله ؟!    «الطفل 14 عاما والطفلة 17 عاما».. «الطفولة والأمومة» يبلغ النيابة العامة في واقعة خطوبة طفلين بالغربية    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    نقيب المحامين يوجّه بمتابعة التحقيقات في واقعة مقتل محامي كفر الشيخ    اليوم.. توقف عمل آلية المساعدات الإنسانية في غزة والمدعومة من واشنطن    سعر الدولار اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025    مصرع شخص وإصابة 13 آخرين إثر انقلاب ميكروباص بالصحراوي الغربي في أسيوط    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب جزيرة سيرام الإندونيسية    شيماء سيف تعتذر عن عدم استكمال مسرحيتها في الكويت    وزير خارجية تركيا: نتوقع عقد جولة مفاوضات جديدة بين روسيا وأوكرانيا    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    «بين الصدفة والرسائل المشفرة».. هل تعمد الأهلي وبيراميدز إفساد اللحظات الجماهيرية؟    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    إرهاق جسدي وذهني.. حظ برج الدلو اليوم 4 يونيو    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حان أوان التحرر من المعونة الأمريكية
نشر في الوطن يوم 14 - 08 - 2013

هل كان عضو الكونجرس الأمريكى جون ماكين سيتجرأ ويدلى بتصريحات صلفة وحمقاء فى القاهرة وصلت إلى حد التلويح بمنع المعونة الأمريكية وقطع العلاقات، لو لم تكن الحكومة المصرية تحصل على معونة ضخمة نسبيا من الإدارة الأمريكية وتحرص على استمرار هذه المعونة؟
لا أظن على الإطلاق.
والأنكى أن قرائن مقنعة تتوافر على أن هذا الموقف المذموم جاء لدعم جماعة الإخوان الضالين وبطلب منها وسابق تدبير من التنظيم الدولى للإخوان. بل إن هناك قرائن على أن الرجل انغمس فى تصرفات تشين أى ضيف أجنبى فى بلد محترم، ناهيك عن أن يكون ممثلا لهيئة نيابية فى الولايات المتحدة، بتورطه فى نصح جماعة الإخوان الضالين بأساليب عرقلة خطة التحول الديمقراطى الراهنة. إن مثل هذه الأفعال تتعدى مجال خرق الأعراف الدبلوماسية إلى نطاق التجريم ويتعين أن تفضى إلى اعتبار هذا المأفون شخصية غير مرغوب فيها فى مصر.
ولكن رب ضارة نافعة، فقد تتيح حماقة ماكين فرصة نادرة للتحرر من إدمان المعونة الأمريكية بسبب رد الفعل الشعبى والرسمى الكاسح الرافض لموقفه العدائى، إن من يموِّل جهة ما، خاصة فى غير موطنه، غالبا ما يتوخى مصلحة خاصة له أو لبلده. وبناء عليه، فإن تلقى التمويل ينطوى دائما على شبهة تبعية المتلقى للمانح، والمثل السارى هنا يقول: «إذا وضعت يدك فى جيب شخص آخر وتحرّك، فلا بد أن تتحرك معه، إن أردت أن تبقى يدك فى جيبه». والدلالة واضحة: من يتلقى التمويل ويحرص على استمراره، لا بد أن يتبع المانح فى حركته مما ينطوى على فقدان استقلال القرار، ومن خطايا الحكم التسلطى الفاسد والمستبد الذى قامت ثورة شعب مصر العظيمة لإسقاطه فى مطالع 2011 أنه أسّس لذهنية وممارسات الاستجداء من الخارج، فى سياق نمط من الرأسمالية التجارية والاحتكارية المنفلتة، بدلا من بناء نمط للتنمية المنتجة والمستقلة وتأسيس قيم الاجتهاد، فاستشرى فى جميع جنبات المجتمع داء الاعتماد على التمويل الخارجى وصولا لعائلة الطاغية المخلوع.. إن أى دولة لا يمكنها صيانة استقلالها الوطنى ما بقيت مدمنة لتلقى المعونات التى يمنحها آخرون. ومعروف أن مصر ظلت تتلقى معونة كبيرة من الولايات المتحدة لأغراض مدنية وعسكرية منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد للتصالح مع إسرائيل. وبمرور الزمن تناقص الشق الاقتصادى فى المعونة الأمريكية لمصر حتى أصبحت المعونة العسكرية هى الغالبة.
فى حالة مصر، تصل المعونة العسكرية إلى 1,3 مليار دولار سنوياً. ويلاحظ أنه بينما حافظت المعونة العسكرية على مستواها خلال العقد الماضى، انخفضت المساعدات الاقتصادية من نحو 700 مليون دولار عام 1990 إلى 250 مليون دولار عام 2010، وبذلك انخفضت المعونة الاقتصادية إلى أقل من خمس المعونة العسكرية. وتدل هذه البيانات على أن المانح والممنوح كليهما كان يولى أهمية أكبر للمعونات العسكرية بالمقارنة بالمساعدات الاقتصادية، وبالإضافة لذلك، تبين مصادر الإدارة الأمريكية أنه قد خُصِّص فى ذلك العام مبلغ 1.9 مليون دولار للتدريب الهادف «لتقوية التعاون العسكرى المصرى الأمريكى فى الأجل الطويل» وهذا المبلغ المخصص من موارد الإدارة الأمريكية هو على الأغلب ما يستعمل لتمويل اللقاءات الدورية بين القادة العسكريين من البلدين.. ولا ريب أن للمعونة العسكرية فوائد تتمثل فى توريد المعدات وقطع الغيار والذخائر من الولايات المتحدة مجانا، بشرط الشراء من الولايات المتحدة بالطبع، ما يستلزم الدخول فى علاقات بين النخب العسكرية فى البلدين، ولكنها لا تخلو من مضار. فالاعتماد على الولايات المتحدة كمصدر وحيد طويل الأجل للمعدات وقطع الغيار والمعرفة اللازمة لاستخدامها بكفاءة ينشئ حالة من التبعية غير المرغوبة لمن يريد الحفاظ على استقلاله الوطنى، خصوصا أن الولايات المتحدة تتبنى مشروعا إمبراطوريا له مصالح ضخمة فى المنطقة العربية ويدعم المشروع الصهيونى فى الوحدة سبيلا للعزة والكرامة. ويجب ألا ننسى أن أسلحة الولايات المتحدة كتاب مفتوح للعدو الاستراتيجى لمصر إسرائيل، وفى حدود اتفاقية كامب ديفيد تنشأ قيود أخرى على استعمال السلاح المورد من الولايات المتحدة.
إن الإجماع الذى يكاد يكون تاما فى دوائر المصريين كافة يقضى بأن عزة مصر وكرامة أبنائها لا تستقيم مع الاعتماد، الذى يراد له من قبل الأمريكان ومريديهم أن يظهر وكأنه لا فاصم له، على المعونة الأمريكية، والذى أضحى بسبب عنت الإدارة الأمريكية لصيقا باجتراح جرعات متزايدة من المهانة عبر الاصطفاف المطلوب من متلقى المعونة خلف مانحيهم على الصعيدين الإقليمى والدولى. بل يصل إلى حد قبول ربط المعونة بالتدخل السافر فى الشئون الداخلية لمتلقى المعونة. ولذلك يتردد التهديد بقطعها أو حجبها لفترة أو تقليلها حتى ينصاع من تسول له نفسه أن يتصور أن باستطاعة من يدمن الاعتماد على المعونة أن يقدم على ما يرضى المانح ليلقى للمدمن بالجرعة التالية التى لا يصح لها من أثر إلا تكريس إدمان الداء.. ما ندعو إليه هو وضع استراتيجية ذكية لتنويع مصادر سلاح جيش مصر بإعادة العلاقات العسكرية مع الاتحاد الروسى، وغيره من مصادر السلاح فى الشرق مثل الصين والهند كموردين لسلاح القوات المسلحة المصرية، ونقدر أن هذه المصادر سترحب وربما ستقدم شروطا تفضيلية بسبب موقع مصر الاستراتيجى ورغبة هذه القوى الكبرى فى تعزيز مكانتها فى مواجهة الولايات المتحدة.
ولكى يكتمل سعى مصر الثورة لتعزيز الاستقلال الوطنى، أقترح أن يُطرح الموقف من اتفاقية كامب ديفيد، إلغاءً أو تعديلا، على الاستفتاء الشعبى، ربما فى اليوم نفسه لعملية انتخاب الرئيس القادم، وليس فى هذا أى افتئات على التعهدات الدولية لمصر. فقواعد القانون الدولى تتيح مراجعة الاتفاقيات الدولية بعد مرور فترة على إبرامها.
غير أن المبرر الأهم لمراجعة الاتفاقية أو إلغائها كلية، فى الوقت المناسب لمصر، هو أنها لم تكن اتفاقية منصفة فى الأساس بل وضعت شروطا مجحفة انتقصت من سيادة مصر على أراضيها، خاصة سيناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.