«وقف الحال»، هو العنوان العريض الذى يلخص حال عمال وأصحاب المحاجر فى المنيا، ويقول بعضهم، وهو يُعدد الشكاوى من تدهور الحال: «مكناش بنلاحق على الشغل، وكانت الدنيا تضحك لنا، فحينما كان يطلب الشاب من والده مصاريف الدراسة، كان ينصحه أن يقصد الجبل الذى يوفر الآلاف من فرص العمل للقاصى والدانى من أبناء المنياومحافظات أخرى، وبعد ذلك خرج قانون الثروة المعدنية للنور فى عام 2014، وكنا نعتقد أنه سيدفع الاستثمار وينمى أكبر وأهم قطاع فى الصعيد وهو المحاجر أو الكنز الأبيض الذى تحول إلى كابوس على أهالى قرى شرق النيل». «جوارجى»: القانون الجديد ألزمنا بدفع 41.4% من إيجار المحجر سنوياً للتأمينات رغم أنه لا يفيد العمال.. و«ربيع»: نعمل حالياً بمبدأ المغامرة ويقول نادى زكى جوارجى، من قرية نزلة عبيد، صاحب محجر، أعمل فى مجال المحاجر منذ نحو 25 عاماً ومحجرى فى منطقة تسمى الست، وكل مشاكل أصحاب المحاجر ظهرت بعد إقرار قانون الثروة المعدنية الجديد، وتتمثل فى الإجراءات التعسفية فى الترخيص، ومنها إلزامنا بدفع نسبة 41.4% من قيمة إيجار المحجر السنوية، لصالح التأمينات الاجتماعية، علماً بأن الحد الأدنى للإيجار السنوى فى القانون الجديد لا يقل عن 70 ألف جنيه، وكنا قبل 8 أعوام ندفع إيجاراً سنوياً 3007، كما أن مبلغ التأمين الجديد المفروض علينا لا يستفيد منه عمال المحاجر إطلاقاً وهى فى الأساس مفروضة على شركات المقاولات وليس المحاجر، أيضاً نحن مطالبون بدفع ضريبة مبيعات، والغريب أن هذه الضريبة يدفعها أصحاب المحاجر فى محافظة المنيا فقط دون باقى المحافظات، والأدهى من ذلك أنه يتم احتساب قيمة الضريبة السنوية على حسب مساحة المحجر وليس الإنتاج الفعلى، وهناك العشرات من أصحاب المحاجر عليهم متأخرات للضرائب منذ عام 2004، ومصلحة التهرب الضريبى حررت لهم عشرات المحاضر، وبعضهم مهدد بالسجن والتشرد، وأضاف: تكلفة ترخيص محجر فى ضوء القانون الجديد لا تقل عن 100 ألف جنيه، وقد يرخص أحد المستثمرين محجراً ويكتشف أن المنطقة غير صالحة للعمل، كما أننا ملزمون بدفع قيمة إيجار المحجر بعد مرور يوم واحد من الموافقة على طلب الترخيص دون انتهاء الإجراءات فعلياً ويتم تحرير محاضر لأصحاب المحاجر الذين يتأخرون عن دفع الإيجار السنوى بواقع 72 ألف جنيه لأقل مساحة محددة فى لائحة الترخيص وهى 10 آلاف متر مربع، وذكر «جوارجى» أن المحافظ الأسبق أحمد ضياء الدين خصص مبلغ 5 ملايين جنيه من حساب صندوق خدمات المحافظة، وتمثل المحاجر نحو 80% من موارد هذا الصندوق، كوديعة فى أحد البنوك لصالح أصحاب المحاجر والعاملين بها، ليتم الاستفادة من فوائد هذا المبلغ للإنفاق على أصحاب وعمال المحاجر فى حالة حدوث إصابات أو حالات عجز ووفاة، وللأسف فإن فوائد هذا المبلغ لا تغطى المبالغ المطلوبة، وغير كاف بالمرة، ففى حالة وفاة عامل تصرف أسرته مبلغ 20 ألف جنيه فقط لا غير دون معاش، ويتم صرف مبلغ لا يزيد على 10 آلاف جنيه كحد أقصى، لحالات الإصابة ويتم تحديد المبلغ على حسب نسبة الإصابة بناء على التقارير الطبية، فأصحاب وعمال المحاجر لا يتمتعون بأى تأمين صحى أو اجتماعى، وليس لهم معاشات. وقال محمد زيد، من قرية طهنا الجبل، صاحب محجر، إن مصاريف إنشاء وتشغيل محجر باهظة وتشكل عبئاً على الجميع، ومنها شراء مولد الكهرباء والأسلاك والكابلات بسعر يتجاوز ال200 ألف جنيه، وشراء 3 فصالات و3 حشاشات لتشغيل أصغر مصنع متوسط سعر الآلة الواحدة 15 ألف جنيه، بإجمالى 100 ألف جنيه، وأيضاً شراء أمواس تقطيع يصل سعر الموس إلى 900 جنيه وقد يتلف خلال أسبوع واحد، وغيار زيت للماكينات كل 10 أيام بمقدار 28 لتر زيت ثمنها نحو 1100 جنيه، ومصاريف صيانة مثل تغيير مجموعة «رومان بلى» ومجموعات مفاتيح كل شهر بمبلغ يقارب ال700 جنيه، ونحو 200 لتر سولار يومياً يزيد ثمنها على ألف جنيه وذلك لتشغيل وردية واحدة لمدة 8 ساعات، وبعد تجهيز كل ذلك تتم أعمال الاستكشاف عن المادة الخام لمدة تتراوح بين 6 أشهر وعام كامل وقد تكون غير صالحة بعد الوصول لها، وأضاف أن تكاليف التراخيص مبالغ فيها جداً ولا يستطيع أحد دفعها، خاصة أن المناطق الجبلية التى يوجد بها مواد خام تعرف بالست والأحلام والجزارين، وجميعها مغلقة أو تعمل فى الخفاء تجنباً للمطاردة المستمرة وتحرير المخالفات من إدارة مشروع المحاجر، لافتاً إلى أن متوسط إنتاج المحجر كان يقارب ال45 ألف بلوكة حجرية يومياً وتقلص بسبب التضييق علينا إلى 15 ألفاً، فى حين أن عدد العمال فى المحجر الواحد لا يقل عن 25 عاملاً يحصل كل عامل على أجرة لا تقل عن 80 جنيهاً فى اليوم، بالإضافة إلى أجور الخفراء وعمال تحميل السيارات النقل، وهناك عمال يأتون من محافظات مثل سوهاج وأسيوط للعمل فى المحاجر لعدم توافر فرص عمل فى محافظات الصعيد، ورغم ذلك يتم غلق محاجر بشكل يومى ما يدفعنا إلى العمل سراً وفى فترات الليل، ما يعرضنا لمخاطر. «زيد»: تكاليف التراخيص مبالغ فيها ولا يستطيع أحد دفعها وكنا ننتج 45 ألف بلوكة حجرية يومياً وأصبح 15 ألفاً بسبب التضييق وقال ربيع خالد، صاحب محجر «معظم المحاجر حالياً تعمل بمبدأ المغامرة ودون ترخيص وتواجه مشاكل كثيرة، وحتى لو تمكن صاحب المحجر من الهرب من تحرير المخالفات والمطاردات المستمرة نجد صعوبة فى تسويق مواد المحاجر، حيث إن السيارات المقبلة من المحافظات الأخرى مثل الشرقية لتحميل مواد المحاجر تخشى الملاحقات الأمنية أثناء السير على الطرق، ففى حالة ضبط أى سيارة محملة بمواد محاجر يتم التحفظ عليها وتسليمها والإفراج عنها بعد دفع مخالفة بقيمة 6 آلاف جنيه، لذا يحجم السائقون عن تحميل مواد المحاجر ونقلها للمحافظات الأخرى. وأكمل «خالد» قائلاً: السيارات التى تنقل البلوكات الحجرية إلى قرى ومراكز ونجوع المحافظة تعمل بالليل هرباً من ضبطها ودفع مبالغ باهظة، فمن المفترض أن تسلم إدارة مشروع المحاجر دفاتر بونات لأصحاب المحاجر، يتم إعطاء البون للسائق ليعبر به الطرق دون أى مساءلة، لكن نظراً لأن جميع المحاجر غير مرخصة لم يتم تسليم هذه البونات، كما أن المحاجر المرخصة لم تستلم بونات، وهذا يدل على وجود تعمد لتحرير محاضر لأصحاب السيارات، ووضع عقبات أمامهم، وأضاف: لجئنا للمسئولين ووسطّنا الكثير من أعضاء مجلس النواب لحل هذه المشكلات، وقالوا لنا فى البداية إن الحكومة وعدت بإلغاء قانون الثروة المعدنية، ثم عادوا وقالوا إنهم حصلوا على وعد من الحكومة بالإبقاء على القانون شريطة تغيير اللائحة التنفيذية، حفاظاً على هذا القطاع المهم، الذى يوفر الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للشباب، ولكن حتى الآن لم يتغير شىء، ومعاناة أصحاب المحاجر والعاملون بها تتفاقم يوماً بعد الآخر، وتابع القول: ما أعرفه أكثر من 2000 محجر كانت تعمل بشكل منتظم فى محافظة المنيا، ونوفر نحو 50 ألف فرصة عمل مباشرة للعاطلين بقرى شرق النيل، وهى قرى لا توجد بها أى مساحات أرض زراعية أو مشروعات تنموية وتعتمد اعتماداً كلياً على المحاجر، وتقلص عدد المحاجر الآن وأصبح أقل من 500، جميعها يعمل دون ترخيص ويتم تحرير محاضر شهرية لأصحابها، ولا تقل قيمة المخالفة الواحدة عن 10 آلاف جنيه، ورغم كل ذلك ما زال أصحاب المحاجر يعلقون آمالهم على الحكومة والبرلمان لتعديل القانون.