لم يجد عمال المحاجر بالمنيا، جملة يعبرون بها عما حدث بالمحاجر، منذ صدور قانون الثروة المعدنية رقم 198 لسنة 2014 ولائحته التنفيذية، سوى عبارة "ده وقف حال للجميع". فقد أصبح جميع العاملين بالمحاجر، والذين يبلغ عددهم نحو 65 ألف عامل والعاملين بصناعات أو مهن مترتبة على المحاجر لا يرددون سوى هذه العبارة، لعلها تخفف عنهم حدة ما جرى لهم وتكون لسان حال للتعبير عنهم. قال أحمد جمال أحد العاملين بالمحاجر: "رضينا بالهم والهم مش راضى بينا، إحنا كنا بنشتغل فى المحجر، وهو عبارة عن مكان مكشوف فى الجبل الشرقى، يعنى تشعر فى الشتاء بالبرد القارس وفى الصيف بالحر الشديد، وكنا راضين علشان آخر النهار نرجع برزق عيالنا، دلوقتى المحاجر وقفت ومش لاقيين ناكل لأن عملنا باليومية". قاطعه مدحت شوقى عامل بالمحاجر قائلاً: "المشرع اللى وضع القانون، ليه ما نزلش وشاف حال العمال قبل ما يشرع القانون؟ ليه ما عملش دراسة كافية وماوفرلناش مصدر دخل بديل؟ قبل ما يتسبب فى قطع عيشنا، ويجوع ولادنا". وأضاف الطفل عمر -12 سنة- أحد العاملين بالمحاجر، أنه كان يستطيع أن ينفق على نفسه طوال فترة الدراسة من نتاج عمله بالإجازة ويشترى مستلزمات الدراسة وكسوته، لكن العام الحالى المحاجر شبه متوقفة، ولم يستطع توفير أى مبالغ مالية لشراء ما يلزمه، مشيرًا إلى أن ذلك ترتب عليه تركه للمدرسة. قال إسماعيل حلمى عامل بالمحاجر: "إن عمال المحاجر دلوقتى شاربين الأمرين لأنهم بيصحوا من الفجر ويروحوا يقفوا على الطريق قبل قرية الشرفا ينتظروا لغاية الساعة 3 عصرًا، لعل صاحب محجر مخالف يحملهم داخل العربية وياخذوهم يشتغلوا، وممكن يقضوا اليوم كله قاعدين، وبالتالي يرجعوا جيوبهم فاضية لعيالهم". واستكمل صموئيل كمال "وحتى لو اشتغلوا بيكون تحت ضغط لأن ممكن السلطات تطب في أي لحظة، ويقبضوا عليهم لأنهم مخالفين القانون، وتكون النتيجة أن الواحد بدل ما يرجع بيته، بينام في الحجز، ويتحاكم، وحلني على ما يطلع". قال جوزيف عياد عامل بالمحاجر: "العمل بالمحاجر كله مخاطر والغلطة بفورة وهو ده اللي حصل معايا، أنا فقدت قدمي اليسرى وأصابع قدمي التانية في أثناء العمل بالمحجر، ولولا تدخل صاحب المولد وإيقافه للمولد، لكانت تضاعفت إصابتي، ولم أحصل على أي تعويض، وكان أملى فى القانون الجديد للثروة المعدنية، ولكن للأسف القانون تسبب في غلق الحاجر، وضاع حقي وحق أبنائي. من جانبه قال محمد سيد أمين عام نقابة العاملين بالمحاجر: إن مشرعي قانون الثروة المعدنية، كان يجب أن يكونوا من العاملين فى مجال المحاجر، حتى تتوفر لديهم فكرة ودراية كافية بما يحدث داخل المحاجر، ويراعوا الظروف التي يتعرض لها أصحاب المحاجر، فالمبالغ المفروضة للتراخيص كبيرة جداً، كما أن أصحاب المحاجر يتعرضون عند بداية عملهم فى الجبل لدفع إتاوات تصل لمئات الآلاف للعرب الذين يضعون أيديهم على الجبل بالقوة، ولا أحد يستطيع العمل إلا بعد إرضائهم . ولفت أمين نقابة عمال المحاجر، إلى أن المحاجر التي تم إيقافها كانت تدر دخلاً كبيراً على المحافظة، فالسيارات المحملة بالبلوك الحجري وحدها كانت تسدد قيمة الكارتة، التي تمثل مصدر دخل كبير ومورد من موارد المحافظة تصل لمئات الآلاف، والتي لا يمكن الاستغناء عنها لأنها تدخل لصندوق الخدمات بالمحافظة، مطالباً حكومة المهندس شريف إسماعيل، بتعديل القانون فى أسرع وقت حرصاً على عدم تشريد 65 ألف أسرة، وحتى لا يتوقف 1200 محجر بالمنيا، تمثل مصادر دخل قومي عن العمل، التي تنتج أفضل حجر جيري في العالم. وفى السياق نفسه، قال سمير نجيب طوسه نائب رئيس نقابة عمال المحاجر: إن بعض بنود قانون الثروة المعدنية لم تتوافق مع أوضاع أصحاب المحاجر، مما ترتب عليه قيام نقابة عمال المحاجر، فور مشاهدة هذه البنود بإرسال وفد مكون من عدد من أصحاب المحاجر لمقابلة رئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب، والذي حول الموضوع بدوره على وزير التنمية المحلية السابق عادل لبيب، ليقوم هو الآخر بتحويل الموضوع على اللواء طارق جمال الدين مدير إدارة المساحة العسكرية. وأشار طوسه، على أن اللواء طارق أخبرهم أن قيمة إيجار المتر في السنة 7جنيهات بما يعني 10 آلاف متر إيجارها 70 ألف جنيه إيجار، بالإضافة إلي 13% من حجم المبيعات، وهو ما يعتبر أعباء مالية كبيرة على أصحاب المحاجر يعجزوا عن سدادها، مطالباً بتقديم تيسيرات في الدفع والتحصيل فمثلاً يكون الإيجار ربع أو نصف ثانوي حتى نخفف العبء على أصحاب المحاجر، ونفتح باب رزق للعمال مرة أخرى، لأن أصحاب المحاجر أغلقوا المحاجر، وبالتالي تسبب في تشريد ما يقرب من 65 ألف عامل عمالة مباشرة، بالإضافة للعمالة غير المباشرة من حمالين وتباعين وخفراء، خاصة أن العديد من العمال لجأوا، للهجرة للبحث عن عمل. قال حسام وصفى المدير التنفيذي بمؤسسة وادي النيل لعمال المحاجر: إن دورنا كمؤسسة في هذه الفترة الحالية التي تشهد عملًا غير منتظم هو مساعدة عمال المحاجر وأسرهم في البحث عن مصادر دخل بديلة سواء عن طريق إقراض الأسر أو عن طريق تنظيم تدريبات على كيفية عمل دراسات الجدوى ومهارات التسويق، مشيرًا إلى أن هذه التدريبات لا تقتصر فقط على العاملين، ولكن تشمل أمهات الأطفال العاملين بالمحاجر وزوجات العاملين أيضاً. وطالب وصفى بتدخل الدولة لتحديث الصناعة والاستغلال الأمثل للمادة الخام، مع مراعاة البعد الاجتماعي والاستفادة من العمال الحاليين، حتى لا نفاجأ بحدوث بطالة بين العمال.