تحت فروع شجرة بجانب كوبري الطريق السريع في شبرا الخيمة، يقف "قاسم" ممسكاً بمروحته المصنوعة من الريش، يلتف حوله الأطفال من كل الأعمار، يضع "أكواز الذرة" بجانبه ويأخذ واحدة تلو الأخرى "على حسب طلب الزبون"، ليضعه على شواية الفحم التي لا تنطفئ أمامه، وعلى يساره لافتة خشبية بيضاء كُتب عليها أسعار الذرة ورقم هاتفه، وجملة لفتت أنظار المارة "مع كل كوز درة هدية"، لجذب الزبائن. بدأ قاسم مصطفى، (27 عاما)، العمل في بيع الذرة المشوي منذ 15 عاما، فحاجته للمال دفعته لاختيار بيع الذرة "من أيام الابتدائية"، لم يستكمل الشاب العشريني دراسته بعد الابتدائية، فاعتاد العمل في أي مهنة نهارا وبيع الذرة المشوي ليلا: "أنا دلوقتي شغال الصبح بياع في محل فرارجي، وبالليل كل يوم ببيع ذرة، وعشان الحركة نايمة خالص فكرت أكتب أسعار الذرة على لوحة خشب واوزع ملبس لكل زبون يشتري مني كبير أو صغير". يحاول "قاسم" برغم مهنته البسيطة أن يترك بصمة لدى الجميع، فاعتاد إسعاد كل من حوله على طريقته الخاصة، فيهدي لكل من يشتري منه ذرة "بونبوني" هدية: "الناس بتكون فرحانة أوي لما بديهم ملبس، والحمد لله بقدر اسعدهم، وأنا بحب من صغري أفرح الناس باللي بقدر عليه، ولو معايا فلوس كنت هسعد الناس كلهم، والحمد لله مستورة". يعاني "قاسم" من غلاء الأسعار، لم يزيد سعر الذرة عن جنيه ونصف، لكن هذا العام زادت الأسعار للضعف، فاضطر قاسم أن يبيع الذرة ليبدأ سعره من جنيه ونصف حتى 3 جنيهات، بعد اعتياده على بيع نوع واحد: "أنا متعود ببيع أحلى نوع من الدرة البلدي والناس خلاص عرفوني بالاسم، عشان كده فكرت اكتب الأسعار على لوحة عشان الناس تبقى عارفة الأسعار الجديدة من قبل ما تشتري، وربنا يوسعها على الجميع ويرزقنا بالحلال عشان أعرف أفتح بيت".