الرئيس السيسي يصدر قرارين جمهوريين جديدين    بعد فيديو خطبة طفلين بالغربية.. "الطفولة والأمومة" تتحرك وتبلغ النيابة    قبل وقفة عيد الأضحى.. تعرف على أسعار اللحوم اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025    سعر الذهب في بداية تعاملات اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 4-6-2025 فى البنوك الرئيسية    وزيرة البيئة تطلق دليل المشروعات الصغيرة والمتوسطة الخضراء    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» الأربعاء 4 يونيو 2025    النائب أيمن محسب: زيارة الرئيس السيسي للإمارات تعكس رؤية مصرية ثابتة لدعم الاستقرار الإقليمى    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    14 شهيدًا في هجوم للاحتلال على مدرسة تؤوي نازحين بخان يونس جنوبي قطاع غزة    تحذير إسرائيلي لسكان غزة من التوجه إلى مراكز توزيع المساعدات    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب جزيرة سيرام الإندونيسية    أنشيلوتي يصل ميدان معركته الأولى مع البرازيل    جلسة بين زد ومحمد شوقي لتولي تدريب الفريق خلفًا لحمادة صدقي    انتهاء امتحانات الشهادة الإعدادية 2025.. المديريات التعليمية: محاسبة المتسببين فى تصوير الأسئلة والغش الإلكترونى.. واستمرار تقدير الدرجات لكراسات الإجابة تمهيداً لإعلان النتائج بعد إجازة عيد الأضحى    هيئة الأرصاد: نشاط رياح بأغلب الأنحاء تكون مثيرة للرمال والأتربة    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    وزير الصحة يتابع خدمات البعثة الطبية ويطمئن على حالة الحجاج المصريين في المدينة|صور    ضبط عاطل تحرش بطالبة داخل عقار بالوراق    كيف استقبل الجمهور الفرنسي سميحة أيوب أثناء عرض مسرحية فيدرا في باريس؟    شيماء سيف تعتذر عن عدم استكمال مسرحيتها في الكويت    لبيك اللهم لبيك.. تصعيد الحجاج لعرفات بأوتوبيسات مكيفة وسط أجواء روحانية    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    عالمي يا أهلي.. المارد الأحمر يطير إلى أمريكا للمشاركة في مونديال الأندية    احتجاز زوجة وأبناء منفذ الهجوم على مسيرة لمؤيدى إسرائيل فى كولورادو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 4-6-2025 في محافظة قنا    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة إنتاج مجموعة أوبك+    اليوم.. السيسي يتوجه إلى أبو ظبي للقاء رئيس دولة الإمارات    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    تنسيق 2025.. هؤلاء الطلاب مرشحون لجامعة "ساسكوني مصر"    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    "مايكل وملاكه المفقود" لهنري آرثر جونز.. جديد قصور الثقافة في سلسلة آفاق عالمية    موعد أذان فجر الأربعاء 8 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    «بين الصدفة والرسائل المشفرة».. هل تعمد الأهلي وبيراميدز إفساد اللحظات الجماهيرية؟    «احنا الأهلي».. رد صادم من ريبيرو على مواجهة ميسي    دعاء النبي في يوم التروية.. الأعمال المستحبة في الثامن من ذي الحجة وكيفية اغتنامه    «حسبي الله فيمن أذاني».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل برسالة نارية    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    إرهاق جسدي وذهني.. حظ برج الدلو اليوم 4 يونيو    رشوان توفيق ينعى سميحة أيوب: موهبتها خارقة.. وكانت ملكة المسرح العربي    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسلمون يخرجون من «الفتنة الكبرى» إلى «المحنة الكبرى»
نشر في الوطن يوم 20 - 07 - 2013

وقف «الحسين بن على» أمام باب خيمته فى كربلاء، وحيداً بعد أن انفض الناس من حوله، قبل سويعات من استشهاده، وقال عبارته الشهيرة: «الناس عبيد الدنيا. والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درت معايشهم، فإذا محصّوا بالبلاء قل الديانون». إنها العبارة التى لخصت فلسفة الثائر النبيل، عندما خرج ليواجه ما بدا له شديد الخطورة على مستقبل الأمة، والمتمثل فى الانتقال من عصر الخلافة الراشدة، الذى أقام الدنيا على قيم الدين، إلى عصر الملك العضوض (الوراثى)، الذى يقفز على قيم الدين، من أجل الحصول على مغانم دنيوية. انتهى الأمر ب«الحسين» إلى أن يقف وحيداً غريباً فوق أرض لا يعرفها، ليدفع حياته ثمناً لإيمانه بقضيته، ومن لحظة استشهاده بدأت المأساة الكبرى فى تاريخ المسلمين، التى ما زلنا نعانى من توابعها ونتائجها حتى اليوم. تلك المأساة التى بدأ فصلها الأول بتنازل الحسن بن على عن الخلافة ل«معاوية». تلك الخطوة التى قام بها «الحسن»، خوفاً من إزهاق المزيد من أرواح المسلمين فى الصراع على الحكم، فى حين نظر إليها «معاوية» كخطوة واجبة من أجل الصالح العام للدولة المسلمة، التى لم يكن يستطيع أن ينهض بعبء حكمها آنذاك سوى شخصه.
والتحليل المتأنى للمشهد التاريخى يفرض علينا أن نقرر أن هناك أسباباً عديدة وجيهة دعت الحسن إلى التنازل عن الخلافة، أولها خذلان من حوله له، بعد أن أصبحوا بين قتيل بصفين (المعركة التى وقعت بين على ومعاوية) يبكون له، وقتيل بالنهروان (المعركة التى وقعت بين على والخوارج) يطلبون ثأره، وثانيها رغبته الصادقة فى حقن دماء المسلمين، حتى ولو كان فى ذلك حماية لنفس مسلمة واحدة، كان الحسن يعلم جيداً أن «من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا»، وثالثها الارتكان إلى قاعدة: «الزمن كجزء من العلاج»، فقد أجّل الحسن المسألة إلى حين يقضى الله أمراً كان مفعولاً فى «معاوية» الذى كان يسير فى طريق الشيخوخة، لينال الحكم من بعده، لكن روح الحسين الثائرة أبت هذا الرأى، حين قارنت بين طبيعة الحكم فى عهد الراشدين، والذى استند فى الأساس إلى أحكام الدين، والتحول الانقلابى الذى يمكن أن يحدث فى نظام الحكم، إذا آل الأمر إلى «معاوية وآله»، حيث سيصبح لقوانين الدنيا وألاعيب السياسة وسيوف القهر الكلمة العليا فى الأمر. وقد صدقت رؤية «الحسين»، فمات الحسن بن على مسموماً (عام 49 ه)، أى بعد ثمانى سنوات من خلافة معاوية (عام 41 ه)، وكانت الشيخوخة قد بدأت تدب فى الخليفة، وأخذ يميل إلى تبنى فكرة توريث الحكم من بعده لولده «يزيد بن معاوية». وربما كان اختفاء «الحسن» خطوة أساسية لإنجاز هذا الهدف، فى ظل الاتفاق المبرم بينه وبين معاوية، حين تنازل له عن الخلافة، مقابل أن يؤول الحكم إليه بعد وفاة معاوية.
لم يكن «الحسين» راضياً منذ البداية عن تنازل «الحسن» عن الخلافة ل«معاوية»، وقد سبق وأشرنا أن لسانه لم ينطق ببيعة يزيد، بل كل ما حدث أن معاوية جمعه وكبار أبناء الصحابة بالمسجد وخطب فى الناس، وقال لهم إن هذا الجمع من الكبار قد بايعوا «يزيد». وبعد أن مات معاوية لم يكن ل«الحسين» أن يسكت على هذا التحول الخطير فى تاريخ الإسلام، خصوصاً أنه كان يعلم من أمر «يزيد» ما يعلم، وكان يرى أن صالح المسلمين فى الدين والدنيا لن يستطيع أن ينهض به هذا الرجل، وقد شرع الكثيرون فى دعوته إلى الوقوف فى وجه هذا الانقلاب الخطير.
فبمجرد أن تولى «يزيد»، بدأت الرسائل تتدفق إلى الحسين بن على من جانب أهل العراق، يدعونه فيها إلى القدوم إليهم، ليقودهم فى معركة إعادة الوجه الناصع للخلافة الراشدة، مال «الحسين» إلى إجابة هذه الدعوة، وأخذ يعد العدة للمسير نحو العراق. وتشير كتب التاريخ إلى أن الكثير من كبار أبناء الصحابة حاولوا إثناء الحسين عن التحرك لرحلته تلك، ونصحوه بالمكوث فى مكة، وكان على رأس هؤلاء «ابن عباس» و«أبوسعيد الخدرى». ويشير صاحب «البداية والنهاية» إلى أن «الحسين» بدأ يتشكك فيما عزم عليه، وبدأ قراره فى التأرجح بين المكوث والخروج إلى العراق، وهو -فى تقديرى- قول لا ينهض أمام التحليل الموضوعى، خصوصاً إذا أخذنا فى الاعتبار أن «الحسين» سبق ولام أخاه «الحسن» على التنازل عن الخلافة، وكان ينصحه بقتال «معاوية». وفى ظنى أن أكثر كتاب التاريخ حاولوا لوى عنق مواقف كبار الصحابة من مسألة خروج «الحسين» ضد يزيد، من أجل تخطئة موقفه، للتقليل من حجم الحدث الجلل الذى وقع فى كربلاء، حين أُعمل السيف فى الحسين وآل بيت النبى صلى الله عليه وسلم. والأرجح أن هؤلاء الكبار لم يمتلكوا الروح الثورية التى كان يمتلكها الحسين بن على، وغلبت عليهم الحسابات السياسية، رغم رفضهم الشديد لدولة الملك العضوض، التى بدأت أولى ثمارها بتولية يزيد بن معاوية الحكم، ليخرج المسلمون من دائرة «الفتنة الكبرى» إلى دائرة «المحنة الكبرى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.