"تيسلا" مطالبة ب 242 مليون دولار كتعويض عن حادث مميت    "شبكات الكهرباء تحت المجهر".. كيف يصنع استقرار العمود الفقري للطاقة في مصر؟    7 توجيهات من محافظ الوادي الجديد للمسؤولين بعد لقائه عددا من المواطنين    بلومبرج: مكتب التحقيقات الفيدرالي أخفى اسم ترامب في وثائق قضية إبستين    فلسطين.. جيش الاحتلال يدفع بتعزيزات عسكرية نحو مدينة قلقيلية من مدخلها الشرقي    سون هيونج يعلن رسميا رحيله عن توتنهام    مواعيد مباريات اليوم السبت 2 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة    قفلوا الشارع وأصابوا 13 شخصا، لحظة مشاجرة عمال كافتريات على الزبائن في سوهاج (فيديو)    محافظ سوهاج يزور مصابي حريق مطعم ميدان الشبان بالمستشفى ويأمر المسؤولين برفع حالة الطوارئ (صور)    كسروا الشارع وأرعبوا المارة، قرار عاجل من محافظ سوهاج بعد مشاجرة عمال محال تجارية على الزبائن    الهضبة يوجه رسالة خاصة إلى عمرو مصطفى في حفله بالعلمين ومحمد لطفي يقتحم المسرح (فيديو)    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    «خدوا بالكم منه».. إعلان عودة معلول ل الصفاقسي يهز مشاعر جماهير الأهلي    بعد حمدي فتحي.. بيراميدز يصرف النظر عن صفقته الجديدة    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم السبت 2-8-2025    سعر الأرز الشعير والأبيض اليوم السبت 2-8-2025 في أسواق الشرقية    انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. هل يوم الإثنين إجازة رسمية؟    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. قائمة الكليات المتاحة لعلمي علوم ورياضة ومؤشرات الحد الأدنى    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. رابط تسجيل اختبارات كليات الهندسة والحاسبات والتجارة والزراعة (المنهج)    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    تشميع محال وإحالة الواقعة للنيابة.. محافظ سوهاج يتخذ إجراءات رادعة بعد مشاجرة "حي شرق" – صور    بينهم طفل ..إصابة 3 من أسرة واحدة في حادث مروري بالوادي الجديد    إصابة 4 بينهم طفلان في تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    مسلّح يفتح النار داخل حانة بمونتانا ويقتل 4 أشخاص    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب أفغانستان    3 أرقام مقلقة من وديات الزمالك قبل أسبوع من انطلاق الدوري    تشيع جنازة عريس لحق بعروسه بعد ساعات من وفاتها بكفر الشيخ    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    يونس: محمد شحاتة قادر على التطور.. وأول 10 مباريات فاصلة للزمالك في الدوري    نجاح علاج انسداد الشريان الحرقفي بمستشفى شرق المدينة بالإسكندرية    ما هي واجبات أعضاء مجلس الشيوخ؟.. القانون يجيب    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    وزير الزراعة: أسعار الدواجن في انخفاض مستمر.. والأعلاف تراجعت 2000 جنيه للطن    مصر ترفع رصيدها إلى 91 ميدالية متنوعة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    عبدالمنعم سعيد: الدمار الممنهج في غزة يكشف عن نية واضحة لتغيير هوية القطاع    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    الإخوان : وقف نزيف الحرب على غزة لن يمر عبر تل أبيب    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    إسماعيل هنية كشف خيانة الثورة المضادة فباركوا قتله .. عام على اغتيال قائد حماس    محمد ممدوح عن «روكي الغلابة»: «كان نفسي اشتغل مع دنيا سمير غانم من زمان» (فيديو)    تحبي تكوني «strong independent woman» ماذا تعرفي عن معناها؟ (فيديو)    عمرو دياب الأعلى استماعا خلال شهر يوليو على أنغامي (صور)    حدث بالفن| كارثة بسبب حفل محمد رمضان ومطرب يلغي حفله في الساحل حدادًا على المتوفي    روسيا ومدغشقر تبحثان إمكانية إطلاق رحلات جوية بمشاركة شركات طيران إقليمية    كواليس من محاكمة صدام حسين.. ممثل الدفاع: طلب جورج بوش وتوني بلير لهذا السبب    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    منها «الذهاب بكثرة إلى الحمام ».. 6 علامات مبكرة تدل على سرطان البروستاتا يتم تجاهلها    وصول دفعة أطباء جديدة من عدة محافظات إلى مستشفى العريش العام    ترامب: نشرنا غواصتين نوويتين عقب تصريحات ميدفيديف "لإنقاذ الناس"    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    الأسهم الأوروبية تتكبد خسائر أسبوعية بعد أسوأ جلسة منذ أبريل    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قد أنذرت إن أغنت النذر
نشر في الوطن يوم 18 - 07 - 2013

انتهت المرحلة الأولى من مهمة معاوية فى توريث الحكم لابنه «يزيد»، فبايع على ذلك أهل العراق والشام، لينتقل بعد ذلك إلى المرحلة الأخطر: مرحلة انتزاع البيعة من كبار أبناء صحابة النبى الطامحين إلى الخلافة. سار معاوية -كما يحكى ابن الأثير فى «الكامل» فى التاريخ- إلى الحجاز فى ألف فارس، فلما دنا من المدينة، لقيه الحسين بن على أول الناس، فلما نظر إليه قال معاوية: لا مرحباً ولا أهلاً! بدنة يترقرق دمها والله مهريقه! قال الحسين: مهلاً فإنى والله لست بأهل لهذه المقالة! قال: بلى ولشر منها. ولقيه ابن الزبير فقال: لا مرحباً ولا أهلاً! خب ضب تلعة، يدخل رأسه ويضرب بذنبه، ويوشك والله أن يؤخذ بذنبه ويدق ظهره، نحياه عنى، فضرب وجه راحلته. ثم لقيه عبدالرحمن بن أبى بكر، فقال له معاوية: لا أهلاً ولا مرحباً! شيخ قد خرف وذهب عقله. ثم أمر فضرب وجه راحلته، ثم فعل بابن عمر نحو ذلك، فأقبلوا معه لا يلتفت إليهم، حتى دخل المدينة، فحضروا بابه، فلم يؤذن لهم على منازلهم ولم يروا منه ما يحبون، فخرجوا إلى مكة فأقاموا بها، وخطب معاوية بالمدينة، فذكر «يزيد» فمدحه، وقال: من أحق منه بالخلافة فى فضله وعقله وموضعه؟ وما أظن قوماً بمنتهين حتى تصيبهم مصائب تجتث أصولهم، وقد أنذرت إن أغنت النذر.
جوبه سعى معاوية لتوريث ولده خلافة المسلمين بمعارضة عنيفة من جانب كبار أبناء الصحابة، وعلى رأسهم الحسين بن على، رضى الله عنهما، الذى كان يرفض خلافة معاوية ويعتب على أخيه تنازله عن الأمر له، فما بالنا ومعاوية يحاول أن يورث الحكم ل«يزيد»؟! وقد جابه معاوية هذا الرفض منذ البداية بعنف أشد، وتوالت تهديداته لهم الواحد تلو الآخر، كما حكى ابن الأثير. وإلى جانب التهديد والوعيد لجأ معاوية -كما هو معهود عنه- إلى الحيلة والدهاء؛ فرأى أن يستعين بأم المؤمنين عائشة التى أعطته صك الشرعية بالحكم، حين حكت ذلك الحديث الذى ذكرت فيه أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال لعثمان رضى الله عنه إن الله سوف يلبسك قميصاً فلا تخلعه. ذهب معاوية إلى عائشة، رضى الله عنها «فدخل عليها، وقد بلغها أنه ذكر الحسين وأصحابه، وقوله لأقتلنهم إن لم يبايعوا، فشكاهم إليها، فوعظته وقالت له: بلغنى أنك تتهددهم بالقتل، فقال: يا أم المؤمنين هم أعز من ذلك، لكنى بايعت ليزيد وبايعه غيرهم، أفترين أن أنقض بيعة قد تمت؟ قالت: فارفق بهم فإنهم يصيرون إلى ما تحب إن شاء الله. قال: أفعل. وكان فى قولها له: ما يؤمنك أن أقعد لك رجلاً يقتلك، وقد فعلت بأخى ما فعلت؟ تعنى أخاها محمداً. فقال لها: كلا يا أم المؤمنين، إنى فى بيت أمن. قالت: أجل».
لقد بدا أسلوب «معاوية» فى إدارة الموقف مرتباً أشد الترتيب؛ فقد بدأ بالترهيب ومواجهة كبار أبناء الصحابة بخطاب لا يخلو من الخشونة اللفظية والتهديد والوعيد، حتى يهيئهم نفسياً لقبول فكرة أنه مُصر على تمرير ما يريد من توريث الحكم لابنه، وفى الوقت نفسه، حاول أن يكسب عملية التوريث نوعاً من الشرعية من خلال أم المؤمنين عائشة، حين ذهب يشكو لها ابن على وابن أبى بكر وابن عمر وابن الزبير، فنصحته بالملاينة والمصانعة والبعد عن تهديدهم بالقتل. والواضح أن معاوية لم يكن بحاجة إلى هذه النصيحة؛ إذ كان يرتب فى نفسه أن ينتقل من مرحلة الترهيب إلى مرحلة الترغيب، وكل ما كان يرتجيه من عائشة هو أن يفهم أبناء الصحابة أنها لا تمانع فى سعيه للتوريث وبناء الملك العضوض.
وبعد لقاء عائشة مكث معاوية ما شاء الله، ثم خرج إلى مكة فلقيه الناس، فقال أولئك النفر (أبناء كبار الصحابة): نتلقاه فلعله قد ندم على ما كان منه، فلقوه ببطن مر، فكان أول من لقيه الحسين، فقال له معاوية: مرحباً وأهلاً يا بن رسول الله وسيد شباب المسلمين! فأمر له بدابة فركب وسايره، ثم فعل بالباقين مثل ذلك، وأقبل يسايرهم لا يسير معه غيرهم حتى دخل مكة، فكانوا أول داخل وآخر خارج، ولا يمضى يوم إلا ولهم صلة ولا يذكر لهم شيئاً، حتى قضى نسكه وحمل أثقاله وقرب مسيره، فقال بعض أولئك النفر لبعض: لا تخدعوا فما صنع بكم هذا لحبكم وما صنعه إلا لما يريد. فأعدوا له جواباً فاتفقوا على أن يكون المخاطب له ابن الزبير. فأحضرهم معاوية وقال: قد علمتم سيرتى فيكم وصلتى لأرحامكم، وحملى ما كان منكم، ويزيد أخوكم وابن عمكم وأردت أن تقدموه باسم الخلافة، وتكونوا أنتم تعزلون وتؤمرون، وتجبون المال وتقسمونه لا يعارضكم فى شىء من ذلك.. فسكتوا. فقال: ألا تجيبون؟ مرتين.
ومنهج المقايضة واضح فى هذا الحوار، فقد أراد معاوية أن يجعل منهم مراكز قوى داخل المجتمع المسلم، فيكون لهم حق الإمارة والعزل وجمع الأموال من المسلمين، نظير الموافقة على تولية «يزيد» أمر الخلافة، لكن الطرف الآخر فى هذه المقايضة -أبناء كبار الصحابة- كانوا يعلمون أن «معاوية» يمنحهم وعوداً غير مضمونة التنفيذ، وأن الغر هو من يطمئن لمثلها، خصوصاً أن الشكوك كانت تحيط بدار الخلافة فى الشام، فيما يتعلق بواقعة دس السم للحسن بن على، رضى الله عنهما!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.