معركة كربلاء بدأت وقائعها فى مثل هذا اليوم عام 680م، بين الحسين بن على بن أبى طالب من ناحية، وجيش يزيد بن معاوية من ناحية أخرى، ورغم قلة أهمية هذه المعركة من الناحية العسكرية حيث اعتبرها البعض من محاولة تمرّد فاشلة قام بها الحسين إلا أن هذه المعركة تركت آثاراً سياسية وفكرية ودينية مهمة، حيث أصبحت المعركة وتفاصيلها ونتائجها تمثل قيمة روحانية ذات معان كبيرة لدى الشيعة، الذين يعتبرون معركة كربلاء ثورة سياسية ضد الظلم، بينما أصبح مدفن الحسين فى كربلاء مكاناً مقدساً لدى الشيعة يزوره مؤمنوهم، مع ما يرافق ذلك من ترديد لأدعية خاصة تتنافى مع صحيح العقيدة أثناء كل زيارة لقبره. بعد أن استقرت الخلافة لمعاوية بن أبى سفيان استقرت بتوقيع معاهدة الصلح مع الحسن بن على رضى الله عنهما، أعقب هذا الصلح فترة من العلاقات الهادئة بين أعداء الأمس فى "معركة صفين" وبعد استشهاد الحسن قام معاوية وهو على قيد الحياة بترشيح ابنه يزيد للخلافة من بعده، فقوبل هذا القرار بردود فعل تراوحت بين الاندهاش والاستغراب إلى الشجب والاستنكار، فقد كان هذا فى نظر البعض نقطة تحول فى التاريخ الإسلامى من خلال توريث الحكم وعدم الالتزام بنظام الشورى الذى كان متبعًا فى اختيار الخلفاء السابقين، وكان العديد من كبار الصحابة لا يزالون على قيد الحياة، واعتبر البعض اختيار يزيد للخلافة يستند على عامل توريث الحكم فقط وليس على خبرات المرشح الدينية والفقهية، وبدأت بوادر تيار معارض لقرار معاوية بتوريث الحكم. بعد وفاة معاوية أصبح ابنه يزيد خليفة للمسلمين، ولكن تنصيبه جوبه بمعارضة من قبل بعض المسلمين، وكانت خلافة يزيد التى دامت ثلاث سنوات مسلسل حروب متصلة، ففى عهده حدثت ثورة كربلاء ثم حدثت ثورة فى المدينة انتهت بوقعة الحرة ونهبت المدينة، كما سار مسلم بن عقبة المرى إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير وأصيبت الكعبة بالمنجنيق. حاول يزيد بطريقة أو بأخرى إضفاء الشرعية على تنصيبه كخليفة فقام بإرسال رسالة إلى والى المدينة يطلب فيها أخذ البيعة من الحسين الذى كان من المعارضين لخلافة يزيد إلا أن الحسين رفض أن يبايع "يزيد". وصلت أنباء رفض الحسين مبايعة يزيد واعتصامه فى مكة إلى الكوفة التى كانت أحد معاقل القوة لشيعة على بن أبى طالب وبرزت تيارات فى الكوفة تؤمن بأن الفرصة قد حانت لأن يتولى الخلافة الحسين بن على واتفقوا على أن يكتبوا للحسين يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر، ويبايعوه بالخلافة. تحرك جيش الحسين، وواصل المسير إلى أن اعترضهم الجيش الأموى فى صحراء كانت تسمى "الطف"، واتجه لملاقاة الحسين جيش قوامه 30 ألف مقاتل يقوده عمر بن سعد بن أبى وقاص، وكانت قوات الحسين تتألف من 32 فارسًا و40 راجلاً من المشاة، وأعطى رايته أخاه العباس بن على وقبل أن تبدأ المعركة لجأ جيش الأمويين إلى منع الماء عن الحسين وصحبه، فلبثوا أياماً يعانون العطش. بدأ رماة الجيش الأموى يمطرون الحسين وأصحابه بوابل من السهام وأصيب الكثير من أصحاب الحسين، ثم اشتد القتال ودارت رحى الحرب وغطى الغبار أرجاء الميدان واستمر القتال ساعة من النهار ولما انجلت الغبرة كان هناك خمسين صريعًا من أصحاب الحسين واستمرت رحى الحرب تدور فى ميدان كربلاء، وأصحاب الحسين يتساقطون الواحد تلو الآخر، واستمر الهجوم والزحف نحو من بقى مع الحسين، وأحاطوا بهم من جهات متعددة وتم حرق الخيام، فراح من بقى من أصحاب الحسين وأهل بيته ينازلون جيش عمر بن سعد ويتساقطون الواحد تلو الآخر، ولم يبق فى الميدان سوى الحسين الذى أصيب بسهم فاستقر السهم فى نحره، وراحت ضربات الرماح والسيوف تمطر جسده.