شاركت المرأة المصرية فى ثورة 25 يناير وفى تعديل مسار الثورة فى 30 يونيو 2013 بكل قوة، وكانت داعما أساسيا على الساحة السياسية على مدار الأعوام السابقة، بل ولم تخشَ من أى انتهاكات متعمدة ضدها كالتحرش الجنسى للناشطات السياسيات أو استهدافهن بالخطف أو القتل. وما إن تم الإعلان عن تشكيل وزارة تكنوقراط دون انتماءات سياسية استبشرت النساء خيرا، لأن معيار الكفاءة من المعايير العادلة التى لا تعرف التمييز على أساس الجنس وهو معيار تتقدم على أساسه النساء ويمكن النظر ببساطة إلى نتيجة الثانوية العامة أو الجامعات لنعرف أن عدد المتفوقات من البنات يفوق كثيرا المتفوقين من البنين، وعلى مستوى الحياة العملية فالنساء فى مصر يشغلن مناصب عدة وفى تخصصات متعددة وبنسب كبيرة؛ لذا معيار الكفاءة ضامن أن يكون نصف الوزارة على الأقل من النساء، ففى مجال الاقتصاد والسياسة يمكن الرجوع إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية والتى أصبح يشار إليها ككلية نسوية نظرا لارتفاع نسبة الأستاذات كثيرا عن الأساتذة وهى مخزن الخبرات المحترمة فى مصر، وفى قطاع البنوك برزت أسماء عدة على المستوى المحلى والدولى، ووصلت المرأة فى مصر إلى نائب محافظ البنك المركزى ورئيسة بنك، هذا فضلا عن عدد كبير من الوزارات التى وصلت العمالة النسائية فيها إلى نحو 70٪ كالسياحة والصحة والتعليم والإعلام والشئون الاجتماعية والتعليم العالى وغيره ومن ثم تتوافر فيها بقوة الكفاءات النسائية. ولكن التشكيل الوزارى لم يشتمل سوى على 3 وزيرات فقط من إجمالى 35 وزارة أى بنسبة 8٪، ورغم تأكيدنا على احترام كل الأسماء بل والثقة فى كفاءة الكثيرين ممن شملتهم الوزارة، فإنه يبقى تمثيل المرأة أقرب إلى الصفر وهو أمر غير مقبول، وأود التذكير هنا بأن عصر مبارك شهد أربع وزيرات وبعضهن شغل وزارات مهمة كالاقتصاد والتعاون الدولى. وفى الحقيقة ما زال غير واضح تماما المعيار الذى يتم بناء عليه اختيار المشاركين فى صناعة القرار سواء فى الوزارة أو فى مناصب أخرى، هل هو الصدفة، ضغط الأزمة، البروز الإعلامى، محيط العلاقات، لكن بالتأكيد لم يكن معيار الكفاءة وحده هو المعيار الحاكم فى الاختيار، لكن تداخلت معه معايير متعددة بعيدة عن الموضوعية، وبالتالى إقصاء النساء، ومن العجيب الاحتفاء بنسبة مشاركة المرأة وكأن وزيرة إضافية عن وزارة المعزول فتح كبير. كنا نأمل أن يتم اختيار المسئولين من مصادر متعددة على أسس قواعد بيانات بيوت الخبرة والقيادات فى الوزارات ومراكز المعلومات، ويدرس التاريخ المهنى والإنجاز العلمى والعملى للمرشحين للمنصب، مع مراعاة مشاركة المرأة بصورة عادلة، ولكن هذه النسبة من المشاركة النسائية فى الوزارة تعد مؤشرا غير إيجابى على طريق التطور الديمقراطى، بل صادم فى ضوء خارطة طريق جديدة لرسم المستقبل. يعرف الخبراء جيدا، لا سيما الاقتصاديين، أن مشاركة النساء لم تعد ديكورا فى ضوء ما تؤكده التقارير الدولية المتعلقة بالتنمية والاقتصاد من أن مشاركة المرأة ذكاء اقتصادى يقلل الفساد ويرفع كفاءة العمل وكنا نأمل من الدكتور الببلاوى -وهو رجل اقتصاد- الحرص على مشاركة أفضل للمرأة، وإن كان المسئولون لا ينتبهون؛ لذا لا بد من تنبى نظام الكوتة بنسبة لا تقل عن 35٪ فى كل مواقع صناعة القرار التنفيذى والمستوى الانتخابى، نظرا لأن معيار الكفاءة وحده لم يكن يطبق بعدالة.