أعراض الاكتئاب والحزن والعصبية، التى بدت واضحة على شخصية الكثير من المصريين فى الفترة الأخيرة، لم تكن وليدة الصدفة، إنما هى اضطرابات نفسية خطيرة، انعكست عليهم بسبب الأجواء السياسية المحتدمة، تنذر باحتمالية تحولها إلى أمراض نفسية مستديمة. تلك هى الحقيقة التى كشف عنها الدكتور خليل فاضل، استشارى الطب النفسى، من خلال الدراسة التى انتهى من إعدادها، حول بانوراما النفسية الاجتماعية ل25 يناير و30 يونيو، التى أكد فيها أن الأجواء السياسية الصعبة أصابت المصريين بما يسمى «اللذة الحساسة تجاه العنف»، فالأحداث المتعاقبة جعلت الكثيرين لم يعدوا يخشون العنف كما هو حال الشعوب فى لبنان والعراق وسوريا. حذر «فاضل» من رؤية الفيديوهات الإخبارية العنيفة والتليفزيون بكثرة، لأنها ستؤدى إلى انهيار نفسى وفقد الصلة بالواقع، وهو ما تعرض له بعض المصريين بالفعل، حيث أصيبوا بمرض يسمى «الذوهان»، وهو مرض عقلى يفقد فيه الإنسان صلته بالواقع، ولا يرى الأشياء إلا مختلفة تماماً، فيبدأ فى الهلوسة ويصاب بالهذيان والرعب من كل شىء، مثل الخوف من الخروج للشارع، والطرق على الباب، وجرس التليفون، بل والخوف من التليفزيون وما قد يحمله من أنباء غير سارة. مرض «الذوهان» لم يكن الوحيد الذى أصاب نفوس المصريين بسبب الأحداث السياسية، وفقاً لكلام «فاضل»، إنما أصيب البعض بنوبات هلع وشعور بالاكتئاب والضيق والانطواء على الذات. الاختلافات السياسية أصبحت فى كل بيت، وتؤدى كما يقول «فاضل» إلى الطلاق بين الأزواج، متوقعاً أن تزداد الأمور سوءاً فى المجتمع، فالثورة الفرنسية استمرت لمدة 10 سنوات، وتمت على ثلاث مراحل، ونتج عنها بحور من الدم. ينصح «فاضل» بالتقليل من مشاهدة التليفزيون ومواقع الإنترنت، والتعرض لبعض المواد الإعلامية الرقيقة، ويمكن أيضاً المداومة على القراءة، والأفضل من كل هذا النزول إلى الشارع، فكبت الشخص لنفسه بين الجدران، سيولد بداخله مزيداً من الخوف وتضخيماً للأحداث الجارية.