سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خريطة مصر السياسية بعد الانتخابات: الأحزاب الإسلامية فى مواجهة «التيار الثالث» الفلول يجتمعون فى حزب «شفيق» لمعارضة «مرسى».. والأحزاب القديمة تلعب دور «السنيد»
أخذت الخريطة السياسية أشكالا ومنحنيات مختلفة، وأحياناً غير متوقعة على مدار عام ونصف العام من ثورة 25 يناير، وغلب عليها صعود التيارات الإسلامية، وانحسار الأحزاب القديمة، ومشاركة أحزاب وحركات ناشئة وثورية بقوة فى المشهد الماضى، واختلف السياسيون والخبراء حول خريطة الحراك السياسى، بعد انتخاب أول رئيس للبلاد، والقادم من رحم جماعة الإخوان المسلمين، وتوقع البعض أن تشهد المرحلة المقبلة صعود الإسلاميين بشكل أكبر، لأنهم الأكثر تنظيماً، كما أن الرئيس ينتمى إليهم فكرياً، فيما رأى آخرون أن أخطاءهم وصفقاتهم فى المرحلة الماضية ستنقلب عليهم بالعكس، ليتراجعوا مقابل صعود قوى جديدة من الأحزاب المدنية الوليدة، والتيار الثالث، الذى يسعى لأغلبية البرلمان المقبل، ويقف وراءه 3 من المرشحين الخاسرين فى سباق الرئاسة، فيما أكد البعض أن العسكرى سيعود إلى ثكناته ليختفى من المشهد السياسى فور إجراء انتخابات برلمانية، وأن فلول النظام السابق لن يغيبوا عن المشهد، لكنهم سيكونون ضعفاء فى مواجهة رئيس البلاد، وربما يعاودون التشكل فى الحزب الذى أعلن الفريق أحمد شفيق عن سعيه لتأسيسه. قال عزب مصطفى، عضو الهيئة العليا لحزب «الحرية والعدالة»، إن أبرز القوى السياسية المسيطرة الآن على المشهد السياسى، تتمثل فى الإسلاميين، والفلول، والقوى الليبرالية، والمجلس العسكرى، إلا أن دور الأخير سيتقلص تدريجياً فى المرحلة المقبلة، إلى أن يغيب بالكامل عن المشهد السياسى، ويعود إلى ثكناته، ليتفرغ لحماية البلاد من أى خطر خارجى يهدد أمنها القومى. متوقعاً أن «العسكرى» إذا رغب فى الاستمرار فى المشهد، والاحتفاظ بجزء من السلطة فسيواجه برفض شعبى، لأنه من الضرورى أن لا يكون للجيش دور سياسى، وأن يتخطى الوضع الاستثنائى الحالى فى المستقبل القريب. وفيما يخص القوى الإسلامية، أضاف مصطفى أنها ستتنامى فى الفترة المقبلة، خصوصاً أن المزاج الشعبى الآن متصالح معها، كما تمتلك الأداة التنفيذية التى تكفل لها تحقيق مطالب المواطن البسيط، وبالتالى فبإمكانها أن تتخطى أخطاء الماضى. وتوقع فى حالة إجراء أى انتخابات تشريعية فى المستقبل القريب أن تحصد القوى الإسلامية ضعف المقاعد التى حصلت عليها فى الانتخابات السابقة، بعكس ما يتوقع البعض، مطالباً القوى الليبرالية بأن تبدأ فى ذرع جذور لها فى المشهد السياسى، وأن تكف عن الحديث غير البناء. ورأى مصطفى أن فلول النظام القديم لن يكون لهم دور مؤثر فى المستقبل، بعد انكسار الثورة المضادة، بهزيمة مرشحها الفريق أحمد شفيق فى الانتخابات الرئاسية، لافتاً إلى أن الشعب عزلهم فى الانتخابات البرلمانية، وأقصاهم مرة أخرى فى الانتخابات الرئاسية. ورفض السيد مصطفى، نائب رئيس حزب «النور»، فكرة تقسيم الأحزاب بين إسلامية ومدنية، لأنه لا يوجد فى مصر أحزاب دينية، فجميع الأحزاب جرى تأسيسها فى إطار المادة الثانية من الإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011. مضيفاً: «يجب أن ننتهى من وضع الدستور سريعاً حتى يعود المجلس العسكرى إلى ثكناته، وعلى القوى السياسية أن تجلس وتتفق على استبعاد كل من أفسد الحياة السياسية، وتلطخت يداه بدماء المصريين». وقال اللواء حمدى بخيت، الخبير الاستراتيجى، إنه بمجرد تسليم «العسكرى» للسلطة رسمياً لن يكون مشاركاً فى الحياة السياسية، وسيقتصر دوره فقط على التشريع، لحين انتخاب مجلس الشعب، وهذه الفترة لن تتجاوز 4 شهور. وأضاف: «التيار الإسلامى المتمثل فى حزبى الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، والنور السلفى، ستقل فرصهما فى الشارع المصرى، خلال الفترة المقبلة، رغم قوتهما التنظيمية، بعد أدائهما فى البرلمان المنحل، وفى المقابل ستصعد بعض التيارات المدنية». وأوضح بخيت أن إنشاء عدد من مرشحى الرئاسة الخارجين من السباق، منهم أحمد شفيق وعمرو موسى أحزاباً، سيجعل لهما وجوداً على الساحة، لأن لكل منهما دوراً فى المرحلة الماضية، وأرضية فى المجتمع. أما الحركات الثورية، فإذا لم تبتعد عن الفوضوية، والمطالب المستحيلة، فستتأثر شعبيتها، وتفقد ثقة الشارع. وارتبط التيار الثالث، بأسماء مرشحين خاسرين فى انتخابات الرئاسة، هم حمدين صباحى وخالد على وعمرو موسى، إضافة إلى أحزاب «المصرى الديمقراطى»، و«الجبهة الديمقراطية»، و«المصريين الأحرار»، و«الكرامة»، والجمعية الوطنية للتغيير، وقال علاء عبدالمنعم، أحد مؤسسيه: «ستكون للتيار الثالث أدوات وقيادة موحدة، حتى يستطيع الحصول على الأغلبية فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة، لأن أغلبية الأصوات ذهبت للتيار المدنى، ويعيبه أنه متشرذم ومتناحر، ويحتاج إلى التوحد». وأضاف أن التيار الثالث يمثل الأصوات التى حصل عليها عمرو موسى، وأحمد شفيق، وحمدين صباحى، وخالد على، وأبوالعز الحريرى، وهشام البسطويسى، ونصف أصوات عبدالمنعم أبوالفتوح فى الانتخابات الرئاسية، بينما التيار الإسلامى لم يحصل إلا على أصوات محمد مرسى، إضافة إلى 2 مليون من أصوات أبوالفتوح. وستقل شعبية التيار فى الفترة المقبلة. وأوضح عبدالمنعم أن التيار المدنى ليس طرفا فى الصراع الحالى بين الإخوان والمجلس العسكرى، وهو ينظم نفسه ليكون طرفا قوميا مؤثرا فى المستقبل، وهو يرفض زواج الدين بالسلطة، أو الاستبداد باسم الدين، كما يرفض عسكرة الدولة، والتغول العسكرى على الأحزاب المدنية، ويريد دستوراً متوازناً يقر مدنية الدولة، وتكافؤ الفرص. وأكد حسب الله الكفراوى، وزير الإسكان الأسبق، أنه لن يكون للفلول دور فى المستقبل، ولن يظهروا بشكل واضح على الساحة، لكنهم سيقفون متخفين وراء القوى المعارضة للرئيس محمد مرسى، وسيدعمون المجلس العسكرى فى أحيان أخرى. مؤكداً أن المشهد السياسى فى الفترة المقبلة سيختلف عن فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية، وستظهر بعض القوى السياسية بشكل كبير ليكون لها دور سياسى فى إدارة شئون البلاد، ومن أهم تلك القوى التيار الثالث، الذى أعلن عن نفسه. ورأى الكفراوى أن الرئيس مرسى سينحاز للتيار الثالث، لأنه التقى رموزه كثيراً قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية، ولكن على الرغم من ذلك فسيستمر التيار الإسلامى فى الصعود، لأن رئيس الدولة ينتمى له. لافتاً إلى أن دور المجلس العسكرى مؤقت بسبب الإعلان الدستورى المكمل، الذى أعطاه بعض الصلاحيات التى تجعله أحد الأطراف السياسية فى الساحة. وقال معاذ عبدالكريم، عضو المكتب التنفيذى لائتلاف شباب الثورة: «دور الكتلة الإسلامية فى المستقبل سيتوقف على دور الرئيس، وقدرته على إحداث تغيير نوعى على أرض الواقع، وهو ما سينعكس بالضرورة على التيار الذى يمثله»، لافتاً إلى أن جماعة الإخوان ستظهر على الساحة بشكل أكبر فى المستقبل عن بقية الكتلة الإسلامية، لقدرتها التنظيمية، وانتماء الدكتور مرسى لها. وأضاف أن دور الأحزاب القديمة (التجمع والكرامة والناصرى والوفد)، سيضعف فى المستقبل، لأن وجودها فى الشارع غير مؤثر، بعد أن نجح النظام السابق فى احتوائها، لإضفاء الشرعية على وجوده ودوره، ونفس الأمر فعله المجلس العسكرى، وسيقتصر دورها فى المستقبل على كونها أحزابا «سنّيدة». ورأى الدكتور عمرو هاشم ربيع، مدير برنامج التحول الديمقراطى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن خريطة القوى السياسية بعد تسليم السلطة، تشكلها القوى الثورية، والإخوان، والسلفيون، والعسكرى، وهناك الفلول وسيكونون ضعفاء، وسيقتصر دورهم على دعم معارضى الرئيس، ويمكن أن يتجمعوا مرة أخرى من خلال الحزب الذى أعلن «شفيق» أنه يسعى لتأسيسه. وأوضح أن جميع القوى السياسية فى مصر غير متجمعة أو متفقة، وغالبيتها تسعى للسيطرة على المشهد السياسى، وهو ما يظهر بوضوح فى التيار الثالث، الذى يحاول الوصول إلى الحكم نكاية فى بعض الأحزاب السياسية. وأشار إلى أن المجلس العسكرى سيكون له دور على الساحة السياسية فى المستقبل، بسبب اتفاقياته غير المعلنة مع الإخوان، إضافة إلى الصلاحيات التى اكتسبها من الإعلان الدستورى المكمل. وتوقع أن يعمل الرئيس على مشاركة القوى السابقة باستثناء الفلول ضمن الحكومة المقبلة، حتى يكسب الجميع، ويقضى على جميع معارضيه منذ بداية فترة حكمه. واعتبر الدكتور وحيد عبدالمجيد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يوم أداء الرئيس لليمين الدستورية، هو الفاصل، حيث تعبر فيه البلد من المرحلة الانتقالية الأولى، إلى المرحلة الانتقالية الثانية، لافتاً إلى أن مسار المرحلة الثانية، الذى يبدأ أول يوليو ما زال غير واضح إلى الآن، وسيتوقف على طبيعة العلاقة بين طرفى السلطة هل ستقوم على الصدام أم التفاهم؟