"فوانيس وياميش رمضان" هكذا اعتاد الموسم الرمضاني على الظهور في طابع روحاني خاص بشوارع الأزهر والحسين، تتجاور المحلات التجارية وتتنافس فيما بينها في بيع منتجاتها، فمن الأنتيكات والتحف ومستلزمات المنزل الرمضانية وحتى ملابس المحجبات يُقبل الجميع على الشراء خصوصًا مع العروض الموسمية المقدمة من أصحاب المحال، إلا أن الغريب ظهور "بدل الرقص الشرقي" إلى جانب "إسدلات الصلاة" في فاترينات شارع الأزهر. يستقبل محمد أبوالدهب، صاحب أحد المحال التجارية، شهر رمضان بعرض ملابس متنوعة، يجمع فيها بين ملابس المحجبات الإسلامية بمتعلقاتها من سجادة الصلاة والعباءة والخمار وإسدال الصلاة والسبحة والمصحف وغيرهم، وبين ملابس "الرقص الشرقي" ومتعلقاتها من "بدلة الرقص" إلى "العصا" و"الصاجات"، إضافة إلى التحف الفنية الأخرى مثل الأرابيسك ومنتجات الخزف والتماثيل. زبائن محل "محمد" لم يقتصروا على فئة محددة أو طبقة دون أخرى، خاصة وأن "أبوالدهب" يجمع فيه جميع السلع التي تناسب جميع الأذواق، فعلى أعتاب محله وقفت سيدة منتقبة بصحبة ابنتها، لشراء "بدلة رقص" وإسدالات الصلاة لجهاز ابنتها المقبلة على الزواج. تقول السيدة ل"الوطن": "لازم اشتريلها كل حاجة، الإسدال مطلوب والبدلة كمان مطلوبة". لم ترضى السيدة بالخامات الموجودة بالمحل ولا بالألوان والأسعار المعروضة، وتركته وتوجهت لآخر علها تجد ما تبغيه بأسعار مناسبة. حركة الشراء داخل محل "أبوالدهب" لا تتوقف، فعقب مرور دقائق قليلة، تردد على المحل شيخ ملتحي لشراء طربوش وسبحة، وألقى نظرة على سجاجيد الصلاة مستعلمًا عن أسعارها للشراء في وقت لاحق. "زبون المحل وبيشترى من عندنا كتير"، قالها أحد الشباب العاملين بالمحل، مشيرًا إلى أنه ليس الشيخ الوحيد الذي يتردد على المحل من وقت لأخر بل هناك آخرون. "كل حاجة موجودة عندنا وزباينا عارفين طلباتهم كويس، بتيجي عندي الأسرة بالكامل والأم بتروح على ركن الملابس الإسلامي، والبنت بتوقف على ملابس الرقص الشرقي، والأب بيقف يشتري سبحة ومصحف"، قال "أبوالدهب" معلقا على دهشة البعض من جمعه بين بيع الملابس الدينية وملابس الرقص في مكان واحد خصوصًا مع اقتراب شهر رمضان وبعروض مخفضة تناسب الجميع. يبرر"أبوالدهب" بيعه لملابس المحجبات وملابس الرقص معًا، بكونه يبيع ملابس تجيزها الرقابة ويحتاجها كل منزل "بنبيع للمواطن العادي، ومش بنبيع للراقصات". وبحسب قوله، فإن الزبون الواحد عادة ما يشتري "إسدال صلاة" و"بدلة رقص شرقي" معًا، والجميع يقبل على الشراء من المحل بغض النظر عن مدى تدينهم "بدل الرقص مش بتقلل إيمان الشخص ولا السبحة بتزود إيمانه". أسعار سلع "أبوالدهب" في متناول الجميع، وتبدأ في المتوسط من 45 جنيهًا إلى أكثر من 500 جنيهًا، ما يجعل زبائنه من طبقات متنوعة "الفقير بيشترى قبل الغني، وبدل الرقص استعمالها بقى أكتر من اللانجيري"، ويقدم المحل خصومات على بعض المنتجات بمناسبة شهر رمضان تصل إلى 30% على سجادات الصلاة والإسدلات "مكسبنا فى القطعة مش بيزيد عن خمسة جنيه". لا تقتصر العروض والخصومات على ملابس المحجبات فقط بل تشمل ملابس الرقص الشرقي أيضًا، وتستعد الأسر لشراء مستلزمات الزواج لفتياتهم عقب انتهاء ال10 الأيام الأوئل من شهر رمضان استعدادا للعيد، "الناس بتتجوز على العيد، وبالتالي بيكون فيه إقبال كبير عليها، فلازم نعمل تخفيضات في رمضان". وبعد انتشار المنتجات الصينية وغزوها الأسواق، ودخول خامتها في صناعة المنتجات المصرية الأصيلة، ما أدى إلى انصراف الزبائن والسياح عنها، لجأ "أبوالدهب" إلى بيع المنتجات المصممة يدويًا "مفيش عندنا حاجة صيني، كله مصري 100% بداية من القماشة للخرز والترتر المخزرفة بيه"، ما يجعل الإقبال على الشراء من المحل كبيرًا "الزبون بيسأل على المحل بالإسم لأنه عارف حاجتنا"، كما أنه يشجع المشروعات الصغيرة التي تؤسسها ربات البيوت في منازلهن وتعكس آصالة التراث الشعبي "المنتجات كلها شغل يدوي، فاتح بيوت ناس كتيرة، وبنشتريه علشان نشجعهم على الشغل". يرى محمد أبوالدهب، أنه على مدار ال25 عامًا التي قضاها في هذا العمل، اختلفت أذواق المصريين في السنوات الماضية، واتجهت فئة كبيرة منهم إلى شراء بدل الرقص المصنوعة يدويًا بدلا اللانجيري.