أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    التضامن تنظم عددا من الفعاليات بمركزي استقبال أبناء العاملين بديوان الوزارة    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    مصادر: ترامب غير مهتم بتهدئة الأوضاع مع ماسك    10 بطولات و93 هدفا، أرقام زيزو بعد انضمامه رسميا للأهلي    الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال بعيد الأضحى (صور)    بتقديم التهنئة والورود.. الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال بعيد الأضحى المبارك    الوطنية للإعلام تنعي الإذاعية هدى العجيمي    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    محافظ الدقهلية يزور الأطفال الأيتام في أول أيام عيد الأضحى    نجوم الفن يحتفلون بعيد الأضحى: تهاني وطرافة على السوشيال ميديا    تركي آل الشيخ يطرح البرومو الأول لفيلم «The Seven Dogs»    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية لإنهاء قوائم الانتظار    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    هل خالف ترامب قواعد الفيفا ب"حظر السفر" قبل مونديال الأندية؟ .. "BBC" تجيب    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    السفير الأمريكي لدى اليابان: المحادثات بشأن الرسوم الجمركية لن تقوض التحالف بين البلدين    قرار تاريخي.. اعتماد فلسطين عضو مراقب بمنظمة العمل الدولية باكتساح    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    حالة من الاستقرار في أسعار اللحوم الحمراء بالأسواق أول أيام عيد الأضحى المبارك    حضور مصرى بارز فى مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربى    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    طريقة تنظيف الممبار وتقديمه فى أيام العيد    خاف من نظرات عينيه وبكى بسبب أدائه.. هكذا تحدث يوسف شاهين عن المليجى    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    حبس المتهم بقتل شاب يوم وقفة عيد الأضحى بقرية قرنفيل في القليوبية    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    الكبدة الطازجة- هل تسبب تسمم؟    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    إقبال ملحوظ على مجازر القاهرة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    مواعيد مباريات الجمعة 6 يونيو - تصفيات كأس العالم.. والمغرب يواجه تونس    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    أجواء من المحبة والتراحم تسود قنا بعد صلاة عيد الأضحى المبارك وتبادل واسع للتهاني بين الأهالي    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على الانتقادات    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 29 - 04 - 2017

ذكّرنى الناقد المتميز «عصام زكريا» فى مقال له بعنوان «صديقى الإرهابى» بفيلم أمريكى بعنوان «الكره» بطولة الممثل الفذ «داستن هوفمان» وإخراج «بارى ليفنسون» استرشد به فى مقاله لتفسير «ظاهرة الإرهاب».. تدور أحداث الفيلم داخل غواصة فى أعماق البحر بها عدد من العلماء.. فجأة يهاجمهم وحش رهيب كأنه قدر لا فكاك ولا خلاص منه.. ما نلبث أن نكتشف أنه ليس سوى مرآة نفسية تعكس مخاوفهم ورعبهم الإنسانى من المجهول ومن قسوة الاغتراب.. ومن غموض رحلة الوجود والعدم وفراغ الكون من المعنى والجدوى.. هذه المرآة تكشف -كما يرى الناقد- أن الإرهاب أقرب إلينا من حبل الوريد.. ربما يسكن بيوتنا ويقاسمنا الفراش.. وربما يخرج من عقولنا.. ويقول إن أسوأ أنواع الرعب هو الذى يسكن أعماقنا.. ويعزو الإرهاب فى أسوأ صوره إلى أسبابه المتصلة بالجانب النفسى.. حيث تكمن بذوره فى تعقيدات وعُقد الطفولة التى يمكن أن تظل كامنة لسنوات طويلة قبل أن تنفجر فجأة.. عُقد تتراوح من انتهاك الطفولة والجسد بشتى الأنواع.. وتصل إلى الكبت الجنسى الشديد والذى يصبح فيه العالم مجرد شيطان للغواية.. كما تشمل الجذور فى الشعور القهرى بالدونية الناتجة عن قرون من الاستعمار والتخلف مصحوباً بخطاب جنون العظمة الناتج عن الاعتقاد بالتفوق الأخلاقى والدينى والعرقى.. (والبارانويا أو هذاء العظمة) هى حالة مرضية ذهانية.. يعتقد المريض بموجبها أنه شخص عظيم وأذكى من أى مخلوق فى العالم.. وقد يتصور أنه نبى من الأنبياء ولديه قوة خارقة أو سحرية لتغيير العالم.. وتُرضى هذه الهذاءات بشكلها الفاضح الشعور بالنقص لدى المريض.. ولكن لأن الإنسان حيوان «يقينى» وحيد.. وبحاجة إلى اعتقاد معين أو إيمان راسخ يعصمه من الضياع والجنون.. فهو بالتالى لا بد أن يشعر بالاطمئنان والثقة دون أن يتحول ذلك الإيمان الراسخ إلى نوع من التعصب المذهبى والتطرف الدينى.. لكن للأسف الشديد هذا ما يحدث غالباً.. وخير دليل على ذلك حالة «الأصوليين» أصحاب اليقين المطلق الذين لا يقبلون الاختلاف فى الرأى ولا يعترفون بالديمقراطية.. ويكفرون «الآخر» ويُحلون دمه.. مثل أولئك الذين يجأرون بهتافات الكراهية وشعارات التحريض فى الميادين «قتلانا فى الجنة.. وقتلاهم فى النار».
لذلك فلا غرابة أن تظهر فجأة نماذج بشرية كمتطرفين ينضمون إلى تنظيم «داعش» الإرهابى فى الوقت الذى ينتمون فيه إلى شرائح اجتماعية ثرية لا تعانى من شظف العيش ولديها ما يجعلها لا تقع فريسة للاستقطاب المادى أو العنف للانتقام من مجتمع ظالم وكافر يعانون فيه من الفوارق الطبقية أو القهر أو العدالة الاجتماعية أو البطالة.
ولأن العامة يجهلون عادة طبيعة الأمراض النفسية والعقلية وأعراضها والفروق الجوهرية بينها، ويخلطون خلطاً شائعاً بين المرض النفسى وبين سلوك الشخصية وأخلاقها، فإننا فى أغلب الأحوال نتعامل مع المريض النفسى فى إطار موقفنا من سلوكه تعاملاً اجتماعياً.
فالمصاب بالعصاب الهستيرى أو الفصام البارانوى مثلاً الذى يدفعه إلى الثورة الجامحة المصحوبة بالعدوان على الآخرين لأتفه الأسباب نصفه بأنه «عصبى شوية» «دمه حامى».. لكن قلبه أبيض.. «بيهب يهب لكن بينزل على مفيش».. بينما «مفيش» تلك قد تؤدى إلى ارتكابه جريمة فى لحظة ثورة مفاجئة.
ومن الواضح أن هناك علاقة بين مرض «الفصام» والجريمة فالفصامى يستجيب لأصوات توجهه توجيهات إجرامية مباشرة.. لكن تصور الناس من حولنا أن المريض النفسى أو العقلى لا يخرج عن كونه النموذج للرجل الذى يرتدى زياً غريباً ويشتم المارة والصبية يقذفونه بالطوب أو ذلك الذى يقف عند إشارة المرور يضع أغطية المياه الغازية على صدره.. ويحمل علم أمريكا ويقوم بتنظيم حركة المرور.
ولأن العامة يجهلون طبيعة تلك الأمراض النفسية والعقلية فهم لا يذهبون إلى الطبيب النفسى الذى عادة ما تقدم شخصيته فى الأعمال الدرامية مشوهة نتيجة جهل أغلب كتاب السيناريو والمخرجين بطبيعة مهنته.. فيظهر فى الأعمال الكوميدية غريب الأطوار يهذى بعبارات هزلية أو خاطئة.. ولا علاقة لها بالطب النفسى على الإطلاق.. ويبدو أكثر مرضاً من المريض نفسه.
«الإرهابى» إذن مريض.. لكنه لا يملك «مرآة نفسية» يرى نفسه من خلالها.. وإن وجدها فلن يستطيع أن يصل إلى حقيقة معاناته وآلامه النفسية التى جعلت منه هذا الكائن البشع لأنه يحتاج إلى علاج على يد طبيب متخصص.. كما أن البيئة الحاضنة للإرهاب -والتى تفرض على الجهات البحثية فى شئون علم النفس والاجتماع دراستها دراسة متعمقة- تساهم مساهمة فعالة فى نمو الأمراض النفسية والعقلية وترعرعها وتفشيها عن طريق غسيل الأدمغة الذى يتواصل ويتمدد ولا ينحسر أو يتقلص مرتدياً أثواباً دينية.. وهو ما أتفق فيه مع الكاتب الكبير «وحيد حامد» فى تأكيده أن المجتمع المصرى لديه استعداد فطرى لتفشى الاتجاهات الظلامية أو حسب تعبيره «لدينا دواعش جاهزون» لا ينقصهم سوى الإعلان عن أنفسهم. كما يمكننا بالطبع -وفقاً للتفسير النفسى الاجتماعى- أن نرى ظاهرة «التحرش» من منظور مختلف.. ذلك أن المفهوم المتخلف والغبى لماهية المرأة باعتبارها كائناً غير أخلاقى ومصدراً للغواية ومنبعاً للرذيلة هو ما تبقى فى أذهان المتحرشين غير الأسوياء.. فهم لا يرون بناءً على فتاوى الدعاة والكتب الصفراء سوى أنها كائن غير إنسانى.. لا وظيفة لها سوى اعتلاء الرجل لها.. حتى لو كانت فتاة صغيرة فى سن الطفولة.. فهى فى النهاية مشروع امرأة.. والنساء أصل كل الشرور.. ومنبع كل رذيلة.. وكلهن عورة.. وهن شياطين خلقن لنا.. ينبغى تأديبهن وقهرهن.. ومن هنا فإن طفلة البامبرز التى اغتصبها ذلك المأفون يمكننا أن نصفه كمريض عقلى ومجرم سيكوباتى تغذى روحه البغيضة بفتاوى التكفيريين وبالتالى فإن قرار المستشار «عدلى منصور» الذى أبى أن يخرج من القصر الرئاسى قبل أن يصدره والمتصل بتغليظ عقوبة التحرش الجنسى.. وسمته وقتها زعيمات الحركات النسائية «هدية الوداع» لم يجد ولم يجنِ ثماره بل تفاقمت بعده العشرات من حوادث الاغتصاب والاعتداء الجنسى لعل أبشعها حادثة تلك الطفلة البائسة التى لم تكمل عامين من عمرها.. ما دفع مؤخراً نائبة برلمانية لتقترح إخصاء المتحرشين للحد من ظاهرة التحرش.
لقد استوقفنى ذلك الاقتراح وتأملته بمزيد من الدهشة والأسف بل واليأس؛ حيث ما زلنا نبحث عن تكثيف وتفعيل وتغليظ عقوبات المتحرشين.. ولا نسعى إلى اجتثاث جذور التحرش مثلما نبحث عن تشديد العقوبات ضد الإرهابيين ولا نسعى إلى مواجهة ظاهرة الإرهاب نفسها.. ناهيك عن أن إخصاء المتحرش يحوله إلى كائن مجنون مشوه.. أو مجرم سيكوباتى.. أو إرهابى قاتل..
الحل هو التنوير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.