فى قديم الزمان، عاش فى قرية صغيرة الشقيقان دهشان وحسان، كان حسان قنوعاً مطيعاً لوالده الشيخ حمدان يعاونه فى زراعة الحقل الكبير بكل جد وإتقان، يرعى البقرة والحمار فيهتم بطعامهما ونظافتهما، وبعد انتهاء عمله كان يعود للمنزل يعتنى بالكلب الذى كبر ولم يعد قادراً على الجرى، والقطة الصغيرة التى وجدها فى إحدى ليالى الشتاء ترتجف من البرد فعطف عليها وحملها للمنزل لتعيش معهم، وبفضلها صار الحقل خالياً من الفئران، أما دهشان فكان على العكس، طماعاً كسولاً يتهرب من العمل ويحلم أن يصبح غنياً من دون جهد أو تعب.. مرت الأيام والأعوام ورحل الشيخ حمدان وترك الحقل الكبير والبقرة والحمار لولديه دهشان وحسان.. اقتسم الشقيقان الحقل، لكن دهشان استولى على البقرة والحمار وترك لأخيه حسان الكلب العجوز والقطة الصغيرة.. رضى حسان بما قرره أخوه الأكبر دهشان، لكنه كان يفكر فى حل للمشكلة التى واجهته، كيف ستدور الساقية من دون البقرة أو الحمار؟ قال له الكلب: اربطنى فى الساقية وسأحركها بكل قوتى فتدور وتروى حقلك.. وقالت القطة: وأنا أيضاً سأساعدك يا حسان، اربطنى مع الكلب وسنحاول معاً أن نجعلها تدور وتملأ حقلك بالخير.. سمع حسان كلام الكلب والقطة، لكن بالطبع لم يستطع أحد منهما أن يحرك الساقية، أشفق عليهما حسان واقتسم طعامه معهما، نبح الكلب وشاركته القطة المواء.. كانا يغنيان أغنية جميلة يعبران فيها عن حبهما لحسان.. كان الحقل يطل على جبل شاهد عطف حسان على كلبه وقطته وسمع الأغنية الجميلة التى غناها الاثنان حباً له، فتأثر ونزلت دموعه، وما إن لمست دموع الجبل الأرض حتى تحولت لحبات من اللؤلؤ وقطع من الذهب، انعكست عليها أشعة الشمس فتلألأ بريقها وبسرعة جمعتها القطة وحملها الكلب ليقدماها لحسان الذى فرح بهدية الجبل فذهب لسوق القرية باع اللؤلؤ والذهب واشترى بقرة وحمارا وعمل فى حقله بمنتهى الهمة والنشاط فأثمر محصولاً وفيراً فى موسم الحصاد باعه حسان واشترى بيتاً جميلاً بجوار الحقل، رأى دهشان بيت أخيه حسان وسأله: كيف استطعت أن تزرع الحقل ولم تملك سوى كلب عجوز وقطة صغيرة؟ أجابه حسان قائلاً: الكلب والقطة هما سبب سعادتى. وحكى لأخيه حكايته مع الجبل.. فى اليوم التالى لم يجد حسان الكلب والقطة، بحث عنهما فى كل مكان وشعر بالحزن لفقدهما.. وفى الحقيقة، كان الكلب العجوز والقطة الصغيرة عند الجبل؛ ففى الليل تسلل دهشان لبيت حسان، تاركاً عربته التى يجرها الحمار ومعه البقرة، ليربط الكلب والقطة فى الساقية، ومرت ساعات ودهشان ينتظر دموع الجبل، لكن الجبل فى هذه المرة لم يتألم ولم يبك وتنسَب دموعه، وإنما على العكس ضحك ساخراً من حماقة دهشان الذى ترك البقرة والحمار وربط بدلاً منهما الكلب والقطة فى الساقية! قهقه الجبل عالياً ورأى دهشان فى جوفه كهفاً مليئاً بقطع الذهب تتلألأ، فاندفع بسرعة وأغلق الجبل فمه.. جمع دهشان كل ما يستطيع حمله من الذهب واللؤلؤ، لكنه للأسف لم يستطع الخروج وصار سجيناً فى فم الجبل.. ذهب يبحث عن دموع الجبل التى منحت السعادة لأخيه حسان، فمنحه الجبل ضحكته التى كانت سبباً فى تعاسته.