كررنا عدة مرات فى هذه الزاوية التحذير تلو الآخر حول مخاطر التعامل الخشن والذى يتصف بالحماقة والغباء السياسى مع المؤسسة العسكرية وقيادات الجيش المصرى. وهذا الأمر ليس لأن الجيش سيد البلد أو مؤسسة على رأسها ريشة عليها أن تفعل ما تشاء دون حسيب أو رقيب ولكنه لأن جيش مصر خير أجناد الأرض حافظ على مر التاريخ على تراب هذا الوطن وعاش منحازاً لشعبه دون تفريط. هل يخطئ الجيش؟ الإجابة الفورية: كل البشر مخطئون، وكل مؤسسات الدولة فى أى زمان ومكان وفى أى عهد من العهود وفى كل نظام سياسى من الممكن أن تخطئ. المهم أن يكون هناك ذلك النظام القادر على كشف الخطأ والمحاسبة عليه والعمل على تصويبه وعدم تكراره. أقول هذه المقدمة حتى أصل إلى التعقيب على ما قاله الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع فى عملية تفتيش الحرب التى أقيمت فى الفرقة التاسعة، ودُعى إليها كبار الكتاب والفنانين والإعلاميين. جاء فى كلام الفريق السيسى ما يؤكد على عدة رسائل مهمة: أولاً: التحذير من استخدام الجيش كورقة لعب أو ضغط سياسى بين القوى المتنازعة، قائلاً: لا تلعبوا بنار الجيش، وهى عبارة بليغة وذات دلالة. ثانياً: رفض الجيش النزول مرة أخرى إلى الشارع كطرف فى اللعبة أو الصراع السياسى الدائر، مؤكداً أنه لو حدث ذلك فلن نتكلم عن مصر خلال ال30 أو 40 سنة المقبلة. ثالثاً: أن الجيش ليس ناراً على أهله ولكن على الأعداء. رابعاً: التأكيد على أنه ليس عيباً أن يتذلل إلى الشعب ودعوته القوى السياسية للتفاهم وتفضيل اللجوء إلى الصندوق الانتخابى، لأنه أفضل من تدمير البلد، على حد وصفه. هذا المنطق الذى يحكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقيادته العامة ورؤساء أفرعه وضباطه وجنوده والذى جاء على لسان القائد العام فى تصريحات علنية هو حزمة رسائل واضحة تدعو الناس وجميع القوى السياسية سواء التى فى الحكم أو المعارضة إلى الفهم العميق لما يسعى إليه جيش مصر. جيش مصر ليس طالباً لسلطة أو متنازعاً على جزء أو كل الحكم، إنه جزء من الشرعية الدستورية التى تكونت تحت إشرافه بعدما انحاز للشارع عقب الثورة. عاش الجيش فى العهد السابق يراقب الحدث ويتفاعل معه. وعندما ثار الشعب وقف معه، وحينما كُلف بمسئوليات المرحلة الانتقالية نقل السلطة بسلاسة. والآن هو يعيش تحت حكم شرعية الصندوق الانتخابى. لذلك نقول: لا تلعبوا بالنار مع الجيش، ودعوه يمارس دوره فى حماية الوطن، واجعلوه ناراً على الأعداء وليس على أى حماقات داخلية.