اشتد الصراع بين مؤسسة الرئاسة وتنظيم الإخوان من ناحية، والقضاة من ناحية أخرى، وتفاقمت الأزمة بعد إعلان القضاة عزمهم اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، فى ظل إصرار الرئيس محمد مرسى على استخدام لفظ تطهير القضاء الذى يرفضه كل القضاة، ومع استمرار مجلس الشورى فى نظر مشروع قانون السلطة القضائية المقدم من حزب الوسط. وتبدلت العلاقة، من إشادة قيادات الإخوان بالقضاة ونزاهتهم، وتصديهم للنظام السابق، وإصدارهم أحكاماً ببراءات وقرارات بإخلاء سبيل لصالح أعضاء التنظيم، والمطالبة بإشرافهم على الانتخابات، إلى هجوم شرس طال كل الهيئات القضائية، منذ أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بحل مجلس الشعب، لكن الإخوان اكتفوا بالتصريحات فقط، لصدور الحكم قبل بدء الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، ثم عادت إشاداتهم مرة أخرى بالقضاة، عقب إعلان فوز مرسى. وبعد توليه مهام منصبه، أصدر قراراً بإعادة مجلس الشعب المنحل، وأوقف القضاء قراره لمخالفته للقانون. صمتت الرئاسة والإخوان عدة أشهر، حتى خرج مرسى بقرار تعيين المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام سفيراً للفاتيكان، فى محاولة لإزاحته عن منصبه، ثم تراجع عن قراره بسبب غضب القضاة. التزمت الرئاسة الصمت مرة أخرى، فى الوقت الذى أقيمت فيه دعاوى كثيرة لبطلان انتخاب الشورى، واللجنة التأسيسية للدستور، وفجأة ودون سابق إنذار خرج مرسى بإعلانه الدستورى الأول الذى أطاح فيه بالنائب العام، وحصّن «الشورى والتأسيسية» وكل قراراته من الرقابة القضائية، ما أدى إلى انتفاض القضاة الذين قرروا تعليق العمل فى المحاكم والنيابات. وفى 2 ديسمبر حاصرت بعض تيارات الإسلام السياسى المحكمة الدستورية، ومنعوها من نظر دعاوى حل «الشورى والتأسيسية»، ولم تعلق الرئاسة على ذلك، ما زاد غضب القضاة، ثم حاولت الرئاسة الالتفاف حول الإعلان، خاصة بعد إعلان القضاة رفضهم الإشراف على الاستفتاء على الدستور، فأصدرت إعلاناً دستورياً ثانياً لكنه لم يغير شيئاً. تمكنت التأسيسية من الانتهاء من الدستور فى وقت قياسى، وأصرت الرئاسة على تمريره رغم رفض القضاة الإشراف على الاستفتاء، ما أثير حوله الكثير من اللغط، ونجحت فى ذلك. هدأ الصراع قليلاً، حتى صدر حكم استئناف القاهرة ببطلان تعيين النائب العام، ما قال عنه القضاة إنه حكم نهائى واجب النفاذ، لكن الرئاسة أعلنت أن المستشار طلعت عبدالله باقٍ فى منصبه، ما أثار غضبهم من جديد. وجاءت دعوة الإخوان إلى الاحتشاد أمام دار القضاء العالى للمطالبة ب«تطهير القضاء»، التى اعتبرها القضاة إهانة لهم، إضافة إلى مشروع قانون السلطة القضائية، الذى قدمه حزب الوسط إلى مجلس الشورى، الذى يطالب بتخفيض سن تقاعد القضاة من 70 إلى 60 سنة، ما يطيح ب3500 قاضٍ، بالتوافق مع تصريحات مهدى عاكف مرشد الإخوان السابق، التى وصف فيها القضاء ب«المسيَّس والمريض»، إضافة إلى تلميحات الرئيس فى مؤتمر المرأة إلى الاعتراض على أحكام القضاء بحجة براءات رموز النظام السابق، ما وحَّد جميع القضاة للتصدى للعدوان، ووصل إلى إقامة دعاوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية.