إنها الأم والزوجة والأخت فى جماعة الإخوان، سر صمود التنظيم رغم كل ما أحاط به عبر تاريخه، مَن صبرت على غياب الزوج، سواء كان خلف أسوار السجون، أو خلف أسوار الجماعة، من عملت دوماً فى الظل وبدأب طوال عقود، تلك الجيوش من المخلصات حقاً، الممتلئات بالعاطفة نحو الدين والوطن. لايزال مشهد تلك المرأة، التى ارتقت سلماً خشبياً لتدخل إلى لجنة انتخابات برلمان 2005، ماثلاً فى الأذهان، معبراً عن شجاعة وجهاد الأخوات، فى معركة الصندوق التى مثلت الأخوات فيها رأس الحربة بحق، حيث حسم التصويت النسائى كل معركة انتخابية فى مصر، وبلغ الأداء ذروته جهداً وإنجازاً فى الريف، حيث نسب الأمية المرتفعة بين النساء. فى تاريخ الأخوات فى جماعة الإخوان لم تبرز سوى قيادتين، الأولى هى السيدة لبيبة أحمد، التى كانت رائدة من رائدات العمل النسائى، وبدأت مشوارها فى العمل العام، قبل أن تظهر الجماعة بخمس سنوات كاملة فى العام 1923، كما كانت زينب الغزالى سابقة فى العمل الاجتماعى، قبل أن تستقطبهن الجماعة ولأن المسئولية هى الوجه الآخر للسلطة، فلقد ارتضت الجماعة القسمة العادلة، بأن أعطت رجالها السلطة، بينما أودعت المسئولية لدى نسائها، اللاتى نهضن بها كأم وأفضل ما يكون، استثماراً لعاطفة حارة نحو الدين، ثم وليها زوجاً كان أو أباً، لذا فمن النادر أن تجد بين من انشق عن التنظيم نساء، إلا إذا جاوز العقل لديهن العاطفة، وتورطوا فى التفكير والنقاش الحر. ونظمت الجماعة مؤتمراً بعد الثورة حضره 3000 كادر نسائى، قدمن الأفكار والأطروحات، وناقشن بحرية كيف يمكن تطوير الجماعة بعد الثورة، وقيل لهن إن الجماعة بصدد إنجاز الأمر، الذى أودع فى النهاية هو الآخر «خزانة الشاطر». ولم تسع الجماعة أبداً لتمكين المرأة، أو إعطائها حقها كما كفله لها الإسلام، الذى جعل النساء شقائق الرجال فى التكاليف الشرعية سواء بسواء وحفظت السنة حديث رسول الله عن نسيبة بنت كعب، التى قاتلت فى أحد، فقال عنها النبى ما تلفت يمنة أو يسرة إلا وجدتها تقاتل دونى، وعرف تاريخنا نماذج من النساء زاحمن الرجال فى كل الميادين كشقائق للرجال كما أخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم تعامل معها التنظيم دوماً بانتهازية شديدة، حتى أضحى هذا الجيش لا يستدعى، إلا حين تضيق على الجماعة المسالك فى أى استحقاقات سياسية، فينهضن بالدور بنشاط ودأب. وكان حسن البنا لا يرى للمرأة حقاً فى الترشح فى الانتخابات أو الإدلاء بصوتها، حتى غيرت الجماعة ذلك فى العام 1995، حين بدأت تطبع مع المجتمع فى مرحلة الاستضعاف والتضييق، وحين تمكنت، أكدت إيمانها بدور المرأة، وحين منحت إحدى الأخوات، عضوية المكتب التنفيذى للحزب الحاكم، ليتبين أنها زوجة عضو هام بمكتب الإرشاد.