20 متراً قطعها الطفل بولا بعد شراء إفطار أسرته، 20 مترا فقط كانت حدا فاصلا فى حياته، التى كانت على وشك أن يخسرها للأبد، بعد أن استوقفته سيارة يستقلها 4 أشخاص فى الشارع الفاصل بين الحى الخامس والسادس بمدينة السادس من أكتوبر، أحد ركاب السيارة وهو شخص ملثم سأله: «فين مخزن الأسمنت اللى هنا».. ببراءة الأطفال أجابه: «بعد 100 متر من هنا يا عمو».. لكن الرجل الذى سمع الإجابة أحكم قبضة يده عليه وأدخله السيارة عنوة وفروا هاربين. أما والده الذى كان قد أوصله بالسيارة لشراء إفطار الأسرة وأكمل طريقه لتوصيل ابنته الأخرى للمدرسة، فقد عاد إلى المنزل.. ليفاجأ بسؤال الأم: ابنى فين؟ ابنى لسه ماجاش.. أصاب الذهول الأب، لتبدأ رحلة البحث التى استمرت 3 أيام، قضتها أسرة الطفل بولا كامل ميلاد 13 سنة، فى انتظار إطلاق سراحه بعد اختطافه على يد تشكيل عصابى، قاده أحد العاملين فى مخزن أسمنت يملكه الأب. «بولا» يحكى تفاصيل هذه الأيام بقوله: بعد ما نزلنى بابا أنا جبت الفطار، وكنت راجع البيت تانى قبل ماإخواتى يصحو من النوم، وميلاقوش الفطار جاهز.. مشيت 20 متر ولقيت عربية، وواحد منهم شكيت فيه أول ماسمعت صوته، هو «محمد كامل» شغال فى مخزن الأسمنت بتاعنا.. وسألنى عن مخزن الأسمنت، وقلت له أيوه أعرفه فى آخر الشارع على الشمال.. وركبت معاه عشان أوديه هناك.. وفجأة لقيت العربية بتدخل فى اتجاه تانى غير الوصف بتاعى.. وأنا حسيت أنه فيه حاجة، وبقيت أضرب فيهم، بحاول أعمل أى حاجة.. وفجأة لقيت واحد منهم بيضربنى ونزلنى فى الدواسة تحت رجليه وحطوا لزق على فمى وعينى وفضلوا يشتمونى عشان أسكت. وإحنا ماشيين بالعربية.. أنا كنت حاسس بالرعب منهم، وبدأت أعيط.. بدأ شريط حياتى القصيرة دى يعدى قدامى.. أنا مش عارف هروح فين ولا دول مين.. 2 معايا ورا وأنا تحت رجليهم.. والسواق ومعاه واحد تانى من قدام.. أنا هديت شوية لما لقيت العربية كل شوية تعطل بينا فى الطريق.. يتذكرها بضحك.. طيب لما أنتم ناويين تخطفونى كنتم جبتم عربية كويسة.. بعدين مشيوا فى طريق طويل كده.. وسمعت واحد فيهم بيتكلم فى التليفون بيقول «إحنا خلصنا وجبنا الولد وهنكلم أبوه عشان يدينا الفلوس ونخلص». أول مادخلت المكان ده.. عرفت أنه عبارة عن شقة فيها أسرة مكونة من أب وأم و4 أبناء.. على طول كان يقعد معى واحد طول الوقت يلعب فى الموبايل.. وكنت سامع واحد فيهم بيسأل التانى عن السلاح والسكاكين اللى معاهم.. أنا كان تفكيرى كله فى بابا وماما. فى منزل الأسرة بالحى الخامس بمدينة السادس من أكتوبر كانت الأسرة تعيش ساعات عصيبة، الأب عجز عن التفكير وتدبير الأمر.. والأم تارة تتجه إلى إحدى النوافذ وتارة أخرى تهرول إلى الشارع وسرعان ما تنهار أعصابها وتغيب عن الوعى، وفى الساعة 3 عصراً الأب توجه إلى قسم شرطة ثان أكتوبر.. وقبل دخوله من باب القسم تلقى اتصالاً. يقول الأب: أنا رحت القسم عشان أعمل محضر وأخلى البوليس حاضر معايا فى القضية دى.. أنا أول مرة فى حياتى أتعرض لموقف زى ده.. وأنا على باب القسم جانى تليفون.. واحد بيقولى متدورش على ابنك هو معايا.. حررت المحضر وفى طريقى للبيت اتصل علىَّ نفس الشخص وطلب منى مليون جنيه وآخد ابنى سليم. أنا ذهلت من الاتصال ده.. ودخلت جوا بلغت المباحث باللى حصل.. وهما وعدونى إنهم هيتابعوا الجناة، وبعدها بشوية كلمونى تانى ولقيت ابنى بولا بيكلمنى وبيبكى وبيقولى تعالى يا بابا خدنى وادفعلهم الفلوس عشان هيقتلونى. رجعت بيتى.. مراتى كانت مع إخواتها.. وطمنتها أنى كلمت «بولا» وأنه بخير.. وبعدها اتصل علىَّ الولد تانى وقال لى إنه مصمم على مبلغ المليون جنيه.. أنا بقيت أفاصل معاه لغاية مانزلتهم وبقوا 750 ألف جنيه فى تانى يوم.. وتالت يوم وصلوا 500 ألف وقلت له إنى مش معايا إلا 100 ألف جنيه تاخدهم كاش ونخلص.. هو رد علىَّ وقال لى أنا آخرى فى العملية دى 300 ألف جنيه واتفقنا على كده. يعود بولا لسرد اللحظات العصيبة التى عاصرها: كان دايماً واحد رايق كده بيتكلم عن الحب قاعد جنبى وبيشغل أغانى رومانسية على طول.. وكنت أسأله عن الساعة كان يرد علىَّ.. آخر الليل كان بييجى المتهمون ال 4 كانوا بيشربوا حشيش وبيرة.. كنت بشم الريحة بتاعة الحاجات دى كل ليلة فى المكان.. مكنتش بآكل خالص.. كانت الست دى مرات صاحب البيت تجيب لى أكل وتقول لى الأكل قدامك أهو.. بس أنا كنت متكمم. تانى يوم كلمت أبويا تانى.. هما قالوا لى كده.. وقلت له لو مجبتش الفلوس بكرة هما هيقتلونى.. أنا كنت فيه حاجات عايز أعملها كتير، يوم بعد يوم اللزقة على وشى بعدت شوية، وخلتنى أشوف اللى قدامى أكتر.. أنا كنت شايف زجاجة بيبسى فارغة.. كنت عايز أقوم أكسرها على رأسه وأهرب.. بس كانوا هيجيبونى تانى ويؤذونى. بدأت تكتمل أركان خطة مباحث أكتوبر للقبض على المتهمين.. تتبع الهاتف أكد وجود المتهمين بمنطقة عين شمس.. والد المجنى عليه توجه إلى القسم بعد استدعائه.. وتلقى اتصالاً من الخاطفين استمر أكثر من 15 دقيقة.. تم التنسيق مع قطاع الأمن العام ومباحث القاهرة وتم ضبط المتهمين ال6 وأرشدوا عن مكان احتجاز «بولا» بشقة أحدهم بنفس المنطقة.. القوات تقتحم الشقة. وتحرر الطفل من أيدى خاطفيه.