أعلنت الحكومة المغربية توقعات متفائلة للموسم الزراعي وعلى رأسها محصول الحبوب. وقال وزير الزراعة إنه سينعكس إيجابا على النمو بعد تباطؤ في خلال 2012، فاق معه عجز الميزان التجاري 7%. وأكد وزير الفلاحة أن الموسم الفلاحي الحالي سيكون "استثنائيا بكل المقاييس، بل ويعد أفضل المواسم الزراعية التي عرفها المغرب منذ خمس سنوات، حيث من المنتظر أن يبلغ انتاج الحبوب 97 مليون قنطار، منها 52 مليون قنطار من القمح الطري". وأشار الوزير في عرض ألقاه أمام الملك محمد السادس بمناسبة معرض مكناس الدولي للزراعة الذي افتتح الأربعاء ويختتم الأحد، إلى أن "التحسن الملحوظ في الإنتاج الزراعي انعكس إيجابا على المؤشرات الماكرو اقتصادية للقطاع، من خلال ارتفاع معدل الناتج الداخلي الخام الزراعي بحوالي 32%" خلال خمس سنوات. ويعتبر المغرب بلدا زراعيا لكن "الركود الاقتصادي في أوروبا، والنتائج السيئة التي سجلتها الزراعة" خلال 2012، أدت حسب تقرير للجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لإفريقيا إلى "تراجع نمو الناتج الداخلي الخام للمغرب من 4,1 الى 2,8% ". وتتراوح نسبة مساهمة الزراعة في الناتج الداخلي الخام للمغرب، ما بين 15 الى 20%، كما يشغل القطاع الزراعي، نحو 40% من اليد العاملة التي تزيد عن 11 مليون نسمة. لكن إنتاج الحبوب بمختلف أنواعها في المغرب، يعد من بين أهم دعامات الإنتاج الزراعي التي تعول عليها الحكومة هذه السنة، لتحسين المؤشرات الاقتصادية وتجنب الارتباط أكثر بالسوق الدولية المتقلبة للحبوب. وعرف المغرب خلال 2012 أزمة في التزود بهذه المادة بسبب ضعف الإنتاج المحلي وضعف محاصيل الدول المزودة للسوق العالمية بهذه المادة وعلى رأسها الولاياتالمتحدة وروسيا وكندا. وبسبب مستويات العجز المسجلة في مجال تغطية الأسواق الوطنية من القمح، احتل المغرب الرتبة السابعة في قائمة أكبر البلدان المستوردة للحبوب في العالم بعد مصر والاتحاد الأوربي والبرازيل وأندونيسيا والجزائر واليابان. وتبدو توقعات الحكومة بفضل التساقطات المهمة بداية هذه السنة، متفائلة لتجاوز مشاكل العام الماضي المترتبة أساسا عن الجفاف وانتشار الزراعة التقليدية وقلة المساحات المخصصة للحبوب. هذه التوقعات لم تقنع كثيرا بعض المنتجين الذين يحضرون معرض الفلاحة المقام كل سنة قبالة مخازن الحبوب التاريخية التي بناها السلطان المغربي "المولى إسماعيل" في القرن 17، وكان يعتبر ملؤها أولية لضمان استقرار ملكه خاصة أوقات الجفاف. وبحسب بعض المنتجين الذين فضلوا التعليق على المعطيات الرسمية دون ذكر أسمائهم، فإن "بعض محاصيل الحبوب المغربية لهذه السنة، أصيبت بمرض صدأ الساق الأسود"، الذي بات منتشرا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويؤكد هؤلاء المهنيون أن "التأخر في علاج هذا المرض بالوسائل الحديثة، سيؤثر لا محالة على التوقعات الرسمية لوزارة الفلاحة المغربية، ويؤدي الى خفض هذه التوقعات بحوالي 30%". كما يوضح هؤلاء أن "أرباب المطاحن المغربية يفضلون في أغلب الحالات القمح الطري القادم من الدول الموردة للمغرب، بسبب الجودة والثمن وكذلك بسبب مصالحهم التجارية وتكتلهم". ويشكل القمح الطري المستورد أساس صناعة الخبز لدى المغاربة الذين يعدون من أكبر مستهلكيه بمعدل يفوق 1100 رغيف سنويا للمواطن الواحد، مقارنة مع متوسط استهلاك المواطن المصري (نحو 500 رغيف) والمواطن التونسي (نحو 800 رغيف). وتراهن الحكومة من خلال مخطط المغرب الأخضر الذي أطلق في 2008 على تجاوز هذه العقبات، من خلال توسيع واستصلاح مساحة الأراضي المزروعة، ودعم صغار الفلاحين وتحسين طرق الإنتاج. ويمثل الفلاحون الصغار والمتوسطون أغلبية العاملين في قطاع الزراعة المغربية حيث يتصرفون فيما يقارب 80% من الأراضي المزروعة (أربعة ملايين هكتار)، يعمل فيها 90% من السكان المشتغلين بالزراعة. وسبق للمندوبية السامية للتخطيط (رسمية) المشرفة على الإحصائيات والتوقعات، ان دعت الحكومة في إحدى دراساتها التوقعية حول مستقبل الاقتصاد المغربي، الى التوجه نحو التصنيع أكثر وتنويع مصادر دخل الاقتصاد، مع تجنب الاعتماد على القطاع الزراعي لوحده بسبب خضوعه للتقلبات المناخية. وتحاول الحكومة جلب مستثمرين صناعيين جدد خاصة في قطاعي السيارات والطيران بعد استثمار شركة رونو نيسان الفرنسية للسيارات في طنجة (شمال)، واستثمار شركة بومباردييه الكندية للطيران في ضواحي الدارالبيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة. وتعتبر الحكومة ان اقامة صناعة سيارات وطيران قوية في المغرب تصدر إنتاجها الى أوروبا وشمال أفريقيا وبلدان أخرى، ستساهم في اصلاح أحد جوانب الضعف الأساسية في اقتصاد البلاد، وهو عجز الميزان التجاري الذي بلغ 7,1% خلال 2012. وتتوقع الارقام الرسمية ان ينمو اقتصاد البلاد ب5,5% خلال 2013 بفضل مؤشرات الإنتاج الزراعي لهذه السنة، بعدما حقق العام الماضي 2,8% بسبب الجفاف. لكن الإصلاح الأساسي بالنسبة للحكومة يتعلق بصندوق المقاصة (نظام دعم المواد الاستهلاكية الأساسية) الذي قالت عنه إنه مشروع جاهز ينتظر الموافقة السياسية فقط. واستهلك نظام الدعم العام الماضي ما يقارب 55 مليار درهم شكلت 6,6% من الناتج الداخلي الخام، وفاقت نفقات الاستثمار، حسبما أفاد نزار بركة وزير الاقتصاد المغربي، موضحا "نقترض اليوم من أجل دعم المواد الأساسية".