أشم فى الأفق حملة جديدة ضد القضاء المصرى سيكون ظاهرها حماية الثورة وباطنها تمكين الإخوان، فعندما تتحرك أدوات الجماعة لمهاجمة السلطة القضائية مثل جبهة اللاضمير والجماعة الإسلامية والهيئة الشرعية وحازم أبوإسماعيل وحركة قضاة من أجل مصر التى أسميها «شرابى من أجل مرسى» وبعض المستشارين من خلايا الإخوان النائمة داخل السلطة القضائية هنا يجب أن يدرك الجميع خطورة الموقف. بالطبع سيكون حكم الإفراج عن الرئيس السابق مبارك هو «الشماعة» مع أن القاضى الذى أصدر الحكم لم يفعل سوى تنفيذ القانون الذى وافق عليه نواب الإخوان عام 2007، ومع ذلك البعض يصف قرار المحكمة بأنه من ثمار الثورة المضادة داخل القضاء، ولن أجد سوى وصف المستشار محمود الشريف، سكرتير عام نادى القضاة، على من يردد ذلك بأنه إما جاهل أو متجاهل أو مغرض. الإخوان كعادتهم سيستثمرون الحدث لاستكمال مشروع أخونة القضاء الذى بدأ بوزارة العدل ثم النائب العام، وتهدف الجماعة إلى أخونة جميع القضاة، وبالطبع من يعترض على القرارات المنتظرة سيكون فى خانة المنتمين للثورة المضادة، حيث سيصوره الإخوان على أنه يدافع عن مبارك وليس عن استقلال القضاء، ولمن لا يعرف فإن قضاة مبارك إذا وجدوا فإنهم أتباع السلطة، وبالتالى سينتقلون بسرعة إلى «قضاة مرسى»، لكن أزمة الإخوان الحقيقية فى هؤلاء القضاء المستقلين الذين يدافعون عن محراب العدالة مما يرهق أى نظام ديكتاتورى يريد أن يستأثر بالشعب يفعل به ما يريد ولا يريد قضاء يطالب باستدعاء مرسى لسؤاله فى قضية هروب المسجونين أو يبطل قراراته الكثيرة غير القانونية أو يحكم بعزل وحبس رئيس وزرائه. كنت أعتقد أن المستشار طلعت إبراهيم، النائب المعين من قبل رئيس الإخوان، سيبذل كل جهده للإسراع فى قضايا هروب المسجونين أثناء الثورة على أساس أن المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام السابق، قد فضح هذا الأمر فى مؤتمر نادى القضاة قائلاً لماذا لا يطالبون بالإسراع فى قضية اقتحام السجون؟! وبالتالى كان أولى بالمستشار طلعت أن يدرأ عن نفسه شبهة الانحياز بل الانتماء للإخوان بالإسراع فى هذه القضية، لكن ما حدث العكس فقد رفضت النيابة العامة أكثر من مرة إحضار الشهود، بل الأغرب ما قاله الكاتب الصحفى الكبير إبراهيم عيسى فى برنامجه «هنا القاهرة» على قناة «القاهرة والناس» بأن النائب العام المعين قد أصدر قراراً بحفظ جميع البلاغات فى قضايا اقتحام السجون أثناء الثورة، وقامت نيابة الإسكندرية بالتطبيق فوراً فى الوقت الذى كان يجتمع فيه النائب العام بأمير قطر.. رغم أننى لم أسمع أن نائباً عاماً فى أى دولة اجتمع مع رئيس دولة أخرى.. هل هذا هو استقلال القضاء؟! فى القضاء تقليد رائع يسمى «استشعار الحرج»، كنت أتمنى أن يتبعه المستشار طلعت إبراهيم بعد رفض الشعب والثوار ونادى القضاة، بل ووكلاء النيابة، بل ومناشدة مجلس القضاء الأعلى له بتقديم استقالته، لكن الرجل ماضٍ فى طريقه دون أى اعتبار لأحد على طريقة «أنا راضى والرئيس مرسى راضى». مرة أخرى لقد استباح الإخوان القضاء رغم أنه «حصن العدالة» والحماية لكل مصرى.. وأعتقد أنهم يعدون مؤامرة أخرى عليه، وجاء الدور على مجلس القضاء الأعلى أن يخرج من سياسة الصمت والمناشدة إلى سياسة الفعل للدفاع عن استقلال القضاء وإلا فإن التاريخ لن يرحمهم!