معاناة كبيرة يعيشها أهالى نجع «حامد» التابع للوحدة المحلية لقرية «سفلاق» دائرة مركز «ساقلتة»، أكثر المراكز فقراً ونقصاً للخدمات، حيث يعانى معظم أبناء النجع من الفشل الكلوى، ويتردد العشرات يومياً على أجهزة الغسيل الكلوى، فضلاً عن إجراء البعض الآخر جراحات بالكلى والحالب، بل يمكن أن ترى كثيرين من الأهالى يعيشون «بكلية واحدة» بسبب سوء مياه الشرب وارتفاع نسبة الحديد والمنجنيز وارتفاع نسبة الأملاح التى تسجل أعلى مستوياتها، بسبب مياه الشرب «الارتوازى» التى تغذى شبكة مياه القرية، وعدم ربط شركة مياه الشرب على محطة مياه قرية «نيدة» البحارى. يقول أحمد السيد عبدالرحيم، موظف بالأوقاف، إن شقيقه «نشأت» توفى بسبب إصابته بالفشل الكلوى، بعد 3 سنوات من العذاب والألم، والغسيل الكلوى 3 مرات أسبوعياً، كل ذلك بسبب سوء مياه الشرب بالقرية، رحل «نشأت» فى سن ال40، وترك زوجة و7 أبناء. فوزية حلمى عبدالشهيد، ربة منزل، وهى أم ل5 أبناء، تعرّضت للإصابة بمرض الفشل الكلوى، منذ نحو 4 أشهر، وتتوجه إلى المستشفى بسوهاج «للغسيل» مرتين أسبوعياً، تقول إن زوجها يضطر إلى شراء «المياه المعدنية» من سوهاج، لأنها ممنوعة من أن تشرب المياه العادية، وأنها ترفع يديها لله وتشكو حالها، ولا تملك سوى أن تقول لمن تسبّب فى هذا المرض اللعين «حسبنا الله ونعم الوكيل». تضيف «فوزية»، أن زوجها رجل على «قدّ حاله» وأنهكته المصاريف، التى تزداد يوماً بعد الآخر، خصوصاً مع استمرارها فى الذهاب بسيارة خاصة «مرتين» فى الأسبوع للغسيل، وهو ما يكبّده أعباءً لا يطيقها أو يتحمّلها. ويشير عبدالحارس محمد راشد، موظف بالوحدة المحلية لقرية «سفلاق» إلى أنه أجرى جراحة فى الكلى، بسبب الحصوات منذ عدة سنوات، ويريد إجراء جراحة أخرى، ولكنه يخشى استئصال الكلية بسبب ما أصابها، وأن أسرته تشتكى من إصابتها بالأملاح والحصوات فى الكلى والحالب، والمسئولون عن مياه الشرب بالمحافظة نائمون، وكأنهم لا يشعرون بهذه الكارثة فى «نجع حامد ونجع حمودة»، فأكثر من 90% من الأهالى مصابون بأمراض الفشل الكلوى، وحصوات الحالب، فضلاً عن وفاة الكثير بسبب سوء المياه. ويحضر على أبوالمجد حامد، إدارى بالوحدة الصحية بنجع حامد، ل«الوطن» كوب ماء، اعتقدنا فى البداية أنه «كوب عصير برتقال أو مانجو» بسبب لونه، لنفاجأ أن ما فى الكوب «مياه» يعيش عليها أهالى نجع حامد، كما أحضر «الأشعة والتحاليل» التى تؤكد إصابته بأمراض الكلى، أرجع سبب كل ما يعانى منه أهالى القرية والقرى المجاورة إلى سوء مياه الشرب، وارتفاع نسبة الحديد والمنجنيز بها. وأثناء جولة «الوطن» بالقرية التقينا الطفل عبدالرحيم السيد عبدالمجيد، 13 سنة، طالب، الذى خلع ملابسه، وأظهر لكاميرا «الوطن»، آثار الجراحة التى أجرها لإزالة الحصوات، كما التقت «الوطن» كلاً من أحمد عطية وأيمن نصيف، اللذين أجريا جراحات لاستخراج الحصوات من الكلى والحالب. واصطحب عدد من أهالى القرية «الوطن» لجولة داخل مرشّح المياه «الصهريج»، وحاول الموظف المسئول، منع دخولنا، إلا أن الأهالى أصروا، وتمكّنوا من الدخول، والتقطت «كاميرا الوطن» صوراً للصهريج والأرض المقام عليها، وتُظهر نسبة الملح المرتفعة التى غطّت طبقة كبيرة من مساحة «الصهريج»، وكأنه تحوّل إلى مشروع لإنتاح الملح. يضيف السيد حسن عارف، مدرس، وكريم عطية فرج، سكرتير مدرسة، أن نجع «حامد» يبلغ عدد سكانه أكثر من 15 ألف نسمة، وتصل نسبة الإصابة بأمراض الفشل الكلوى وأمراض الكلى والحالب إلى نحو 90% من أبناء «النجع»، وأن سبب ارتفاع معدل الإصابة يرجع إلى وجود مواسير «الإسبستوس» والمحرّم استخدامها بسبب خطورتها على صحة الإنسان. وقالا إنهما التقيا رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى بسوهاج أكثر من مرة لحل أزمة النجع، ولكن ما حدث مجرد وعود فقط لا غير. وطالب أهالى «نجع حامد» بربط شبكة مياه «النجع» على محطة مياه «نيدة»، حيث إن الفرق 50 متراً فقط بين المياه الحلوة المقبلة من محطة مياه «نيدة»، والمياه التى يتناولها سكان النجع وتسبب كل ما يعانى منه أهالى النجع والنجوع المجاورة. وقالوا: «50 متر مواسير فقط، تنقذ ما تبقى من أهالى النجع»، مشيرين إلى أنهم نظّموا العشرات من الوقفات الاحتجاجية أمام ديوان عام محافظة سوهاج، من أجل حل مشكلة المياه، ولكن حتى الآن فإن المسئولين بالمحافظة «ودن من طين والتانية من عجين».