من ثائر مناضل ظهر فجأة خلال ثورة 25 يناير وانضم إلى مجلس أمنائها، إلى مستشار لرئيس الجمهورية وترزى قوانينه، هكذا تحول المستشار محمد فؤاد جاد الله فى الشهور الأخيرة، رجل القانون الذى أعلن نية رئاسة الجمهورية الطعن على حكم القضاء الإدارى بوقف انتخابات مجلس النواب، وإرسال قانونه إلى المحكمة الدستورية العليا، ولكن سرعان ما كذّب المتحدث الرسمى باسم الرئاسة تصريحات جاد الله، معلناً عدم الطعن على الحكم احتراماً لأحكام القضاء، ليخرج جاد الله على الفور مكذّباً ما سبق أن صرح به، ومؤكداً أن الرئاسة لن تطعن على الحكم لأن الطعون على الأحكام فيها تشبّه بنظام مبارك، ومرسى ليس مبارك. بدأت رحلة جاد الله فى الدفاع عن قرارات رئيس الجمهورية مع أول قرار يتخذه الأخير بعد توليه منصبه رسمياً، حينما أصدر قراراً بعودة البرلمان، ساعتها خرج جاد الله ليؤكد أن قرار الرئيس جاء احتراماً لإرادة الشعب، وأن مصلحة الدولة العليا فى وجود البرلمان بشكل مؤقت، وفى أزمة النائب العام الأولى قال جاد الله إن النائب العام استقال بسبب الضغط الشعبى بعد براءة متهمى موقعة الجمل، ثم راح يبرر مدى قانونية قرار الرئيس الذى استخدم صلاحيته فى تعيين عبدالمجيد محمود فى منصب جديد ولم يتخلَّ عنه. وفور صدور الإعلان الدستورى فى نوفمبر الماضى والذى منح الرئيس نفسه بمقتضاه صلاحيات فوق دستورية خرج جاد الله ليصف الإعلان ب«الدواء المر»، ولا تراجع عنه تحت أى ظرف، هذا قبل أن يقدم خارطة طريق دستورية فى الفترة الانتقالية، ليواجه أى تلاعب بالدستور. وكان اسم جاد الله قد تردد منذ بضعة أعوام عقب الزج به فى قضية استيراد أجهزة تعذيب وتنصت، عندما كان عضواً فى بعثة وزارة الداخلية بإدارة الفتوى فى الوزارة، وأثارت عودته من إعارته بدولة قطر قبل اندلاع الثورة بأيام العديد من علامات الاستفهام. غير أنه شارك فى ثورة يناير منذ أيامها الأولى، وأعلن اعتصامه فى ميدان التحرير، وانضمامه لمجلس أمناء الثورة، ولم يتراجع حتى بعد إحالته للتفتيش القضائى، خاصة أن التحقيق معه تم حفظه. أثناء الثورة شارك «جاد الله» فى وضع «خارطة طريق» أكد فيها على مطالب الثورة، واقترح حل برلمان أحمد عز، وتنازل الرئيس عن جميع سلطاته، وتشكيل مجلس رئاسى مدنى، وتعديل الدستور، وإلغاء قانون الطوارئ، وإجراء انتخابات مجلس الشعب تحت إشراف قضائى تنفيذاً لأحكام القضاء الإدارى التى تجاهلها النظام.