سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
9 مراكز لا تصلها المياه.. «ثورة العطش» قادمة الأهالى يشترون «جراكن» المياه بأسعار تتفاوت بين جنيه و10 جنيهات حسب جودتها.. والمحافظ: فوجئت بوجود 4 ملايين مواطن محرومين من مياه الشرب
نقص مياه الشرب، ومشاجرات للحصول على جركن مياه، واعتصامات وقطع طرق للمطالبة بكوب ماء، الاعتماد على الطلمبات، غسل الأوانى والملابس بالترع، تعرض الأهالى للفشل الكلوى.. كلمات بسيطة، تلخص معاناة ملايين المواطنين فى محافظة الشرقية، المحرومين من الماء النظيف، وبعضهم محروم من الماء أصلاً. فى مركز صان الحجر والعزب التابعة له، يعانى ما يقرب من 200 ألف نسمة من قلة وندرة مياه الشرب، ما دفع آلاف الأهالى لقطع الطرق أكثر من مرة، للمطالبة بتوفير مياه الشرب، التى لا تصل إليهم إلا نادراً. يقول طاهر أبوزيد، طالب جامعى من أهالى صان الحجر، ل«الوطن»: إن أهالى المركز يعانون من قلة المياه وندرتها منذ سنوات طويلة، وعلى الرغم من تقديم الكثير من الشكاوى للمسئولين، وجميع المحافظين السابقين، ومسئولى قطاعات مياه الشرب، فإن المشكلة ما زالت قائمة، ولم تجد طريقاً للحل، وأوضح أن قطع المياه يحدث بشكل متكرر يوم 17 من كل شهر، ولا تعود المياه إلا بعد التظاهر والاعتصام. وأضاف «أبوزيد» أنه فى ظل تخاذل المسئولين، وعدم سعيهم لحل الأزمة، عادت ظاهرة جراكن المياه مرة أخرى، حيث يتوافد الأهالى للحصول عليها رغم سوء حالتها، ويصل سعر الجركن الواحد إلى 10 جنيهات، حسب نظافة المياه وجودتها. وتابع «اعتصم المئات من أهالى القرية أكثر من مرة أمام مبنى المحافظة، وأمام الإدارة المحلية بمركز صان الحجر، إلا أن الموظفين أغلقوا الوحدة قائلين (افعلوا ما تريدون)، وانصرفوا، ما اضطر الأهالى فى النهاية إلى قطع الطريق». وعلى نفس المنوال، تشهد قرية إبراهيم حسن، التابعة لمركز أولاد صقر، على حدود محافظة الشرقية مع الدقهلية، انقطاعاً مستمراً للمياه، وتقدم الأهالى بعدد من الشكاوى للمستشار حسن النجار، محافظ الشرقية، فاقتصر الحل على إمداد القرية ب«موتور»، لرفع المياه وتوصيلها للأهالى، وبنى عدد من الأهالى غرفة لوضع الموتور بها، تقع بين قريتى الفرايحة وإبراهيم حسن، بتكلفة 6 آلاف جنيه، على نفقتهم الخاصة، والمفاجأة كانت أن الموتور مستعمل وليس جديداً، وتعطل أكثر من مرة، وأصلحه الأهالى على نفقتهم أيضاً. وقال بعض الأهالى إنه حال نقص المياه يتجهون لشراء مياه الشرب فى جراكن بسعر 2 جنيه للجركن، سعة 10 لترات، كما يستخدمون مياه بحر حادوث، القادم من المنصورة، حاملاً مياه الصرف الصحى فى الأعمال المنزلية، مثل الطهى وغسيل الملابس والأوانى، الأمر الذى أصبح يهدد بتفشى الأمراض بين أهالى القرية. وتعيش بعض القرى على مياه الطلمبات، ففى قرية أبوطاحون، التابعة لمركز القنايات، يعيش معظم السكان على المياه الارتوازية، بعدما اضطروا لدق طلمبات للحصول على مياه الشرب، رغم علم الأهالى بما تسببه هذه المياه من أمراض عديدة، فى مقدمتها الفشل الكلوى، فإنهم يتعايشون مع هذا الواقع، فى ظل ارتفاع تكاليف إدخال مواسير لمياه الشرب تابعة لهيئة مياه الشرب والصرف الصحى. تقول سامية كمال، 40 سنة، ربة منزل، إنهم رغم توصيل مواسير مياه الشرب لمنزلهم، من خلال محطات المياه، فإن المياه ملوثة أكثر من مياه الطلمبات، مشيرة إلى أن إحدى مندوبات مبيعات فلاتر المياه، أثناء قيامها بإقناع الأهالى بشراء الفلاتر، حللت عينة من مياه الشرب من منزلها، وأظهر ذلك مياهاً غير صالحة للاستخدام تماماً، مع ارتفاع نسبة الشوائب الموجودة بها، أكثر من مياه الطلمبة، المحلاة أيضاً. وأوضح محمد فتحى، أحد الأهالى، أن إدخال مياه الشرب يحمّل الأسرة الواحدة أكثر من 3 آلاف جنيه مقابل الاشتراك وشراء المواسير، وهذه التكاليف لا تستطيع كل الأسر تحملها، واتجه معظمهم لاستخدام الطلمبات. فيما قالت صفية إبراهيم، ربة منزل، إن نفقات المعيشة جعلت زوجها غير قادر على توصيل مياه الشرب، أو حتى عمل طلمبة لجلب المياه، وإنها تضطر لملء المياه من منازل بعض الجيران يومياً، مستخدمة الجراكن والأوانى المعدنية. ولم يختلف الحال فى المدن عن القرى كثيراً، فرغم الأهمية التى تحظى بها المدن والعمل على توفير الخدمات الأساسية بها، فإن هناك كثيراً من المدن التى تعانى من تلوث المياه. ففى مدينة الإبراهيمية، يعانى الأهالى من سوء مياه الشرب، ولجأوا لشراء المياه فى جراكن يصل سعر الواحد إلى 2 جنيه، وتستهلك الأسرة الواحدة نحو 40 جركناً يومياً، كحد أدنى، رغم وجود محطة للمياه خاصة بالمدينة، لكنها نظراً لسوء حالة المياه فى بعض المناطق بها، يشترى الأهالى المياه بدعوى أنها «مفلترة». يقول عطية إسماعيل، طالب بمعهد الخدمة الاجتماعية بكفر صقر، إنه فوجئ أثناء فتحه صنبور المياه، فى الواحدة بعد منتصف الليل، بنزول مياه سوداء من الحنفية، أشبه ب«العرقسوس»، لافتاً إلى أنه استمر فى فتح المياه لأكثر من نصف ساعة، حتى بدأ لون المياه يأخذ شكله الطبيعى. وقال المهندس عبدالهادى غيث، رئيس قطاع شمال الشرقية لمياه الشرب والصرف الصحى، إن هناك عدة إجراءات تُتخذ لاحتواء أزمة نقص المياه، منها استخدام نظام المناوبات فى توصيل المياه للمناطق، مشيراً إلى أن الأهالى فى فترة ضعف وقلة المياه، يشترون مياه الجراكن. وفى نفس السياق، قال المستشار حسن النجار، محافظ الشرقية، إنه فوجئ عند تعيينه محافظاً، بأن أكثر من 4 ملايين مواطن محرومون من مياه الشرب، حيث توجد 9 مراكز بإقليم شمال الشرقية، محرومة من المياه، ولا يحصل أهلها على الماء بصورة كريمة. مؤكداً أنه خلال عام واحد ستستكمل محطات الحسينية، التى تصل إنتاجيتها إلى 43 ألف متر مكعب يومياً، بتكلفة تصل إلى 30 مليون جنيه، وستؤدى لتحسين جودة المياه، وستمد لها شبكات من ترعة الإسماعيلية والحجير، تبلغ تكلفتها 35 مليوناً، بطاقة 17 ألف متر مكعب يومياً، ومن المقرر أن تزيد إلى 32 ألف متر مكعب يومياً. بالإضافة لمحطتى شنغورة وسنجها، للقضاء على المشكلة، وكذلك إنشاء محطات لمياه الشرب فى بعض المدن، مؤكداً الموافقة على إنشاء محطة مياه بأبوكبير. وأضاف المحافظ أنه طالب وزير المرافق بتوفير مليار ونصف المليار جنيه لاستكمال مشاريع محطات الشرب والصرف الصحى بالمحافظة. مشيراً إلى أن الميزانية التى رصدت هذا العام لاستكمال هذه المشاريع لا تفى بذلك، خاصة فى ظل الارتفاع المتصاعد لتكاليف البناء، لافتاً إلى أنها تحتاج إلى مليار ونصف أخرى، للانتهاء منها، مثل محطات الشرب بمراكز بلبيس ومنيا القمح والحسينية. من جانبه، قال اللواء أحمد عابدين، رئيس شركة مياه الشرب والصحى بالشرقية، إن بعض المناطق تعانى من قلة وندرة المياه، خاصة خلال فترة الصيف فى أشهر يونيو ويوليو وأغسطس، مثل مركز الحسينية. لافتاً إلى أنه يحاول تلافى ذلك، إما بتوصيل المياه بنظام المناوبات، أو بإمداد القرى والعزب بعربات مياه مجانية. من جانب آخر، قال عابدين إن مواسير «الإسبتوس» ممتدة لأكثر من 500 كيلومتر داخل مدينة الزقازيق، وهى صالحة للاستخدام، وإذا انتهت مدة صلاحية أى منها تغير مباشرة.