ربما تراجع الزخم الثورى طوال الشهرين الماضيين، بعد أن اقتصرت المظاهرات على الثائرين الأصليين والنخبة، وبضع مجموعات من الحركات التى تتبنى شعارات «الدم مقابل الدم.. والمولوتوف مقابل الرصاص»، لكن هذا التراجع لا يعنى استحالة إسقاط نظام الإخوان الفاشى النازى الديكتاتورى، ما دمنا نسلم بحقيقة أنه ليس بالمظاهرات وحدها تسقط الأنظمة، وليس بفتح السجون وحرق الأقسام وحدها يضطر الحاكم للتنحى، وليس بمباركة الجيش وحدها تنتصر الثورات. إذا كان خيرت الشاطر ومحمود عزت ومحمد بديع، توصلوا أخيراً إلى تطبيق نظرية «إحنا مكملين.. وخليكوا فى الشوارع والميادين واخبطوا دماغكم فى أجدع حيط»، فإن هناك سراً سيسقط الطاغية الجديد، وهو السر الذى لا يعرفه الرجال الذين يقفون وراء مرسى: باراك أوباما وبنيامين نتنياهو وذلك المخلوق القطرى الذى لا أذكر اسمه. أينما تتوجه، بالأتوبيس أو الميكروباص أو المترو أو التاكسى، لن تجد سوى حديث واحد: نكات لاذعة ضد الرئيس والإخوان. إذا جلست على مقهى أو دخلت متجراً أو مطعماً أو شركة، لن تجد سوى حديث واحد: نكات لاذعة ضد الرئيس والإخوان. إذا جلست مع أبنائك الصغار الذين لا يتجاوز عمر الكبير فيهم 10 سنوات، سيفاجئك بأنه يروى لك آخر نكتة سمعها عن الرئيس، وهكذا اتسعت دائرة المسخرة ضد النظام لتشمل جميع طبقات وشرائح الشعب. ويمكن القول دون مبالغة إن نظام الحكم المصرى يضرب كل الأرقام القياسية، فخلال سبعة أشهر ونصف الشهر، تجاوز مبارك فى كل شىء، رغم أن الأخير قضى 30 عاماً فى الحكم يكافح ليحقق هذه الإنجازات، قتلى المظاهرات فى عهد الإخوان أكثر من مبارك، وقمع شرطة مبارك يبدو ملائكياً إذا قيس بقمع شرطة الإخوان، والكوارث فى عهد الإخوان أشد كثافة من عهد مبارك، والقوانين سيئة السمعة فى عهد الإخوان أشد فظاعة.. والرقم القياسى الأهم أن مبارك كان يحكم منفرداً أما النظام الحالى فهو يعتمد نظرية المجلس الرئاسى الذى يضم «مرسى والشاطر وعزت وبديع وأوباما والمخلوق القطرى.. ويشارك نتنياهو بالفيديو كونفرانس»، يعنى عندنا 7 رؤساء يا رجالة، وتحيا مصر أم الأرقام القياسية. وكل هذا فى كوم، والمسخرة فى كوم واحد منفرد، فما ناله مبارك من نكات طوال 30 سنة، لا يساوى ربع ما ناله الحكم الإخوانى فى أشهر معدودة، ولأن القاعدة السياسية الراسخة تقول إنه لا حكم دون هيبة، فنحن أمام نظام دون هيبة، نظام عاجز عن أى شىء وتتلخص قدرته فى انتزاع المسخرة من أفواه الناس، يرشقه ثوار من الشعب بالمولوتوف، بينما يشارك الشعب كله «أقصد الشعب الذى يحمل الجنسية المصرية لا جنسية التنظيم الإخوانى»، أقول يشارك الشعب كله بما هو أشد حرقاً من المولوتوف، إنها زجاجات المسخرة الحارقة الكاوية المهينة المذلة. هل يستطيع نظامنا السباعى الحاكم، أن يستمر فى الحكم فى مواجهة حشود المسخرة الزاحفة نحو قصره؟