يرقد محمود سيد أحمد (20 سنة) أحد مصابى حادث قطار البدرشين، فى مستشفى البدرشين لتلقى العلاج، وفى دقائق معدودة استطاع فيها الحديث، روى ل«الوطن» شهادته عن الحادث. «محمود» من محافظة سوهاج، حاصل على دبلوم زراعة، يقول إنه أكبر أشقائه الأربعة، لوالد يعمل مزارعاً، وكان يحلم باليوم الذى يسافر فيه إلى القاهره، فهو لم يشاهدها سوى من خلال التليفزيون، وعندما بلغ سن التجنيد ذهب إلى منطقة تجنيد أسيوط، وكان يطلب من الله أن يكون تجنيده فى القاهرة ليحقق حلمه برؤيتها، وعندما علم أنه أُلحق بالأمن المركزى وسيسافر إلى مركز تدريب مبارك، شعر أنه قريب جداً من الله ودعوته مستجابة. ويضيف «محمود» أن والده كان يتمنى أن يكون مركز تدريبه قريباً فى منقباد أو دهشور، وعندما علم بأن مركز تدريبه سيكون فى القاهرة، حذره قائلاً «يا ابنى مصر مش بتاعتنا وإحنا جينا الدنيا كمالة عدد»، فسأل والده عن سبب ما يقوله، فرد عليه الأب «أنت مش فاهم حاجة، أنت حمار». ويقول «محمود» إن «موعد السفر تحدد يوم الاثنين، وحضر جميع المجندين وركبوا القطار، من محطة أسيوط، ومن كثرة الفرحة لم يغلبنى النعاس، وكنت صاحى طوال رحلة السفر، وشاهدت ما حدث فى المنيا، وكنت قلقاً جداً إنهم يقولوا لنا ارجعوا، وسوف نحدد لكم ميعاداً آخر للسفر إلى القاهرة، وطلبت من ربنا أن أصل وأعيش فيها حتى ليوم واحد وبعد كده أموت، والحمد لله ربنا استجاب لدعوتى، لكنى دخلتها فى سيارة إسعاف». ويكمل «محمود»: «فيه سؤال عايز حد يجاوبنى عليه، علشان أرتاح وأفهم معنى كلام أبويا: هو ليه قطر الغلابة بس اللى بيعمل حوادث وإحنا بس اللى بنموت، والقطر المكيف عمره ما عمل حادثة، حتى يوم لما التكييف يتعطل الدنيا بتتقلب، هل اللى بيحصل لنا ده غضب من ربنا ولا عشان إحنا غلابة!». وأضاف: «إحنا مش بنتكلم وساكتين، قصدى على كل الصعايدة لأن كلهم غلابة، عشان عارفين إنه مفيش فايدة والحكومة عمرها ما هتعمل للصعيد حاجة، لأن ناس بحرى أولى مننا فى كل حاجة، ولما يحلوا مشاكلهم الأول اللى مش بتنتهى يبقى يفكروا فى الصعيد».