إسقاط دستور 1971 كان هدف القوى السياسية فى العقود الماضية، ووُضعت مشروعات دستور تصور أصحابها أنها يمكن أن تحل محل الدستور الذى يكرّس سلطات الفرعون. وعندما أقدم نظام مبارك على تعديل الدستور مرتين أعلنت قوى سياسية رفض «الترقيع»، مطالبة بدستور جديد. اليوم بعد أن أصبح الدستور الجديد «فرض عين» نجد اتجاهاً يطالب بترقيع دستور 1971 تحت ضغط إلحاح الوقت، والرغبة فى إنهاء «حكم العسكر». تصريحات تقول: إن الدستور المعطل كان جيداً، وصياغاته مثالية خاصة عند تناول الحقوق والحريات، المهم هو تناول العلاقة بين السلطات الثلاث، وصلاحيات رئيس الجمهورية. وهناك من يلمّح بأن ترقيع دستور 1971 يغلق الباب أمام الحديث عن المادة الثانية، وُيبقِى عليها فى شكلها الحالى. وهناك ممن يُطلق عليهم «فقهاء دستوريون» أو «خبراء فى القانون الدستورى» يتحدثون عن إمكانية وضع دستور فى أيام. تدليس سياسى، أو تدليس دستورى، سمِه ما شئت، أن نعيد دستوراً من مرقده، ثم نقوم بترقيعه حتى نتغلب على استحقاقات الوقت. عندما طالبنا بأن يكون «الدستور أولاً» سمعنا أن حكم العسكر لا يجب أن يطول، والوقت المتبقى من المرحلة الانتقالية «قُدّر لها فى البداية ستة أشهر» لا يكفى لوضع دستور، اليوم نعود ونقول: «الدستور أولاً»، وتقلّصت المدة من شهور إلى أسابيع، المهم ضع المادة على المادة، واحذف هذه وضف تلك.. سيكون هناك دستور فى النهاية! تدليس أن يُصنَع دستور الثورة بترقيع دستور ثار عليه المصريون. الغريب أن المطالبين بالترقيع الدستورى يرفضون ما يسمونه «ترشيح الفلول» لرئاسة الجمهورية، وحجتهم أنهم كانوا سند نظام مبارك فى جرائمه، أليس دستور 1971 هو أساس استبداد السلطة؟ وتقليص الحقوق والحريات بإحالة ممارستها إلى القانون، فيعطيك الدستور حقاً، ويترك القانون يسلبه منك. لا أريد أن أكون قاسياً فى الحكم، لكننى أستشعر أن الأغلبية السياسية الحالية تريد أن ترث نظام مبارك باستبداده، وعدم وضع ضوابط صارمة للعلاقة بين المال والسياسة، وتقييد حريات المواطن، والشواهد على ذلك كثيرة، وترقيع دستور 1971 ما هو إلا أداة لتحقيق ذلك.